سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أقلعي: إضرابات المناجم تحركها أهداف سياسية وليست نقابية فقط المدير العام ل«مناجم» قال: لا يمكننا إخراج غرام واحد من الذهب دون مراقبة واتهامنا بالتهريب لا أساس له
يستعرض إسماعيل أقلعي، مدير عام «مناجم» قطب المعادن الأساسية، في هذا الحوار أسباب الإضراب الأخير لعمال منجم «عقا»، والحلول التي قدمتها الشركة لحل المشكل. كما يفسر مسألة توالي الإضرابات في مناجم الشركة، معتبرا أن الأمر له علاقة بأهداف سياسية وليست نقابية فقط. ويتطرق أقلعي، كذلك، إلى دور الشركة في تنمية المناطق المنجمية، ويرد على الاتهامات الموجهة إلى «مناجم» بتهريب الذهب واستفادتها من غطاء الهولدينغ الملكي. - يخوض مجموعة من العمال التابعين للشركة إضرابا في منجم «عقا» ما هي أسباب هذا الإضراب؟ أولا، لابد من الإشارة إلى أن «عقا» كان منجما للذهب، ولكن منذ حوالي 5 سنوات اكتشفنا منجما للنحاس في المنطقة. كما لاحظنا أن احتياطيات الذهب في المنجم بدأت تتراجع بشكل كبير، إذ انخفضت خلال السنة الأخيرة بحوالي 30 في المائة. وهذا الأمر أثر على مستوى النشاط في منجم الذهب مقابل زيادة نشاط منجم النحاس، وهو ما دفعنا إلى توقيف الورش، الذي تشرف عليه الشركة المناولة «طوب فوراج»، والذي يبعد بحوالي 28 كيلومترا عن منجم «عقا»، والذي يشغل 26 شخصا. مباشرة بعد ذلك خاض هؤلاء العمال إضرابا منذ يوم الخميس 11 يوليوز الجاري إلى غاية 24 من نفس الشهر. وقد اقترحت شركة «طوب فوراج» على هؤلاء الاستفادة من تعويض أو تعيينهم في مواقع أخرى. وقد اختار 16 عاملا الحصول على تعويض عن إنهاء عقدهم مع الشركة، في حين قبل 3 عمال بتعيينهم في موقع «أومجران»، فيما طالب عاملان آخران مهلة للتفكير. أما العمال الخمسة الباقون، وهو منضوون تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد طالبوا بأن يتم تعيينهم بمركز منجم «عقا» بأحد الأوراش التابعة لمشغلهم «طوب فوراج». ونظرا لتراجع وتيرة النشاط بهذه الأوراش، فقد تعذر على الشركة الاستجابة لمطلب العمال المعنيين. وعلى إثر ذلك، قرر العمال الخمسة الاعتصام مع حوالي 140 عاملا تابعين لمختلف المقاولات ومنخرطين في التنظيم النقابي نفسه، احتجاجا على رفض مطالبهم. - لكن العمال يبررون قرار الإضراب بغياب الحوار الجاد من طرف الإدارة وعدم احترام دورية أداء الأجور والتسريح الجماعي. ما ردك على ذلك؟ في العادة عندما تنشأ خلافات بين الإدارة والعمال يتم الركوب على مجموعة من التبريرات والأسباب لإضفاء الشرعية على المطالب، وهو الأمر الذي حدث بالنسبة لمنجم «عقا». وأشير هنا إلى أن هناك نقابتين تمثلان العمال في هذا المنجم، هما الاتحاد المغربي للشغل الذي يمثل 75 في المائة من العمال، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي تمثل النسبة القليلة المتبقية من العمال. وخلال هذه السنة تم الاتفاق على الملف المطلبي الخاص بالنقابتين، وقد شرعنا في