6 نقابات تعلن إضرابا في المستشفيات اليوم وغدا وإنزال وطني بسبب "تهديد صفة موظف عمومي" (فيديو)    وليد الركراكي يعلن عن اللائحة الرسمية التي ستواجه منتخبي الغابون وليسوتو    نزهة بدوان نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع بالإجماع    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    إصلاح الضريبة على الدخل.. المحور الرئيسي لمشروع قانون المالية 2025    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    بوصوف يكتب: خطاب المسيرة و الإجابات الوطنية الكبرى..    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    خيارات الركراكي: غياب زياش عن لائحة أسود الأطلس يثير التساؤلات    مغاربة مستغربون من الحصيلة العامة لإحصاء 2024    عمر حجيرة: المغرب يعتبر فاعلاً اقتصاديًا بارزًا في القارة الإفريقية    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بالصور .. عامل الجديدة يوشح مجموعة من الموظفين بأوسمة ملكية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية        جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    "خطاب المسيرة".. سحب ضمني للثقة من دي ميستورا وعتاب للأمم المتحدة    تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    جو بايدن يشيد بهاريس رغم الخسارة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    "جهة طنجة" تتقوى بمشاريع تنموية    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن أعضاء لجنة تحكيم دورته ال21        خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    كيوسك الخميس | القطاع السياحي يواصل تحطيم أرقام قياسية    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    لأول مرة.. شركة ريانير الإيرلندية تطلق خطوط جوية للصحراء المغربية    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبرمج تسهيلات مهمة للمتقاعدين    ماهي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    انطلاق مهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي في نسخته 13    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان        انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرامج الثقافية: بين الكائن والممكن
نشر في المساء يوم 23 - 02 - 2009

ما طبيعة الحضور الكمي والكيفي للبرامج المهتمة بالشأن الثقافي ضمن شبكة البرامج على القنوات العمومية؟ وكيف يتعاطى المعلن والراعي مع هذا الصنف من البرامج؟ ما هو الشكل السائد في المعالجة الفنية والإخراجية للبرامج الثقافية؟
قبل أن نستقصي آراء فاعلين ومهتمين بالحقل الإعلامي، نسجل بداية مجموعة من الملاحظات تتمثل في:
أولا، النقص الحاد في نسبة هذه البرامج والتقليص من وتيرتها، كما هو الحال في تعامل القناة القاسي مع برنامج ديوان الذي انتقلت وتيرته من أسبوعي إلى شهري، أو تقديمها في ساعة بث متأخرة خارج ساعات الذروة، كما هو الشأن بالنسبة إلى برنامج مشارف الذي يعلن عن توقيته في الساعة العاشرة والنصف ليلا بينما نشرة الأخبار وتفاصيلها قد تقذف به الى ما بعد الحادية عشرة وأحيانا إلى الثانية عشرة ليلا.
ثانيا، بؤس الديكور وفقر الإنتاج، وفي مقابل ذلك يغدق بكرم حاتمي على البرامج التافهة من المنوعات إلى المسابقات.
فما معنى وجود برنامج ثقافي في شبكة برامج التلفزيون؟ سؤال وجهته «المساء» إلى الشاعر ياسين عدنان، منشط برنامج مشارف بالقناة الأولى، الذي رد قائلا:»إن وجود الثقافة في التلفزيون أكثر من ضرورة، لأن اختزال احتياجات المجتمع في الترفيه والفرجة البسيطة يظلم هذا المجتمع، فمجتمع دينامي ومتحرك مثل المجتمع المغربي لا يمكن إلا أن تكون الثقافة مطلبا أساسيا من مطالبه، وبذلك تصبح البرامج الثقافية جزءا من مبدأ الخدمة العمومية التي يبقى التلفزيون العمومي مطالبا بها، فمن خلاله يطل صناع الأفكار في المجتمع، مثقفين ومفكرين، للتواصل مع الفئة المستهدفة والتي من أجلها يبدعون تصوراتهم وتأملاتهم وطروحاتهم النظرية والفكرية، فالتلفزيون، مثله مثل الجريدة والمجلة والكتاب، هو قناة أساسية للتواصل. وبالمناسبة، فإن أحد معايير تطور مجتمع ما هو ازدياد الطلب على مثقفيه في التلفزيون، حيث نلاحظ في المجتمعات المتقدمة أن برامج المنوعات والبرامج الترفيهية تستضيف المثقفين والأدباء، لأن القراءة في هذه الحالة تصير، أولا، شأنا عموميا ثم مصدرا للمتعة ولإمتاع القارئ.
في المغرب، الأمية لازالت مستفحلة، وبالتالي التواصل المباشر بين المجتمع والمثقف والأديب عبر القراءة لا زال حلقة مفقودة، وبقدر ما يبرر هذا الوضع عزوف التلفزيون عن استضافة المثقف والتعامل معه أحيانا باعتباره ضيفا ثقيلا، فإنه في العمق ينبهنا الى حاجتنا إلى التلفزيون لكي يتحمل مسؤوليته لتجسير الهوة بين المثقف والمجتمع، وإلا فالمجتمع الذي لا يتخذ الثقافة خلفية له وقاعدة موجهة إلى تفكيره يصير مجتمعا سائبا لا يمكن أن ننتظر منه إلا الحماقات».
