ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسواني: أعترف.. فلول مبارك أصبحت تهيمن على الإعلام وتسللت بين الثوار لإسقاط مرسي
الروائي المصري قال ل« المساء » إن تدخل الجيش كان عملا عظيما لكنه لا يعفيه من المحاسبة على قتله المتظاهرين
نشر في المساء يوم 20 - 07 - 2013

في الجزء الثاني من الحوار، الذي أجرته «المساء» مع علاء الأسواني في العاصمة المصرية القاهرة، يقول الروائي المصري إنه لا يرى فرقا بين
محمد مرسي وحسني مبارك، سواء في الرؤية أو في استعمال أجهزة الدولة أو في حقوق الفقراء، التي يتم التعامل معها باعتبارها إحسانا وليست حقوقا، إضافة إلى «مواقف «الإخوان» الرجعية من الفن والثقافة. ولا ينكر الأسواني وجود فلول نظام حسني مبارك بين من خرجوا لإسقاط مرسي، ويحذر من إمساك رؤوس هذه الفلول بالإعلام للتأثير في الرأي العام، ويقول إن تأسيس أو شراء قناة تلفزيونية بالنسبة لهؤلاء تبقى «مسألة حياة أو موت». وإذا كان الأسواني اعتبر تدخل الجيش لعزل الرئيس مرسي بأنه عمل وطني عظيم، فإنه يعود للقول بأن ذلك لا يعفي المجلس العسكري من مسؤوليته عن المذابح الثورة الأولى، مطالبا بمحاكمة من أصدر الأوامر بقتل الشعب المصري، ومن نفذ تلك الأوامر، سواء من الجيش أو الشرطة.
- بعد أيام من تدخل الجيش لعزل الرئيس محمد مرسي أصبح العديد من المراقبين يشككون في عفوية التظاهرات التي أدت إلى ذلك، ويعتبرون أن ما حدث تم تهييئه، ماديا ولوجيستيكيا، من طرف فلول النظام السابق، بدعم من بعض دول الخليج، وأنه تم استغلال الاحتقان الاجتماعي الذي خلفه النظام السابق, إضافة إلى فشل مرسي في التسريع بالإصلاحات، لإخراج الناس إلى الشوارع استعدادا ل«انقلاب» الجيش على الرئيس الشرعي. ما قولك؟
الذي انقلب على الشرعية هو محمد مرسي يوم الإعلان الدستوري في 22 نونبر 2011، حين وضع إرادته فوق القانون والدستور. أما ما حدث يوم 30 يونيو 2013 فهو معجزة وكرامة من كرامات الشعب المصري، الذي تخلص في سنة واحدة من «الإخوان المسلمين» بعدما عجز الجميع، سنوات طويلة، عن التخلص منهم. لقد خلصنا الشعب المصري منهم نظريا وعمليا. عمليا حين عزل رئيسهم، ونظريا حين فهم بأن هؤلاء لا دعوى لهم بالإسلام.. الإسلام بتاعنا احنا مش بتاعهم. وجوابا عن سؤالك، يجب أن تعلم بأن الجماهير، التي خرجت ضد مرسي تتشكل من مواطنين عاديين، هم الذين كان يطلق عليهم لقب «كنبة» (أي الذين يتابعون الأحداث في التلفاز متكئين على الكنبة)، هؤلاء لا خبرة ثورية لهم، ويمكن أن يكونوا قد تضايقوا من ثورة 25 يناير التي أسقطت حسني مبارك، لكنهم اكتشفوا بأن أسلوب الثورة ينفع، لذلك خاضوا نفس أشكال الثورة لإبعاد «الإخوان» عن الحكم. هكذا كنت ترى نساء عاديات في ميدان التحرير، ينزلن بطبخهن وأوانيهن. طبعا «الإخوان المسلمون» لا يريدون أن يصدقوا بأن هذا القطاع العريض من الشعب المصري خرج ضدهم في 30 يونيو. وبالإضافة إلى هذه المجموعة، التي كانت توجد إلى جانب فئة عريضة من ثوار 25 يناير ضد حسني مبارك، كانت هناك مجموعة أخرى مشكلة من فلول النظام السابق الذين شاركوا في المشهد. هؤلاء «عايزين يوقعوا الإخوان زي ما حنا عايزين نوقع الإخوان». لكن الفرق بينا وبينهم أننا، نحن الشعب، نريد إسقاط «الإخوان» لكي يتقدم البلد، بينما الفلول يؤيدون إسقاط «الإخوان» لكي يعود البلد إلى الوراء، ويعود النظام القديم، وكأن شيئا لم يحدث في 25 يناير، بل إن بعض هؤلاء الفلول لم يكونوا يتورعون عن القول بوقاحة: «إيه 25 يناير ذي؟ دول متآمرين.. الثورة هي 30 يونيو». هذا الكلام ليس اعتباطا، فهناك نظام قديم ينتظر اللحظة التي يثب فيها على الحكم بعد أن يبعد له الشعب المصري «الإخوان» من الطريق. لذلك علينا أن ننتبه لهؤلاء لأنهم حقيقة بيننا.