تنفيذ الملف المطلبي الخاص بالاتحاد المغربي للشغل، في حين تعذر تنفيذ الملف المطلبي بالنسبة للكونفدرالية بسبب مشكل العمال الخمسة الذين طالبوا بتعيينهم في منجم «عقا»، وهذا يعني أن جميع المشاكل العالقة بين الشركة والنقابتين تم حلها باستثناء المشكل الأخير الذي أوصلنا إلى الباب المسدود، وبالتالي، فإن ما يتحدث عنه بعض العمال يبقى مجرد تبريرات لإضفاء الشرعية على مواقفهم. - هل كان هناك تأثير للإضراب على السير العادي لنشاط منجم «عقا»؟ المنجم يشغل حوالي 800 عامل، منهم 700 في ورش الذهب، و100 في ورش النحاس. وبحكم تراجع نشاط منجم الذهب أصبح العمال السبعمائة في المنجم ينتجون فقط 200 كيلوغرام من الذهب مقابل 700 كيلوغرام سابقا، وبالتالي فإن توقف عدد قليل من العمال عن ممارسة مهامهم بالمنجم لم يؤثر نهائيا على النشاط الذي يعرف أصلا تراجعا كبيرا. - هل تتوقع حل مشكل الإضراب في المنجم قريبا؟ لقد تم بالفعل وقف الإضراب، بعد اجتماع ضم عامل تيزينت ومسؤول بشركة «طوب فوراج»، وتم خلاله الاتفاق على التحاق 3 عمال بموقع «أومجران» بعدما وافق عاملان، في وقت سابق، على المقترحات التي قدمتها الشركة. وهذا يعني أننا ضيعنا أكثر من أسبوعين في حل مشكل «مفتعل» ورجعنا في الأخير إلى نقطة البداية وإلى الحلول التي اقترحتها الشركة، والتي كانت معقولة تماما. - كيف تفسر الإضرابات المتتالية في مناجم الشركة؟ الحديث عن إضرابات متتالية في مناجم الشركة يبقى نسبيا، فنحن نملك 8 مناجم، وخلال السنوات الأخيرة لم تسجل سوى حالات إضراب معدودة، منها واحد بمنجم «بوازار» سنة 2012 والإضراب الأخير بمنجم «عقا» هذه السنة. وبالعودة إلى هذه الإضرابات، وخاصة إضراب «بوازار»، أشير إلى أن ذلك كان له علاقة بالمناخ السياسي الذي عرفته بلادنا، وكذا موجة الربيع العربي التي ضربت مجموعة من البلدان، حيث استغل عدد من الأشخاص، الذين لا علاقة لهم بالعمال، تلك الظرفية من أجل تحريك الإضراب والاحتجاجات الاجتماعية، من أجل أهداف سياسية وليس نقابية فقط. ولابد من التذكير هنا بمشكل منجم «بوازار»، فهذا المنجم شهد احتجاجات من طرف شباب المنطقة ومطالب بالتشغيل تزامنا مع الحراك الاجتماعي، وقد اضطررنا في الشركة إلى توظيف 300 شاب إضافي، وهو الأمر الذي جعل عدد عمال المنجم ينتقل من 1600 إلى 1900 عامل، في الوقت الذي سجل سعر «الكوبالت» تراجعا قويا، إذ انتقل من 25 دولارا إلى 10 دولارات فقط، مما جعلنا مهددين بالإفلاس، والدليل على ذلك أننا خسرنا في «بوازار» 12 مليار سنتيم. والخطير في منجم «بوازار» أن الخلافات بين إدارة الشركة والنقابات دفعت حوالي 150 عاملا من أصل 1900 عامل إلى تنفيذ إضرابات واحتلال المعامل التابعة للمنجم للضغط على الشركة، وهو ما دفعنا إلى وقف العمل بالمنجم لمدة 3 أسابيع، لكن مع مرور الوقت استطعنا التوصل إلى حلول أرضت كافة الأطراف وأعادت الأمور إلى نصابها من جديد. - قلت إن هذه الإضرابات تحركها أهداف سياسية وليست نقابية فقط. أليس لذلك علاقة بكون شركة مناجم تابعة للهولدينغ الملكي؟ صراحة، لا أعتقد ذلك، فمسألة الإضرابات في المناطق المنجمية لها علاقة أكثر بالبطالة والتشغيل، فالعديد من شباب المناطق التي توجد فيها المناجم عاطلون عن العمل، وبالنظر إلى أن المناجم تكون هي المشغل الوحيد في تلك المناطق فهي دائما تتعرض للانتقاد وتظل المطالب الوحيد بتوفير التنمية والتشغيل. وبالإضافة إلى ذلك، فالعديد من المواطنين يعتقدون بأن المناجم التي يتم استغلالها هي ملكهم الخاص، وبالتالي لا يحق لأي كان استغلالها، رغم أن القانون يقول عكس ذلك، ورغم أن الشركة تقوم باستغلال هذه المناجم بناء على عقود مضبوطة وتؤدي ضرائب كبيرة مقابل ذلك، ومن المفروض أن تستثمر هذه الضرائب في توفير فرص شغل لأبناء المناطق المنجمية المعنية. - كم قيمة الضرائب التي تؤديها الشركة سنويا؟ خلال السنة الماضية أدت الشركة حوالي 160 مليون درهم تقريبا كضرائب. - ولماذا لا تنعكس الأرباح التي تحققها الشركة والضرائب التي تؤديها للدولة على المناطق المنجمية؟ الشركة لا تحقق دائما أرباحا، والمثال المتعلق بمنجم «بوازار»، الذي طرحته سابقا، يؤكد ذلك، فقد خسرنا فيه 12 مليار سنتيم خلال السنة الماضية، وكان من المفروض أن يتم إغلاقه، إلا أن الحرص على مصلحة المنطقة والسكان والعمال الذين يشتغلون فيه منعنا من ذلك. ولابد من الإشارة هنا إلى أن الشركة وضعت مخططا للتنمية المستدامة للمناطق المنجمية بالجنوب الشرقي سيتم فيه إنفاق حوالي 100 مليون درهم، وقد شرعنا بالفعل خلال النصف الأول من السنة الجارية في تفعيل هذا المخطط وأنفقنا إلى اليوم حوالي 16.5 مليون درهم. ويشمل هذا المخطط توفير الماء الصالح للشرب، والاهتمام بالتمدرس ومحاربة الأمية لدى النساء، والمساعدة في خلق مشاريع مدرة للدخل. - لكن من يقوم بمراقبة هذه المشاريع؟ الشركة أم السلطات المحلية؟ الشركة هي التي تسهر على المراقبة المباشرة لهذه المشاريع، حيث إن تنفيذ مخطط التنمية يتم من خلال عقود واتفاقيات واضحة مع الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني، وتخضع للتتبع من طرف مسؤولي الشركة. - مؤخرا، تحدث تقرير للمندوبية السامية للتخطيط عن وجود تراجع في الأنشطة المنجمية خلال السنة الجارية. ما تأثير ذلك على الشركة؟ التقرير الذي تحدثتم عنه يشير أساسا إلى تراجع الأنشطة المنجمية المرتبطة بالفوسفاط، الذي يمثل حوالي 93 في المائة من أنشطة القطاع. أما بخصوص الفروع المرتبطة بنشاط الشركة فلم تسجل تراجعا، بل على العكس من ذلك سجلت ارتفاعا ملموسا. - وما هي فروع الإنتاج التابعة للشركة التي سجلت ارتفاعا؟ فرع النحاس بالشركة سجل ارتفاع قويا، حيث نتوفر حاليا على 4 مناجم لإنتاج هذه المادة، وقد قمنا مؤخرا بفتح منجم جديد كان مغلقا منذ سنة 1998، وهو منجم «البليدة»، باستثمار يقدر ب180 مليون درهم. وسيمكننا هذا المنجم من إنتاج حوالي 20 ألف طن من مركز النحاس في السنة. - لاحظنا في الشهور الأخير توجها من طرف مجموعة «مناجم» نحو تطوير استثماراتها في مناجم الذهب في المغرب وخارجه. هل هذا التوجه تمليه الأزمة التي تحول فيها المعدن الأصفر إلى ملاذ آمن للمستثمرين؟ استراتيجية شركة «مناجم» بنيت أساسا على تنويع باقة المنتوجات التي نشتغل فيها، فنحن لا نستثمر في مادة واحدة لأن قيمة المواد والمعادن المستخرجة من المناجم تخضع لنمو دوري، إذ ترتفع أحيانا وتنخفض في أحيان أخرى. ونحن وضعنا استراتيجية تقوم على أن ينقسم رقم معاملاتنا إلى نصفين متساويين: 50 في المائة من الذهب والفضة، و50 في المائة من النحاس والزنك والكوبالت. وبخصوص الذهب عززنا استثماراتنا في المناطق المعروفة بالإنتاج مثل الغابون والسودان، أما في المغرب فنحن نستثمر حاليا في النحاس والحديد وحمض الكبريتيك. - هناك جهات تتهم شركة «مناجم» بالاستفادة من غطاء الهولدينغ الملكي من أجل تهريب الذهب من البلدان التي تستثمر فيها، خاصة في السودان والغابون. ما ردك على ذلك؟ هذا غير صحيح تماما، فقبل الشروع في التنقيب عن الذهب في البلدان المعنية لابد من وضع اتفاقيات وعقود واضحة تنظم العملية، ولا يمكن لشركة «مناجم» إخراج غرام واحد من الذهب من هذه البلدان دون موافقة السلطات المعنية والحصول على التراخيص الضرورية. والشركة عموما لا تقوم باستخراج الذهب من تلك البلدان وتصديره إلى المغرب، بل تسوقه مباشرة من هناك تحت مراقبة السلطات. - هل تأثرت مبيعات الشركة من المعادن بالأزمة الاقتصادية العالمية؟ بطبيعة الحال، فالاستهلاك العالمي للمعادن انخفض بشكل ملموس، خاصة في أوربا والصين، وهذا الأمر أثر كثيرا على مستوى الأسعار، حيث تراجع سعر النحاس من 7800 دولار للطن إلى حوالي 6800 دولار. أما سعر الذهب فتراجع من 1600 دولار إلى 1200 دولار، في حين انخفض سعر الفضة من 30 دولارا إلى 18 دولارا. لكن هذا الانخفاض لم يؤثر بشكل كبير على مبيعاتنا في الخارج، إذ ما زلنا في حدود المستويات الاعتيادية. - وكيف ستكون حصيلة الشركة خلال النصف الأول من السنة الجارية؟ أمام تراجع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية، اضطرت مجموعة «مناجم» إلى القيام بمراجعة شاملة لأثمنة الإنتاج من أجل مواجهة هذه الوضعية، ومن الطبيعي أن يكون لذلك تأثير على رقم معاملات الشركة. ولابد من الإشارة هنا إلى أن ذلك لا يرتبط فقط بالسوق الدولية، ولكن بالاستثمارات التي تقوم بها الشركة داخل المغرب، حيث إن هذه السنة تميزت مقارنة بسنة 2012 بالشروع في استغلال منج «البليدة»، وكذا استغلال منجم حمض الكبريتيك، وهذا سيجعل رقم المعاملات مرتفعا مقارنة بالسنة الماضية. لكن انخفاض الأسعار يمكن أن يخفض الأرباح. - وماذا عن سعر سهم الشركة في بورصة الدار البيضاء؟ سهم «مناجم» في البورصة سجل انخفاضا ملموسا، حيث تراجع من 1400 درهم في بداية السنة إلى حوالي 1200 درهم تقريبا حاليا، وهذا طبيعي بالنظر إلى تراجع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية.