فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسواني: أعترف.. فلول مبارك أصبحت تهيمن على الإعلام وتسللت بين الثوار لإسقاط مرسي
الروائي المصري قال ل« المساء » إن تدخل الجيش كان عملا عظيما لكنه لا يعفيه من المحاسبة على قتله المتظاهرين
نشر في المساء يوم 20 - 07 - 2013

في الجزء الثاني من الحوار، الذي أجرته «المساء» مع علاء الأسواني في العاصمة المصرية القاهرة، يقول الروائي المصري إنه لا يرى فرقا بين
محمد مرسي وحسني مبارك، سواء في الرؤية أو في استعمال أجهزة الدولة أو في حقوق الفقراء، التي يتم التعامل معها باعتبارها إحسانا وليست حقوقا، إضافة إلى «مواقف «الإخوان» الرجعية من الفن والثقافة. ولا ينكر الأسواني وجود فلول نظام حسني مبارك بين من خرجوا لإسقاط مرسي، ويحذر من إمساك رؤوس هذه الفلول بالإعلام للتأثير في الرأي العام، ويقول إن تأسيس أو شراء قناة تلفزيونية بالنسبة لهؤلاء تبقى «مسألة حياة أو موت». وإذا كان الأسواني اعتبر تدخل الجيش لعزل الرئيس مرسي بأنه عمل وطني عظيم، فإنه يعود للقول بأن ذلك لا يعفي المجلس العسكري من مسؤوليته عن المذابح الثورة الأولى، مطالبا بمحاكمة من أصدر الأوامر بقتل الشعب المصري، ومن نفذ تلك الأوامر، سواء من الجيش أو الشرطة.
- بعد أيام من تدخل الجيش لعزل الرئيس محمد مرسي أصبح العديد من المراقبين يشككون في عفوية التظاهرات التي أدت إلى ذلك، ويعتبرون أن ما حدث تم تهييئه، ماديا ولوجيستيكيا، من طرف فلول النظام السابق، بدعم من بعض دول الخليج، وأنه تم استغلال الاحتقان الاجتماعي الذي خلفه النظام السابق, إضافة إلى فشل مرسي في التسريع بالإصلاحات، لإخراج الناس إلى الشوارع استعدادا ل«انقلاب» الجيش على الرئيس الشرعي. ما قولك؟
الذي انقلب على الشرعية هو محمد مرسي يوم الإعلان الدستوري في 22 نونبر 2011، حين وضع إرادته فوق القانون والدستور. أما ما حدث يوم 30 يونيو 2013 فهو معجزة وكرامة من كرامات الشعب المصري، الذي تخلص في سنة واحدة من «الإخوان المسلمين» بعدما عجز الجميع، سنوات طويلة، عن التخلص منهم. لقد خلصنا الشعب المصري منهم نظريا وعمليا. عمليا حين عزل رئيسهم، ونظريا حين فهم بأن هؤلاء لا دعوى لهم بالإسلام.. الإسلام بتاعنا احنا مش بتاعهم. وجوابا عن سؤالك، يجب أن تعلم بأن الجماهير، التي خرجت ضد مرسي تتشكل من مواطنين عاديين، هم الذين كان يطلق عليهم لقب «كنبة» (أي الذين يتابعون الأحداث في التلفاز متكئين على الكنبة)، هؤلاء لا خبرة ثورية لهم، ويمكن أن يكونوا قد تضايقوا من ثورة 25 يناير التي أسقطت حسني مبارك، لكنهم اكتشفوا بأن أسلوب الثورة ينفع، لذلك خاضوا نفس أشكال الثورة لإبعاد «الإخوان» عن الحكم. هكذا كنت ترى نساء عاديات في ميدان التحرير، ينزلن بطبخهن وأوانيهن. طبعا «الإخوان المسلمون» لا يريدون أن يصدقوا بأن هذا القطاع العريض من الشعب المصري خرج ضدهم في 30 يونيو. وبالإضافة إلى هذه المجموعة، التي كانت توجد إلى جانب فئة عريضة من ثوار 25 يناير ضد حسني مبارك، كانت هناك مجموعة أخرى مشكلة من فلول النظام السابق الذين شاركوا في المشهد. هؤلاء «عايزين يوقعوا الإخوان زي ما حنا عايزين نوقع الإخوان». لكن الفرق بينا وبينهم أننا، نحن الشعب، نريد إسقاط «الإخوان» لكي يتقدم البلد، بينما الفلول يؤيدون إسقاط «الإخوان» لكي يعود البلد إلى الوراء، ويعود النظام القديم، وكأن شيئا لم يحدث في 25 يناير، بل إن بعض هؤلاء الفلول لم يكونوا يتورعون عن القول بوقاحة: «إيه 25 يناير ذي؟ دول متآمرين.. الثورة هي 30 يونيو». هذا الكلام ليس اعتباطا، فهناك نظام قديم ينتظر اللحظة التي يثب فيها على الحكم بعد أن يبعد له الشعب المصري «الإخوان» من الطريق. لذلك علينا أن ننتبه لهؤلاء لأنهم حقيقة بيننا.
