بيرميخو دفع ثمن مشاركة الحكومة في التحقيقات التي قام بها القاضي الشهير بالتثار غارثون ضد الجزء الفاسد في الحزب الشعبي اليميني، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها إسبانيا، صار حمل لقب وزير ثقيلا على قلوب عدد ممن يشتغلون مع رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو، وكان أول من لجأ إلى الصفة المريحة «وزير سابق» هو ماريانو فيرنانديث بيرميخو، وزير العدل، الذي قدم يوم الاثنين الماضي استقالته إلى ثباتيرو، وشكل بذلك الحدث المفاجأة بالنسبة إلى وسائل الإعلام والرأي العام الإسباني مع بداية الأسبوع. دفع بيرميخو، الرجل الصامت، ثمن مشاركة الحكومة في التحقيقات التي قام بها القاضي الشهير بالتثار غارثون ضد الجزء الفاسد في الحزب الشعبي اليميني، بعدما توالت الانتقادات التي وجهها، في الأيام الأخيرة، ماريانو راخوي زعيم الحزب الشعبي إلى وزير العدل المستقيل. وخلال لقائه مع وسائل الإعلام، أشار بشكل غير مباشر إلى أنه تم استغلاله من طرف الحزب الشعبي في الصراعات القائمة بين أجنحته منذ شهور، موضحا في استقالته أنه بات مقتنعا بضرورة رحيله بعدما صار عمله والفريق الذي يشتغل معه موضع شكوك ونقد وبات يفضل، بالتالي، أن يكمل شخص آخر المهمة التي بدأ في مباشرتها، لذلك استقبله ثباتيرو في قصر المونكلوا وشكره على عمله، وتقرر أن يخلفه فرانسيسكو كامانيون كاتب الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان. لم يكن الوزير بيرميخو حذرا في الحرب التي وافق على أن يقودها القاضي غارثون ضد رؤوس الفساد في إقليم الأندلس وكذا بعد الاعتقالات التي طالت مقربين من الحزب الشعبي في فلنسية ومدريد، بل إن بيرميخو ذهب إلى حد القول إن لديه تصريحا من أجل أن يقود هذه الحرب من طرف رئاسة الحكومة، وهو ما جعل الانتقادات تمطر عليه من داخل الحزب الاشتراكي، إذ صرح خوسي بونو، رئيس مجلس النواب الإسباني، بأن الحملة التي قادها وزير العدل إلى جانب القاضي غارثون لم ترق لقيادة الحزب، كما أن النائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية، تيريزا دي لافيغا، أبانت عن برود في الدفاع عن وزير العدل المستقيل خلال الندوة الصحافية التي عقدتها بعد مجلس الحكومة يوم الجمعة الماضي، لذلك وجد الوزير بيرميخو نفسه يواجه الإعصار وحيدا رغم التصريحات المساندة له في إطار التضامن الحكومي، بيد أن الصحافيين لاحظوا كيف جلس ثباتيرو في مكان بعيد عنه خلال جلسة البرلمان وكأنه يتبرأ منه. وإضافة إلى انتقادات الحزب الشعبي بسبب التحقيقات التي قادها غارثون، فإن من الأمور التي عصفت بالوزير بيرميخو أزمة إضراب القضاة لأول مرة في تاريخ إسبانيا الديمقراطية والذي شارك فيه حوالي ثلث القضاة في إسبانيا، وسبقته حوارات ماراتونية من أجل وضع حد له قبل وقوعه، خصوصا وأن وزير العدل بات يلوح بأن الدستور الإسباني يمنع إضراب القضاة، هو الأمر ذاته الذي يردده ومسؤولو الحزب الاشتراكي الحاكم في ندواتهم الصحافية، لكن الجمعيات التي تمثل القضاة أصرت على موقفها بسبب حالة التردي التي يعيشها القطاع، وارتفاع ساعات العمل مقابل هزالة التعويضات، فالقاضي الواحد بإسبانيا يجد نفسه أمام عدد كبير من القضايا تلزمه دراستها والبت فيها، مما جعل الجهاز القضائي في إسبانيا يعاني من الروتين والبيروقراطية. وكان على الملك خوان كارلوس أن يستقبل صبيحة يوم الثلاثاء وزير العدل الجديد الذي اقسم أمامه على الدستور بحضور الملكة صوفيا ورئيس الحكومة خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو، الذي أراد بموافقته على الاستقالة أن يضع حدا لباب آخر انفتح في وجهه في وقت غير مناسب تماما بحكم أنه يواجه إعصار الأزمة الاقتصادية التي عصفت بشبه الجزيرة الإيبيرية. لكن ما لم يكن في حسبان ثباتيرو هو أن يصرح وزيره في الاقتصاد بأنه يحسد بيرميخو على تركه لمنصبه وتمتعه بصفة وزير سابق، وهو ما فجر سيلا من الانتقادات واعتبره ماريانو راخوي يعبر عن عدم المسؤولية والثقة، واضطر ثباتيرو إلى الرد قائلا إن بيدرو سولبيس وزيره في الاقتصاد شخص يعشق الدعابة رغم الانطباع الذي يمنحه بكونه شخصا