- خلال ثورة 25 يناير تحالفتم، كيساريين وليبراليين، مع «الإخوان» لإسقاط نظام حسني مبارك، واليوم أنت تعترف بأنكم تواجدتم في 30 يونيو 2013 جنبا إلى جنب مع «فلول» نظام مبارك لإسقاط «الإخوان». هل سيعرف المشهد الثالث تحالفكم مع «الإخوان» لإسقاط الفلول؟
الفلول يعرفون بأننا يقظون لنواياهم، وهم يتضايقون عندما نذكرهم باسم الفلول، فيقولون لنا: نحن كلنا مصريون. إذا كان الأمر على هذا الشكل، فلنفرج إذن على القتلة واللصوص الذين يوجدون في السجون، فهم أيضا مصريون مثلنا. هذه فكرة عجيبة ومغالطة كبيرة. نحن واعون بهذا الفرز: هناك نظام قديم، «شعب حسني مبارك»، يتحين الفرصة ليستولي على الحكم، و«شعب حسني مبارك» حافظ عليه المجلس العسكري، كما حافظ عليه حكم «الإخوان»، وها هو ما يزال موجودا لم يمس.
- كيف حافظ «الإخوان» على هؤلاء الفاسدين، الذين تسميهم «شعب حسني مبارك»؟
لقد قام مرسي في أول عهده بالرئاسة بتكريم المشير طنطاوي والفريق عنان، ومنحهما أوسمة بدلا من محاكمتهما بتهم قتل المصريين وفقء عيونهم وانتهاك أعراض المصريات.. وقد قلت له هذا في أول وآخر لقاء لي به. كما أنه لم يستطع القطع مع الفساد الاقتصادي المتحكم في دواليب الدولة. عندما أتحدث عن «شعب حسني مبارك» فأنا أتحدث عن مصالح بالمليارات، فهناك من يأخذون أراضي لاستصلاحها, اعتمادا على علاقتهم بالنظام السابق، لكنهم بعد ذلك يبيعون تلك الأراضي بعد استصلاحها. وحتى لا يعترض أحد داخل دواليب الدولة على عملية البيع غير المشروعة يوزّع هؤلاء رشاوى كبيرة، لأنهم يكسبون المليارات من عمليات استصلاح الأراضي. وقد قام عدد من هؤلاء الأشخاص، دون أن أذكر أسماءهم، بشراء قنوات تلفزيونية بعد سقوط نظام مبارك. لماذا؟ القنوات التلفزيونية مشاريع خاسرة، وليست هناك قناة تلفزيونية مربحة في مصر. لقد فعلوا ذلك للتأثير في الرأي العام، وفي صناعة القرار، لأنني إذا لم أؤثر في صناعة القرار سيكون مصيري السجن. لذلك فإن تأسيس أو شراء قناة تلفزيونية، بالنسبة لي، هي مسألة حياة أو موت. بعض هذه القنوات لعبت دورا في إسقاط حكم «الإخوان»، لكن سيأتي وقت يجب أن تحاسب فيه. فلو تأملت قليلا في خطاب هذه القنوات ستجد أنه في أوقات كثيرة يكون خطابها ليس موجها ضد «الإخوان»، بل ضد الثورة التي جاءت لنا ب«الإخوان»، فبدأنا ندخل في مقارنات بين حكم حسني مبارك وحكم «الإخوان»، وبدأنا نجد من يقول: «حسني مبارك كان رايح وقال: شعبي.. شعبي». عن أي شعب يتحدث هؤلاء ومعهم مبارك الذي أعمى 18 ألف مصري وقتل ثلاثة آلاف مصري قبل أن يقول: شعبي، وأخرج آخرين من السجون؟ هؤلاء الفلول يريدون أن ينسبوا كل الكوارث إلى «الإخوان المسلمين»، إلى درجة أنني أشك بأن «الإخوان» هم من تسببوا في هزيمة 1967 (يضحك). «الإخوان» فيهم مجرمون وقتلة، أنا لا أنكر ذلك، لكن لا يمكن أن نلصق بهم موقعة الجمل، وهذا ما قاله أحمد شفيق في سياق دفاعه عن مباحث أمن الدولة. كما لا يمكن لأحد أن يشككني في مدرعة الشرطة، التي كانت تقصف المتظاهرين عشوائيا، أو يشككني في وجود قناصين يستهدفون المتظاهرين من فوق مقر وزارة الداخلية.. هؤلاء الفلول يريدون أن يأتونا بعد الاستحمام وغسل الأيدي وارتداء لباس جديد، ثم نقول لهم: أهلا وسهلا، وهذا ما يحصل في هذه القنوات التلفزيونية، التي أصبح يتصدر مشاهدها أناس طالما نافقوا حسني مبارك وأداروا حملة دعاية جمال مبارك، ومنهم من وصفوا الثوار بالعملاء. وهؤلاء يتظاهرون بالبكاء قائلين: انتو جيبتو لنا «الإخوان»، مع أن أغلب من صوتوا لمرسي فعلوا ذلك ليتجنبوا التصويت لأحمد شفيق، لأن ذلك يعني التصويت لحسني مبارك. لذلك أقول لهؤلاء: نحن أسقطنا حسني مبارك وجئنا بمرسي، وعندما أصبح حاكما مستبدا عزلناه. لكن ما الذي قمتم به أنتم؟.
- عزلتم مرسي بتدخل من المجلس العسكري، الذي كنتم تطالبون بمحاكمة أعضائه على ما ارتكبوه من جرائم خلال ثورة 25 يناير 2011 على حسني مبارك!
هل عندما أقول إن الجيش قام بعمل وطني عظيم في 30 يونيو 2013 يعني ذلك بأنني نسيت مسؤولية المجلس العسكري عن المذابح التي ارتكبت خلال ثورة 25 يناير؟ لا. المجلس العسكري مسؤول عن مذابح حقيقية راح ضحيتها شهداء، ولابد من محاكمة من أصدر الأوامر بقتل الشعب المصري، ومن نفذ تلك الأوامر. نفس الشيء بالنسبة للشرطة، ففيها طبقة اللواءات التي تسيطر على كل شيء داخل جهاز الشرطة وتتقاضى رواتب عالية. هؤلاء تحالفوا مع محمد مرسي. وهناك «الطبقة العاملة» في جهاز الشرطة. هذه الطبقة يتوفر كل الثوار على أقارب لهم داخلها، وهؤلاء يتقاضى الواحد منهم 3 آلاف أو 4 آلاف جنيه ويشتغل خارج الوقت المحدد له وقد يبقى أحيانا بلا نوم. هل حدثت جرائم من طرف الشرطة المصرية؟ هذا مما لا شك فيه «ومال هي الثورة قامت ليه؟»، هل أقيمت محاكمة عادلة لمن قتل الثوار، والذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب المصري؟ لا طبعا، لأن من كلفوا بإجراء تحريات هم من نفس الجهاز، وبالتالي لا يمكن لشرطي أن يقود زميله إلى حبل المشنقة. لكن عندما يؤسس ضباط الشرطة ناديا لهم، ويقولون، لأول مرة في تاريخ الشرطة المصرية: «إذا توصلنا بأوامر من وزير الداخلية وكانت ضد القانون فلن ننفذها»، أحيي هذا الموقف، دون أن أقول: «اللي فات مات». عندما قلت، في أول عهد محمد مرسي بالحكم، إن الرئيس لا بد أن يأخذ فرصته ويستخلص سلطته من المجلس العسكري لكي يحاسب لاحقا، قيل لي: «أنت إخواني». أنا أتحدث عن المؤسسات، وعندما أحيي الجيش فأنا أحيي المؤسسة على موقف سليم، وهذا لا يعني بأنني تناسيت الموقف الآخر. الناس عندما قالوا: يسقط حكم العسكر، قالوها عندما كان العسكر يقتل المتظاهرين، وليس الآن عندما التحقت المؤسسة العسكرية، كمؤسسة وطنية، بثورة الشعب على حكم «الإخوان».