- خلال ثورة 25 يناير تحالفتم، كيساريين وليبراليين، مع «الإخوان» لإسقاط نظام حسني مبارك، واليوم أنت تعترف بأنكم تواجدتم في 30 يونيو 2013 جنبا إلى جنب مع «فلول» نظام مبارك لإسقاط «الإخوان». هل سيعرف المشهد الثالث تحالفكم مع «الإخوان» لإسقاط الفلول؟
الفلول يعرفون بأننا يقظون لنواياهم، وهم يتضايقون عندما نذكرهم باسم الفلول، فيقولون لنا: نحن كلنا مصريون. إذا كان الأمر على هذا الشكل، فلنفرج إذن على القتلة واللصوص الذين يوجدون في السجون، فهم أيضا مصريون مثلنا. هذه فكرة عجيبة ومغالطة كبيرة. نحن واعون بهذا الفرز: هناك نظام قديم، «شعب حسني مبارك»، يتحين الفرصة ليستولي على الحكم، و«شعب حسني مبارك» حافظ عليه المجلس العسكري، كما حافظ عليه حكم «الإخوان»، وها هو ما يزال موجودا لم يمس.
- كيف حافظ «الإخوان» على هؤلاء الفاسدين، الذين تسميهم «شعب حسني مبارك»؟
لقد قام مرسي في أول عهده بالرئاسة بتكريم المشير طنطاوي والفريق عنان، ومنحهما أوسمة بدلا من محاكمتهما بتهم قتل المصريين وفقء عيونهم وانتهاك أعراض المصريات.. وقد قلت له هذا في أول وآخر لقاء لي به. كما أنه لم يستطع القطع مع الفساد الاقتصادي المتحكم في دواليب الدولة. عندما أتحدث عن «شعب حسني مبارك» فأنا أتحدث عن مصالح بالمليارات، فهناك من يأخذون أراضي لاستصلاحها, اعتمادا على علاقتهم بالنظام السابق، لكنهم بعد ذلك يبيعون تلك الأراضي بعد استصلاحها. وحتى لا يعترض أحد داخل دواليب الدولة على عملية البيع غير المشروعة يوزّع هؤلاء رشاوى كبيرة، لأنهم يكسبون المليارات من عمليات استصلاح الأراضي. وقد قام عدد من هؤلاء الأشخاص، دون أن أذكر أسماءهم، بشراء قنوات تلفزيونية بعد سقوط نظام مبارك. لماذا؟ القنوات التلفزيونية مشاريع خاسرة، وليست هناك قناة تلفزيونية مربحة في مصر. لقد فعلوا ذلك للتأثير في الرأي العام، وفي صناعة القرار، لأنني إذا لم أؤثر في صناعة القرار سيكون مصيري السجن. لذلك فإن تأسيس أو شراء قناة تلفزيونية، بالنسبة لي، هي مسألة حياة أو موت. بعض هذه القنوات لعبت دورا في إسقاط حكم «الإخوان»، لكن سيأتي وقت يجب أن تحاسب فيه. فلو تأملت قليلا في خطاب هذه القنوات ستجد أنه في أوقات كثيرة يكون خطابها ليس موجها ضد «الإخوان»، بل ضد الثورة التي جاءت لنا ب«الإخوان»، فبدأنا ندخل في مقارنات بين حكم حسني مبارك وحكم «الإخوان»، وبدأنا نجد من يقول: «حسني مبارك كان رايح وقال: شعبي.. شعبي». عن أي شعب يتحدث هؤلاء ومعهم مبارك الذي أعمى 18 ألف مصري وقتل ثلاثة آلاف مصري قبل أن يقول: شعبي، وأخرج آخرين من السجون؟ هؤلاء الفلول يريدون أن ينسبوا كل الكوارث إلى «الإخوان المسلمين»، إلى درجة أنني أشك بأن «الإخوان» هم من تسببوا في هزيمة 1967 (يضحك). «الإخوان» فيهم مجرمون وقتلة، أنا لا أنكر ذلك، لكن لا يمكن أن نلصق بهم موقعة الجمل، وهذا ما قاله أحمد شفيق في سياق دفاعه عن مباحث أمن الدولة. كما لا يمكن لأحد أن يشككني في مدرعة الشرطة، التي كانت تقصف المتظاهرين عشوائيا، أو يشككني في وجود قناصين يستهدفون المتظاهرين من فوق مقر وزارة الداخلية.. هؤلاء الفلول يريدون أن يأتونا بعد الاستحمام وغسل الأيدي وارتداء لباس جديد، ثم نقول لهم: أهلا وسهلا، وهذا ما يحصل في هذه القنوات التلفزيونية، التي أصبح يتصدر مشاهدها أناس طالما نافقوا حسني مبارك وأداروا حملة دعاية جمال مبارك، ومنهم من وصفوا الثوار بالعملاء. وهؤلاء يتظاهرون بالبكاء قائلين: انتو جيبتو لنا «الإخوان»، مع أن أغلب من صوتوا لمرسي فعلوا ذلك ليتجنبوا التصويت لأحمد شفيق، لأن ذلك يعني التصويت لحسني مبارك. لذلك أقول لهؤلاء: نحن أسقطنا حسني مبارك وجئنا بمرسي، وعندما أصبح حاكما مستبدا عزلناه. لكن ما الذي قمتم به أنتم؟.
- عزلتم مرسي بتدخل من المجلس العسكري، الذي كنتم تطالبون بمحاكمة أعضائه على ما ارتكبوه من جرائم خلال ثورة 25 يناير 2011 على حسني مبارك!
هل عندما أقول إن الجيش قام بعمل وطني عظيم في 30 يونيو 2013 يعني ذلك بأنني نسيت مسؤولية المجلس العسكري عن المذابح التي ارتكبت خلال ثورة 25 يناير؟ لا. المجلس العسكري مسؤول عن مذابح حقيقية راح ضحيتها شهداء، ولابد من محاكمة من أصدر الأوامر بقتل الشعب المصري، ومن نفذ تلك الأوامر. نفس الشيء بالنسبة للشرطة، ففيها طبقة اللواءات التي تسيطر على كل شيء داخل جهاز الشرطة وتتقاضى رواتب عالية. هؤلاء تحالفوا مع محمد مرسي. وهناك «الطبقة العاملة» في جهاز الشرطة. هذه الطبقة يتوفر كل الثوار على أقارب لهم داخلها، وهؤلاء يتقاضى الواحد منهم 3 آلاف أو 4 آلاف جنيه ويشتغل خارج الوقت المحدد له وقد يبقى أحيانا بلا نوم. هل حدثت جرائم من طرف الشرطة المصرية؟ هذا مما لا شك فيه «ومال هي الثورة قامت ليه؟»، هل أقيمت محاكمة عادلة لمن قتل الثوار، والذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب المصري؟ لا طبعا، لأن من كلفوا بإجراء تحريات هم من نفس الجهاز، وبالتالي لا يمكن لشرطي أن يقود زميله إلى حبل المشنقة. لكن عندما يؤسس ضباط الشرطة ناديا لهم، ويقولون، لأول مرة في تاريخ الشرطة المصرية: «إذا توصلنا بأوامر من وزير الداخلية وكانت ضد القانون فلن ننفذها»، أحيي هذا الموقف، دون أن أقول: «اللي فات مات». عندما قلت، في أول عهد محمد مرسي بالحكم، إن الرئيس لا بد أن يأخذ فرصته ويستخلص سلطته من المجلس العسكري لكي يحاسب لاحقا، قيل لي: «أنت إخواني». أنا أتحدث عن المؤسسات، وعندما أحيي الجيش فأنا أحيي المؤسسة على موقف سليم، وهذا لا يعني بأنني تناسيت الموقف الآخر. الناس عندما قالوا: يسقط حكم العسكر، قالوها عندما كان العسكر يقتل المتظاهرين، وليس الآن عندما التحقت المؤسسة العسكرية، كمؤسسة وطنية، بثورة الشعب على حكم «الإخوان».
