أدانت المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم، في وقت متأخر من ليلة أول أمس الخميس، جميع المتهمين في قضية أحداث الخنيشات، وقررت متابعتهم بما نسب إليهم من تهم، تتعلق بالمساهمة في عصيان، نتج عنه ضرب وجرح، وسرقة وإلحاق خسائر مادية بمنقول مملوك للغير، وتخريب وتعييب بناء وملك مخصص للمنفعة العامة، والحكم عليهم بعقوبات حبسية نافذة تتراوح ما بين 10 أشهر وشهرين، وبغرامات نافذة قدرها 500 درهم لكل واحد منهم، وبتحميلهم الصائر، تضامنا، وإرجاع السيارة المحجوزة إلى من له الحق فيها، ورفض جميع الدفوعات الشكلية التي تقدم بها دفاع المتهمين. وهكذا قضت المحكمة بمؤاخذة المتهم هشام المراني من أجل ما نسب إليه والحكم عليه ب10 أشهر حبسا نافذا، والحكم على المتابعين حسن عزام وإدريس الشوك وبرزيت سعيد وأحمد طيطا ب6 أشهر حبسا نافذا، فيما قررت عدم مؤاخذة المتهمين بوجمعة الوافي وجمال المداد من أجل باقي المنسوب إليهما، والحكم على كل واحد منهما ب3 أشهر حبسا نافذا، في حين أدانت المحكمة نفسها كلا من امجيد برزيت والمصباحي عبد العالي والمزابي جواد من أجل جريمة السرقة، وتم الحكم على كل واحد منهم بشهرين حبسا نافذا، وقضت بعدم متابعتهم من أجل باقي المنسوب إليهم والتصريح ببراءتهم منه. وعرفت جلسة النطق بالأحكام جدلا واسعا بين هيئة الدفاع والنيابة العامة في ما يخص طبيعة الدفوعات الشكلية الموجبة لبطلان محاضر الضابطة القضائية واستدعاء شهود الإثبات، ففي الوقت الذي أكد فيه ممثل الحق العام أنه لا بطلان إلا بوجود نص، وأن المحاضر سليمة، شأنها في ذلك شأن فصول المتابعة، معتبرا أن اعترافات الأظناء وسيلة ثبوتية وصورة من صور التلبس، دفع محامو المتهمين، خلال مرافعاتهم، بغياب حالة التلبس، واعتقال المتهمين خارج الأوقات القانونية، واللجوء إلى الإكراه والعنف، لتلفيق التصريحات والاعترافات، وعدم إشعار عائلة المعتقلين بوضعهم تحت الحراسة النظرية، والاعتماد على إخباريات أشخاص ليست لهم أي صفة لاعتقال المتهمين، وغياب محضر المعاينة، وضرورة استدعاء الشهود، حيث طالبت هيئة الدفاع بإجراء بحث تكميلي وتجميد الملف والقيام بتحقيق ميداني، وعرض المتهمين على خبرة طبية في ظل الإنكار التام، واستنكار الخروقات الفظيعة التي طبعت هذا الملف. وكانت أقوى لحظات هذه الجلسة حينما بادر أحد المحامين إلى سرد مختلف أشكال وأنواع التعذيب، التي تعرض لها المتابعون، أثناء فترة احتجازهم، واستنطاقهم بمخفر الدرك الملكي، من تجريد للملابس، وصعق بالكهرباء، والتهديد بإجلاسهم على «القرعة»، وسبهم وقذفهم، وإدخال «تقاشر خانزة في فم أحدهم «، وتعليقهم، حيث ساد قاعة الجلسات جو من البكاء، وتصاعدت همهمات خافتة، مستنكرة ما حدث، وبدا مشهد المتهمين، وهم يذرفون الدموع، وفي حالة من الخجل مما وقع لهم، مؤثرا ومثيرا للشفقة، تجاوب معه كل من كان متواجدا حينها بالقاعة، بمن فيهم رئيس الجلسة الذي خاطبهم بالقول: «صبرو شوية، وكونو رجالة». وفي تصريح ل«المساء»، وصف المحامي عبد النبي بنزينة الأحكام الابتدائية الصادرة في هذا الملف ب«الجد قاسية»، وأنها لم تراع فيها الوضعية القانونية للملف، ولا ظروف النازلة، ولا حتى الظروف الاجتماعية للمتهمين، حسب تعبيره، وأضاف قائلا: «في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الخنيشات رفع الحظر عن المساعدات وتوفير الإعانات، نزلت عقوبات جائرة على أبنائها» مبديا عدم استغرابه من عدم قبول المحكمة للدفوعات الشكلية التي تقدمت بها هيئة الدفاع، وزاد موضحا: «في غالب الأحيان لا تتوفر هيئة الحكم على الجرأة لإبطال المحاضر، رغم ثبوت الخروقات».