- لكن الاتهامات ضد المجلس العسكري وقوات الشرطة بالاستمرار في قتل المتظاهرين العزل ما زالت قائمة، وليس «الإخوان المسلمون» وحدهم من يتهم الآن الجيش والشرطة بقتل المصلين قرب دار الحرس الجمهوري فجر الاثنين 8 يوليوز الجاري، بل هناك قوى سياسية ومثقفون مستقلون نزلوا إلى ميدان رابعة العدوية للتضامن مع «الإخوان المسلمين» في هذا الشق. ما ردك؟
لا يجوز إطلاقا الحديث في هذا الموضوع بدون إجراء تحقيق، وإلا سيكون ذلك عبثا، وسنجد أنفسنا أمام تصريحات وتصريحات مضادة، ف«الإخوان» قدموا فيديو لأطفال مقتولين تبين أنهم قتلوا في سوريا، وهذا يعكس انعدام المصداقية لديهم. فيما المجلس العسكري يقول إن دار الحرس الجمهوري تعرضت لهجوم مسلح ومحاولة اقتحام من طرف متظاهرين من «الإخوان»، والقاعدة المعروفة، حتى في كبرى الدول الديمقراطية، هي أن أي اقتراب مسلح من ثكنة عسكرية يؤدي إلى قتل صاحبه. كما أن الجيش المصري كان قد أعلن قبل ثلاثة أيام من هذه الواقعة أن من يقترب من هذه المنطقة العسكرية فإنه يخاطر بحياته، فلربما كانت لدى الجيش معلومات بنية المتظاهرين المسلحين اقتحام دار الحرس الجمهوري. الحق في التظاهر مكفول أمام أي منشاة عسكرية أو غيرها، لكن ما الذي تتوقعه حين تطلق النار على ثكنة عسكرية؟ القتل.
- هل ما حدث في مصر، بغض النظر عما إذا كان ثورة أو انقلابا، يمكن أن يتجاوز كونه مجرد رفض للفشل التقني- التدبيري لرئيس دولة وحزبه في الحكامة، إلى مستوى التأسيس لمشروع مجتمعي ليبرالي- اجتماعي، بديل لمشروع «الإخوان المسلمين»؟
ما حدث في مصر ليس نهاية للإسلام السياسي، ولكنه نهاية للاستبداد باسم الإسلام السياسي. مصر هي التي قدمت هذه المصيبة إلى العالم سنة 1928 (يقصد تأسيس جماعة الإخوان المسلمين)، وهي الآن تكفر عن ذلك. الحزب الوطني السابق كان يزوّر الانتخابات بمبرر أنه إذا كانت هناك ديمقراطية كاملة فإن صناديق الاقتراع سوف تأتي لنا ب«الإخوان». كما أن بعض المسؤولين قالوا بعد انتخاب محمد مرسي: مصر انتهت إلى الأبد. الآن تبين أن الشعب المصري شعب متدين وقادر على أن يميز الإسلام الشعبي عن الإسلام السياسي. «الإخوان» الآن في مرحلة تسمى في علم النفس مرحلة الصدمة، وهذه الصدمة تؤدي إلى ردود فعل عنيفة أو إلى إنكار الواقع، أو إليهما معا. وهذا ما حصل الآن لهم، فهم ينكرون خروج الناس ضدهم إلى الشوارع، فيقولون إن هذه الملايين غير موجودة.. هؤلاء فلول.. هؤلاء مسيحيون. «الإخوان» لم يستسيغوا أن يتم إبعادهم شعبيا وليس بطريقة سلطوية. أما مسألة التغيير والتحول الحقيقي الذي تحدثت عنه فلن يحدث في مصر، كما في كل الدول التي حدثت فيها ثورات، إلا عندما يصل