- لكن الاتهامات ضد المجلس العسكري وقوات الشرطة بالاستمرار في قتل المتظاهرين العزل ما زالت قائمة، وليس «الإخوان المسلمون» وحدهم من يتهم الآن الجيش والشرطة بقتل المصلين قرب دار الحرس الجمهوري فجر الاثنين 8 يوليوز الجاري، بل هناك قوى سياسية ومثقفون مستقلون نزلوا إلى ميدان رابعة العدوية للتضامن مع «الإخوان المسلمين» في هذا الشق. ما ردك؟
لا يجوز إطلاقا الحديث في هذا الموضوع بدون إجراء تحقيق، وإلا سيكون ذلك عبثا، وسنجد أنفسنا أمام تصريحات وتصريحات مضادة، ف«الإخوان» قدموا فيديو لأطفال مقتولين تبين أنهم قتلوا في سوريا، وهذا يعكس انعدام المصداقية لديهم. فيما المجلس العسكري يقول إن دار الحرس الجمهوري تعرضت لهجوم مسلح ومحاولة اقتحام من طرف متظاهرين من «الإخوان»، والقاعدة المعروفة، حتى في كبرى الدول الديمقراطية، هي أن أي اقتراب مسلح من ثكنة عسكرية يؤدي إلى قتل صاحبه. كما أن الجيش المصري كان قد أعلن قبل ثلاثة أيام من هذه الواقعة أن من يقترب من هذه المنطقة العسكرية فإنه يخاطر بحياته، فلربما كانت لدى الجيش معلومات بنية المتظاهرين المسلحين اقتحام دار الحرس الجمهوري. الحق في التظاهر مكفول أمام أي منشاة عسكرية أو غيرها، لكن ما الذي تتوقعه حين تطلق النار على ثكنة عسكرية؟ القتل.
- هل ما حدث في مصر، بغض النظر عما إذا كان ثورة أو انقلابا، يمكن أن يتجاوز كونه مجرد رفض للفشل التقني- التدبيري لرئيس دولة وحزبه في الحكامة، إلى مستوى التأسيس لمشروع مجتمعي ليبرالي- اجتماعي، بديل لمشروع «الإخوان المسلمين»؟
ما حدث في مصر ليس نهاية للإسلام السياسي، ولكنه نهاية للاستبداد باسم الإسلام السياسي. مصر هي التي قدمت هذه المصيبة إلى العالم سنة 1928 (يقصد تأسيس جماعة الإخوان المسلمين)، وهي الآن تكفر عن ذلك. الحزب الوطني السابق كان يزوّر الانتخابات بمبرر أنه إذا كانت هناك ديمقراطية كاملة فإن صناديق الاقتراع سوف تأتي لنا ب«الإخوان». كما أن بعض المسؤولين قالوا بعد انتخاب محمد مرسي: مصر انتهت إلى الأبد. الآن تبين أن الشعب المصري شعب متدين وقادر على أن يميز الإسلام الشعبي عن الإسلام السياسي. «الإخوان» الآن في مرحلة تسمى في علم النفس مرحلة الصدمة، وهذه الصدمة تؤدي إلى ردود فعل عنيفة أو إلى إنكار الواقع، أو إليهما معا. وهذا ما حصل الآن لهم، فهم ينكرون خروج الناس ضدهم إلى الشوارع، فيقولون إن هذه الملايين غير موجودة.. هؤلاء فلول.. هؤلاء مسيحيون. «الإخوان» لم يستسيغوا أن يتم إبعادهم شعبيا وليس بطريقة سلطوية. أما مسألة التغيير والتحول الحقيقي الذي تحدثت عنه فلن يحدث في مصر، كما في كل الدول التي حدثت فيها ثورات، إلا عندما يصل