اعتبر المرصد المغربي للحريات العامة أن حماية الصحافيين تشكل أحد الأركان الأساسية لضمان حرية الممارسة الصحفية، مشيرا في هذا السياق إلى أن سنة 2008 عرفت تعرض العديد من الصحافيين، في مختلف المدن المغربية، لشتى أنواع التعسف والاعتداء والتهديد والمتابعات، مما يحول دون أداء الصحافيين لواجبهم المهني، وهو ما يستدعي وجود قضاء كفء ومستقل يضمن حرية الرأي والتعبير. وجاء في التقرير السنوي، الذي أعده المرصد المغربي للحريات العامة، حول ممارسة الجمعيات والتجمعات العمومية وحرية ممارسة الصحافة، أن هذه الأخيرة كانت عرضة لاعتداءات، خاصة من طرف رجال الأمن الذين لم يترددوا، خلال السنة الفارطة، في استعمال شتى أنواع الضرب والسب والشتم وحجز آلات وأجهزة الصحافيين، بالإضافة إلى اعتداءات أخرى تعرض لها الصحافيون من طرف منتخبين ومسؤولين إداريين ومسؤولي أندية رياضية، وأحيانا من طرف مواطنين، دون أن تتدخل السلطة. وسجل تقرير المرصد المغربي، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، حالات اعتداء على الصحافيين من طرف مجهولين كذلك، دون أن تتوصل الأجهزة الأمنية، لحد الآن، إلى الكشف عن مرتكبي تلك الجرائم، مما يطرح بإلحاح إشكالية حماية الجسد الصحافي وضمان أمنه على الدولة المكلفة بحفظ أمن المواطنين. ويهدف المرصد المغربي للحريات العامة، من خلال أنشطته الحقوقية، إلى المساهمة في بلورة وإعداد منظومة قانونية لحماية الحريات العامة والنهوض بها، وتقوية الجمعيات والشبكات في مجال رصد الخروقات ذات الصلة بالحريات العامة، وتقوية قدرات الجمعيات والشبكات في مجال الترافع من أجل احترام الحريات العامة، والمساهمة في الدفاع عن احترام الحريات، من خلال اتباع آليات النشر والإخبار والرصد ومتابعة الخروقات وإعداد التقارير. إلى ذلك، قسم المرصد نوعية الانتهاكات المرصودة، في ما يتعلق بحرية الصحافة لسنة 2008، إلى أربعة أنواع من الانتهاكات؛ يأتي في مقدمتها منع الصحافيين من أداء مهامهم بنسبة 57.89 بالمائة من الحالات، ثم الاعتقال والمحاكمة بنسبة 26.32 في المائة، يليه الانتهاك المتعلق بالتهديد والسب في حق الصحافيين بنسبة 10.53 في المائة، وأخيرا المحاكمة بسبب نشر مقال بنسبة 5.26 في المائة. وأشار تقرير المرصد المغربي للحريات العامة إلى أن الحق في الوصول إلى مصادر الخبر يظل ناقصا، رغم التنصيص على ذلك في القانون الأساسي للصحافي المهني الصادر في سنة 1994، وكذا في قانون الصحافة المعدل سنة 2002، داعيا إلى ضرورة الاستناد إلى تجارب الدول الديمقراطية لصياغة مساطر وإجراءات عملية تمكن الصحافيين والرأي العام من الاطلاع على ما يجري في الحياة العامة للبلاد. وفي نفس السياق، أكد التقرير أن عمل الهيئة العليا للقطاع السمعي البصري ظل محدودا، ولم تتمكن من لعب دورها كاملا وبشكل جدي في إصلاح القطاع العمومي، ليقتصر دور الهيئة على مجرد إصدار أحكام متعلقة بالإشهار وأخرى بالتوقيت، والرد على الطلبات وتسليم الرخص. وكانت مسألة المتابعات القضائية الأخيرة لبعض الصحف الوطنية حاضرة في تقرير المرصد المغرب للحريات العامة، حيث ذكر في هذا الصدد أن تلك المتابعات خلقت جدلا قويا حول العلاقة بين الصحافة والسلطة من جهة، وبين الصحافة والقضاء من جهة ثانية، مضيفا أنه في الوقت الذي تتهم فيه الصحافةُ السلطةَ بالوقوف وراء إسكات صوتها بإصدار أحكام بتعويضات مالية باهظة، تنفي السلطة أي علاقة لها بالموضوع، محيلة على القانون الذي يحكم حرية التعبير. ويسوق التقرير، في نفس السياق، رأي الملاحظين وضمنهم النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي يقول إن تبعية القضاء للسلطة تشكل عائقا كبيرا أمام أي تطور في ممارسة حرية الصحافة، في ظل وجود أحكام بالمنع من ممارسة المهنة وبغرامات وتعويضات مالية جد مرتفعة، وفي غياب تام للمساطر والنصوص القانونية. ويخلص التقرير، الذي أعطى أمثلة على بعض حالات الانتهاكات كاعتقال الصحافي مصطفى حرمة الله والمدون فؤاد مرتضى، والحكم على يومية «المساء» بتعويض باهظ لفائدة أربعة نواب لوكيل الملك، إلى أن حرية الصحافة تطرح بإلحاح إشكالية أخلاقيات المهنة والمسؤولية في مقابل الحرية، مما يستدعي وجود قضاء كفء ونزيه ومستقل، يستند في أحكامه إلى تفسيرات دقيقة لا إلى تأويل مواد فضفاضة في القانون يكون لها الأثر السلبي على حرية الرأي والتعبير، وبالمقابل ينبغي على المنتسبين إلى الجسم الصحافي التحلي بأخلاقيات المهنة وتحصين الصحفيين والصحافيات مما وصفه التقرير ب«الممارسات» السلبية غير الأخلاقية والضارة بسمعة المهنة.