- ما هو تقييمكم لواقع حرية الصحافة بالمغرب عام 2008؟ < لا ينكر أحد أن المغرب بدأ منذ أكثر من عشر سنوات يخطو خطوات إيجابية على طريق حرية الصحافة ويشهد تكاثر الصحف المتحررة من قيود الرقابة الذاتية والعابرة للخطوط الحمراء. ولا شك أن هذه الخطوات قد تحققت أساسا بفضل نضال صحفيين ونقابيين وحقوقيين مدركين لأهمية دور الصحافة الحرة والجريئة في بناء غد أفضل. لكن -للأسف- سرعان ما شرعت بعض الدوائر الرسمية والجهات التي تأتمر بأوامرها في السنوات القليلة الماضية في حصار الصحف الأكثر جرأة ومعاقبة الصحفيين الأشد نقدا لأداء السلطة. والأمثلة على ذلك عديدة، رصدتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية وكذلك المنظمات المعنية بحرية الصحافة. - كيف كانت انعكاسات الانفتاح الإعلامي على وضعية الصحفيين بالمغرب؟ < للإجابة عن هذا السؤال، يحتاج المرء إلى دراسة شاملة ودقيقية لما طرأ من تغيير على وضعية الصحفيين منذ الإعلان في التسعينيات عن نهاية سياسة القبضة الحديدية على الإعلام وما نجم عن هذا القرار السياسي من بروز صحف خاصة متحررة من قيود الرقابة الذاتية وغير موالية لأحزاب سياسية. ومن الطبيعي أن يتكاثر في مثل هذا المناخ السياسي الذي ولد آمالا عريضة عدد الصحفيين الراغبين في ممارسة مهنتهم بكل حرية، ظنا منهم أن زمن الاعتداءات على حرية الصحافة قد ولى إلى غير رجعة. لكنهم سرعان ما أدركوا، خاصة بعد صدور أحكام جائرة بالسجن في حق صحفيين مثل علي المرابط، الذي تم منعه من ممارسة المهنة الصحفية لمدة عشر سنوات، أو بالغرامات المالية الرامية، إلى خنق صحف مثل «لوجورنال» و«تيل كيل» ثم «المساء»، أن الانفتاح الاعلامي سيظل مهددا ومعرضا لمزيد من التراجع طالما لم يتم توفير الحماية من الاعتداءات على الصحفيين وضمان الحق في الحصول على المعلومات وتنقية قانون الصحافة من العقوبات السالبة للحرية - من خلال المقارنة بين دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، كيف تصنفون الاعتداءات على الصحافة بالمغرب؟ تركز اهتمام لجنة حماية الصحفيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خاصة على ما جد من اعتداءات إسرائيلية على مؤسسات صحفية فلسطينية وقتل صحفيين فلسطينيين ومنع العديد من الصحفيين من تغطية غزوها في نهاية العام الماضي لقطاع غزة. كما لاحظت تراجعا لحرية الصحافة في كل الدول العربية، ومن بينها المغرب ومصر، خاصة بعد إقرار وزراء الإعلام العرب وثيقة تهدف إلى الحد من حرية البث الفضائي ومعاقبة الفضائيات الأكثر تركيزا على المشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية العربية. علما بأن هذين البلدين شهدا اتساعا نسبيا لهامش حرية الصحافة، لكنه بدأ في الانحسار منذ حوالي سبع سنوات. إن ما يبعث على الاستغراب أن بعض المسؤولين في المغرب وغيره من الدول العربية كثيرا ما يغضون الطرف عما تقترفه حكوماتهم من اعتداءات على حرية الصحافة أو يقللون من خطورتها ليذكروك بأن هناك دولا شقيقة لها سجل أسوأ في مجال تكبيل الصحافة وإسكات الصحفيين. وكأن العرب مكتوب عليهم ألا يقارنوا أوضاعهم بما حققته أمم أخرى في أوروبا وإفريقيا وأمريكا تخلصت في الأمس القريب من الاستبداد وتعتمد اليوم على صحافة حرة طليقة للسير نحو الأفضل وحماية مؤسساتها الديمقراطية.