الذين صنعوا الثورة إلى الحكم، وما لم يصل هؤلاء إلى الحكم لن يحدث أي تغيير جوهري. لقد بقي «الإخوان» سنتين ونصف السنة في الحكم يستعملون «الكاتالوغ» القديم، فلا فرق بين محمد مرسي وحسني مبارك، سواء في الرؤية أو في استعمال أجهزة الدولة أو في حقوق الفقراء التي يتم التعامل معها باعتبارها إحسانا وليست حقوقا، أضف إلى ذلك مواقف «الإخوان» الرجعية من الفن والثقافة. لذلك كانت «التقسيمة» هي أنه لن تحدث ثورات، وإذا حدثت تبقى تحت السيطرة الأمريكية. لكن 30 يونيو أفسدت مشروعا أمريكيا كاملا، وهذا ما يفسر صدمة أوباما بخصوص ما حدث، ومشكلاته في الكونغرس، وحديثه عن أنه دفع أموالا إلى نظام الرئيس المعزول. كما أن السفيرة الأمريكية آن باتريسون كانت تعتبر أن مصر هي محطتها الأخيرة قبل الوصول إلى منصب وزيرة الخارجية الأمريكية. لقد كانت باتريسون سفيرة أمريكية في باكستان، وهي التي صاغت مشروع التحالف بين العسكر ورجال الدين والقبائل، أدى إلى تحول باكستان إلى قاعدة أمريكية للحرب على القاعدة وطالبان، وقد كانت باتريسون على مقربة من عقد صفقة مع «الإخوان» في مصر، وهذا يفسره تصريحاتها الأخيرة التي قالت فيها إن أمريكا تدعم النظام الحاكم في مصر لأنه منبثق من صناديق الاقتراع، وأن الاحتجاج الشعبي ضد النظام لا يهمها، لكن ما حدث في 30 يونيو زلزل كل هذا المخطط.
- ألا ترى أن الدعم الخليجي الذي تدفق على مصر بعد عزل الرئيس مرسي دليل على وجود أياد خارجية فيما حدث؟
هذه كلها أكاذيب، فمن الطبيعي عندما تكون مصر في حالة اقتصادية صعبة أن يبادر الإخوة الأشقاء لمساعدتها كما فعلوا دائما. لقد كانت مشكلة بعض هذه الأنظمة مع «الإخوان المسلمين»، الذين تطاولوا عليها وتدخلوا في شؤونها الداخلية، وبالتالي فهذه المشاكل تخص «الإخوان»، أما وقوف الأشقاء العرب مع مصر فهذا هو الطبيعي.
- هناك من يربط بين الدعم الخليجي لمصر وعزل الرئيس مرسي، خوفا من انتقال عدوى الثورة إلى الإمارات والسعودية والكويت..؟
قد يكون هذا صحيحا، لكن الأهم بالنسبة لي هي رغبة الشعب المصري الذي انتخب «الإخوان»، في التخلص منهم، بعدما تأكد له أنهم مجموعة فاشية سعت إلى إعادة تركيب الدولة المصرية بطريقة تمنع تداول السلطة وتجعل من الرئيس المنتخب ديكتاتورا مستبدا، كما حدث يوم 22 نونبر الماضي عندما أصدر الرئيس ما أسماه الإعلان الدستوري فدهس فيه القانون والدستور ووضع فيه إرادته المنفردة، أضف إلى ذلك سقوط عشرات الشهداء وتعذيب الآلاف بطريقة أسوأ مما كان يقع أيام مبارك.. كل ذلك جعل المصريين الذين انتخبوا «الإخوان» يخرجون للتخلص منهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.