جديا، فالمقربون منه يعلمون أنه شخص خفيف الظل. ندية وعلي وعبد الله لا شيء يجمع بين ندية ياسين، ابنة زعيم جماعة العدل والإحسان، شبه المحظورة، وعبد الله الطايع، الكاتب المغربي المقيم بباريس الذي يعلن شذوذه الجنسي، بل حتى مع علي المرابط الممنوع من الكتابة لمدة عشر سنوات، اللهم أنهم جميعهم يحملون الجنسية المغربية، وصنعوا استقالة مدير مهرجان كارتاخنة الإسبانية الذي أعلن أن المغرب هو ضيف الشرف للمهرجان، قبل أن تتدخل السفارة المغربية في مدريد التي مارست ضغوطا من أجل منع مشاركة لمرابط وندية ياسين في المهرجان وتزكية مشاركة الكاتب عبد الله الطايع، وهو ما أدى إلى إثارة غضب مديرة المهرجان هذه الأخيرة التي انسحبت، احتجاجا على الضغوطات التي مارستها الدبلوماسية المغربية بمدريد على إدارة هذا المهرجان، بغرض منع كل من علي لمرابط وندية ياسين من المشاركة فيه. وعبرت المديرة الإسبانية عن رفضها «لهذه الرقابة على حرية التعبير التي من المفروض أن تحترم في البلدان الديمقراطية»، على حد تعبيرها. لكن المفاجأة الكبرى هي عندما بعث الطايع نفسه رسالة إلى صحيفة «إيل باييس»، يحتج فيها على منع علي لمرابط وندية ياسين من حضور المهرجان، متسائلا في رسالته «من منا المغربي؟»، فالطايع اعتبر أن الطريقة التي تم بها منع ابنة زعيم العدل والإحسان والصحافي علي لمرابط تبين أن المغرب يقبل بأن يستضيف شخصا يعلن شذوذه الجنسي ليمثله في المهرجان في الوقت الذي يرفض فيه حضور صحافي لاجئ إلى إسبانيا وابنة زعيم حركة إسلامية. وفي رسالته التي نشرتها الصحيفة الإسبانية واسعة الانتشار، قال الطايع: «في المغرب ليس من السهل أن تأخذ الكلمة، وأنا أعرف عماذا أتحدث، فقد ترعرت في سلا بالقرب من الرباط، في وسط عائلة فقيرة وفي ظل عزلة وخضوع تام، وكان المغرب في تلك الفترة بدوره لا ينتمي إلي، وكان المجتمع المغربي غير موجود، لم يعلموني كيف أتكلم، طلبوا مني التزام الصمت، لأن ذلك يمثل التربية الحسنة.. أن تتكلم في المغرب، فهذا نوع من الترف، فالذين يتمتعون به يتحملون المسؤولية نيابة عن الآخرين». ويضيف الطايع: «ماذا يعني منع ندية ياسين وعلي لمرابط؟ هل يعني أن الشاذ جنسيا مرحب به في إسبانيا، في الوقت الذي يرفض فيه حضور امرأة تنتمي إلى حركة إسلامية وصحافي كانت له مشاكل كبرى مع السلطات المغربية؟ لا يمكن أن أقبل بذلك، لا يمكنني أن أتركهم يتحكمون في على هذا المنوال، لا أريدهم أن يمنحوني الكلمة على حساب مغاربة آخرين، إذا كنت قد تكلمت عن شذوذي الجنسي في المغرب، فذلك كان ناتجا عن حاجة داخلية، كان فقط من أجل الاعتراف بالحقوق الفردية، وليس من أجلي كفرد فقط. مصادر من منظمي المهرجان، قالت ل»المساء» إنها لم تكن تتوقع أن تنفجر في وجهها كل هذه البالوعة من المشاكل بسبب رغبتهم في حضور ألوان الطيف من المجتمع المغربي في المهرجان المهدى إلى المغرب، لكن يبدو أن المغاربة صاروا يتفننون في نشر غسيلهم على أسطح جيرانهم الإسبان. أوسكار آخر لإسبانيا بعد خابيير بارديم، الذي حصل على جائزة الأوسكار وأهداها لوالدته، جاء دور الممثلة الإسبانية الحسناء بينالوبي كروز، التي توجت كأول إسبانية بجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم «فيكي كرستينا برشلونة»، وبذلك توجت ابنة مدريد مسارها الحافل بأرفع جائزة في عالم السينما التي أهدتها إلى المخرج ودي آلان وإلى الشخصية الإسبانية التي صنع نجاحها المخرج بيدرو المودوبر، الذي ساهم في انطلاقتها والدفع بها للمشي فوق البساط الأحمر. كان التأثر واضحا على تقاسيم الممثلة الإسبانية التي باتت تسكن الطائرات لتسلم الجوائز عن أدوارها في عدة أفلام منها «العودة» لألمودوبر، واعترفت بأنها أحست فجأة بفقدان صوتها عندما نودي عليها لتمشي فوق البساط الأحمر، فالأوسكار حلم عمرها، بل حلم الإسبان الذين منحهم خابيير بارديم أول فرصة للمس الأوسكار، لذلك اتصل ثباتيرو مباشرة بعد الحفلة بالممثلة الإسبانية لتهنئتها، فإسبانيا في حاجة فعلا إلى مثل هذه الجوائز في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها والمشاكل السياسية التي تمزقها في الوقت الراهن.