الذين صنعوا الثورة إلى الحكم، وما لم يصل هؤلاء إلى الحكم لن يحدث أي تغيير جوهري. لقد بقي «الإخوان» سنتين ونصف السنة في الحكم يستعملون «الكاتالوغ» القديم، فلا فرق بين محمد مرسي وحسني مبارك، سواء في الرؤية أو في استعمال أجهزة الدولة أو في حقوق الفقراء التي يتم التعامل معها باعتبارها إحسانا وليست حقوقا، أضف إلى ذلك مواقف «الإخوان» الرجعية من الفن والثقافة. لذلك كانت «التقسيمة» هي أنه لن تحدث ثورات، وإذا حدثت تبقى تحت السيطرة الأمريكية. لكن 30 يونيو أفسدت مشروعا أمريكيا كاملا، وهذا ما يفسر صدمة أوباما بخصوص ما حدث، ومشكلاته في الكونغرس، وحديثه عن أنه دفع أموالا إلى نظام الرئيس المعزول. كما أن السفيرة الأمريكية آن باتريسون كانت تعتبر أن مصر هي محطتها الأخيرة قبل الوصول إلى منصب وزيرة الخارجية الأمريكية. لقد كانت باتريسون سفيرة أمريكية في باكستان، وهي التي صاغت مشروع التحالف بين العسكر ورجال الدين والقبائل، أدى إلى تحول باكستان إلى قاعدة أمريكية للحرب على القاعدة وطالبان، وقد كانت باتريسون على مقربة من عقد صفقة مع «الإخوان» في مصر، وهذا يفسره تصريحاتها الأخيرة التي قالت فيها إن أمريكا تدعم النظام الحاكم في مصر لأنه منبثق من صناديق الاقتراع، وأن الاحتجاج الشعبي ضد النظام لا يهمها، لكن ما حدث في 30 يونيو زلزل كل هذا المخطط.
- ألا ترى أن الدعم الخليجي الذي تدفق على مصر بعد عزل الرئيس مرسي دليل على وجود أياد خارجية فيما حدث؟
هذه كلها أكاذيب، فمن الطبيعي عندما تكون مصر في حالة اقتصادية صعبة أن يبادر الإخوة الأشقاء لمساعدتها كما فعلوا دائما. لقد كانت مشكلة بعض هذه الأنظمة مع «الإخوان المسلمين»، الذين تطاولوا عليها وتدخلوا في شؤونها الداخلية، وبالتالي فهذه المشاكل تخص «الإخوان»، أما وقوف الأشقاء العرب مع مصر فهذا هو الطبيعي.
- هناك من يربط بين الدعم الخليجي لمصر وعزل الرئيس مرسي، خوفا من انتقال عدوى الثورة إلى الإمارات والسعودية والكويت..؟
قد يكون هذا صحيحا، لكن الأهم بالنسبة لي هي رغبة الشعب المصري الذي انتخب «الإخوان»، في التخلص منهم، بعدما تأكد له أنهم مجموعة فاشية سعت إلى إعادة تركيب الدولة المصرية بطريقة تمنع تداول السلطة وتجعل من الرئيس المنتخب ديكتاتورا مستبدا، كما حدث يوم 22 نونبر الماضي عندما أصدر الرئيس ما أسماه الإعلان الدستوري فدهس فيه القانون والدستور ووضع فيه إرادته المنفردة، أضف إلى ذلك سقوط عشرات الشهداء وتعذيب الآلاف بطريقة أسوأ مما كان يقع أيام مبارك.. كل ذلك جعل المصريين الذين انتخبوا «الإخوان» يخرجون للتخلص منهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.