ومن جهته، اعتبر عبد الرزاق الزهير، باحث في سيميولوجية الصورة، التقصير الحاصل على مستوى حضور البرامج الثقافية بالشكل المطلوب على مستوى شبكة البرامج يعود، بالأساس، إلى حسابات الداعم والمستشهر المحتمل لهذه البرامج في علاقتها بالجمهور: فإذا كانت لا تمس جمهورا عريضا فإنها بدون مردودية أو إنتاجية تبعا للخدمة أو السلعة التي يروم ترويجها عبر وصلات من خلال هذه النوعية من البرامج، وهذا ينسحب بصيغة أخرى على مسؤول البث، أي التلفزيون العمومي، وهذا الوضع تشترك فيه مجمل القنوات التلفزية وحتى المختصة منها كماهو الشأن بالنسبة إلى القناة الفرنسية الخامسة أو القناة الفرنكوألمانية، فهي تواجه صعوبة الاستمرارية في غياب الداعم أو المستشهر.
على صعيد آخر، أثار الزهير شكل تعاطي المهتمين بالشأن الثقافي والمشتغلين في البرامج الثقافية مع الوسيط التلفزيوني قائلا:»إن تعامل هؤلاء مع التلفزيون لا يستحضر خصوصية هذا الوسيط في تقديم العمل الثقافي من خلال مجموعة الصور والحركات والأصوات في إطار توليف معين يسهم في اندماج هذا المنتوج الثقافي مع هذا الشكل أو الحامل الجديد ويستفيد من كل مكوناته».
ويضيف : «ما نلاحظه على برنامجي ديوان ومشارف هو كونهما عبارة عن حوارات أو ندوات تغيب جانب الشكل أي ما سميناه بالحامل أو الشكل أو الدال التلفزيوني، ولهذا فإني أرى أن هذه الأعمال انتقلت بنفس التصور اللفظي، أو التصور اللغوي، أو التصور الشفوي، إلى التلفزيوني، ولا نرى أي اختلاف بين حوار ثقافي أو ندوة أو في الراديو أو داخل ناد، بمعنى أن التلفزيون كلغة مركبة لم توظف بشكل جيد لكي نقدم الإنتاج الثقافي في تنوعه وثرائه، إذن النتيجة هي منتوج ثقافي سيهتم به المثقف وسيركز على الجانب التيماتي، جانب المدلول وجانب المضمون، أما المتفرج العادي فسينفر من هذه البرامج ويدير ظهره نحو قنوات أخرى توفر له التسلية والترفيه، لكون البرنامج لا يتوفر على تصور إخراجي وجمالي يشد انتباه المشاهد العادي.
ودعا الزهير إلى تضافر الجهود ما بين المثقف وما بين الإعلامي بالجلوس إلى مائدة التفكير للتأمل في تأثيث برامج ثقافية بالمعنى الصحيح للكلمة، بمعنى أن تمرر خطابا فكريا عالما وفي نفس الوقت أن تحسن توظيف اللغة السمعية البصرية، سواء على مستوى سلم اللقطات أو على مستوى الإنارة وغيرها في هذا المجال، بمعنى أنه يجب تحبيب البرنامج للمشاهد حتى لا نقول لم ينجح البرنامج الثقافي في ولوج التلفزيون.
وأردف قائلا :»لا نريد برامج ثقافية عن كلام مصور بل ينبغي أن تكون أعمال ثقافية نابعة من الداخل حتى نقول إن هذا البرنامج الثقافي خالص للتلفزيون، فقبل التفكير في البرنامج يجب أن نفكر في شكله، تقطيعه، تركيبه، بعده الجمالي والفني، بمعنى أن شكله هو أيضا إشكال ثقافي، عليه أن يؤزم لغة التلفزيون، وعلى المشرف على البرنامج الثقافي أن يعي بشكل جيد خصوصية البرامج التلفزيونية» .
على صعيد آخر، طرحنا على مجموعة من المثقفين سؤالا يهم انتظاراتهم على مستوى الخدمات التي يمكن أن يقدمها التلفزيون العمومي إلى الشأن الثقافي، فأعربوا، بما يشبه الإجماع، عن تسجيل النقص الحاد في البرامج الثقافية مقارنة بالبرامج الترفيهية والسهرات، وطالب بعضهم بأن يتم تخصيص كبسولات أو برامج قصيرة بوتيرة أسبوعية ترصد جديد دور النشر على مستوى الإبداع الأدبي والفكري والمعرفي وفي مجال العلوم الإنسانية، وبأن تخصص برامج قصيرة للتعريف بالكتاب، مع إعطاء حيز أكبر للكتب التي تخلق الحدث، وأن يتعرف المشاهد المغربي على الأبحاث المنجزة والرسائل الجامعية على مستوى الكليات والمعاهد .هذا فضلا عن تخصيص إطلالة شهرية للرموز الثقافية الكبرى، كالعروي والخطيبي والجابري وغيرهم، حتى يتسنى للأجيال الجديدة التعرف على هاته الأهرامات الفكرية. وألح بعض آخر على ضرورة قيام القنوات المغربية باستطلاعات وربورطاجات حول واقع القراءة بالمغرب ووضعية المكتبات وكل ما يرتبط بالبنية التحتية للكشف عن بعض معيقات النهوض التربوي ولتحسيس المواطنين بأهمية القراءة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.