سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسواني: «الإخوان» مجموعة فاشية خلصتنا منها الثورة الروائي المصري قال ل« المساء » إن الإخوان المسلمين كانوا ضد الثورة على مبارك وقالوا إن مصر تتعرض لمؤامرة كبرى
في هذا الحوار الذي أجرته «المساء» مع الروائي المصري علاء الأسواني، في القاهرة، يتحدث صاحب «عمارة يعقوبيان» عن انحيازه المطلق لعزل الرئيس محمد مرسي، الذي يقول إنه تحول إلى «ديكتاتور»، وأن سلطاته أصبحت سلطات «فاشية». ويعتبر الأسواني تدخل الجيش بأنه تصحيح لمسار ثورة 25 يناير، التي «كانت جماعة الإخوان المسلمين ضدها»، وليس انقلابا على الشرعية التي يعتبر الأسواني بأن محمد مرسي فقدها بعد فشله الذريع في قيادة دفة الحكم في مصر، ويقول: «أنا لا أعتقد أن أي رئيس سيكون أفشل من محمد مرسي، لأن ما قادنا إليه مرسي هو أقصى حد في الفشل يمكن أن يمنى به رئيس لمصر». - تبدو متحمسا بشكل كبير لعزل الرئيس مرسي عن الحكم في مصر. لماذا؟ خلال الشهر الأخير حصلت أشياء كبيرة جدا يجب أن نستوعبها. لقد كنا نقلل دائما من قدرات الشعب المصري ونقول إن نسبة الأمية مرتفعة وسطه، وبأنه لا يستطيع استيعاب الكثير من الأشياء، وأن «الدين» إذا وصل إلى الحكم لن يتركه. لكن ما حدث يوم 30 يونيو كنس إلى الأبد مقولة أن النخبة، وهو مصطلح أكرهه، لا تتعدى 5 في المائة من مجموع الشعب المصري، وأن هذه النخبة تتحدث في التلفزيونات ولا تنزل إلى واقع الناس كما يفعل «الإخوان». لن يجرؤ أحد بعد الآن على التقليل من قيمة هذا الشعب، الذي أثبت أنه يفهم في أوقات كثيرة أكثر من أساتذة العلوم السياسية والاقتصاد السياسي وعلم النفس والاجتماع السياسي. لقد فهم الناس أنه يجب إقفال مرحلة وصل فيها رئيس منتخب إلى الحكم وسرعان ما تحول إلى ديكتاتور، كما تحولت سلطاته إلى فاشية. - إلى هذا الحد؟ نعم. لقد شاركت في كل فعاليات الثورة المصرية منذ 2011، لكن الناس الذين نزلوا للتظاهر أمام قصر الاتحادية يوم 30 يونيو 2013 مختلفون عن الذين تظاهروا في ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بحسني مبارك. متظاهرو قصر الاتحادية كانوا أناسا عاديين ينزلون لأول مرة للتظاهر، مدفوعين بشعور بالخطر المحدق بمصر جراء حكم مرسي. ومازلت أستحضر مشهد سيدة اقتربت مني وقالت: «هو حايمشي؟»، فأجبتها: «آه لازم يمشي طبعا»، فأضافت: «طاب داحيمشي إمتى.. دا أنا باقي لي سبع ساعات وأنا أنتظر». فهمت أن السيدة لا سوابق لها في الاعتصام، لذلك قلت لها: «هو حضرتك ليس بالضرورة تفضلي قاعدة على طول.. الاعتصام دا تروحي شويا وتجي شويا.. ويجي حد ثاني، كل واحد يعتصم على حسب ظروفو.. روحي شوفي اللي وراك في البيت وبكرا تيجي ثاني»، فقالت لي: ربنا يريح قلبك» (يضحك). لقد كان لدى هذه السيدة إحساس بالذنب، لذلك لا ينبغي لأحد بعد الآن أن يتهم الشعب المصري بأنه غير جاهز للديمقراطية. - من كان يتهم المصريين بأنهم غير جاهزين للديمقراطية؟ قالها عمر سليمان (رئيس المخابرات العامة في مصر ونائب رئيس الجمهورية في آخر أيام حسني مبارك)، وقالت مثل هذا الكلام كل فرقة حسني مبارك. لذلك على كل الذين اتهموا الثورة المصرية بأنها ضيعت البلد وجاءت ب«الإخوان المسلمين» للحكم أن يقدموا اعتذارا جماعيا علنيا، لأنه بفضل هذه الثورة تخلص الشعب المصري من «الإخوان» مرة واحدة وإلى الأبد، فلو كان أي حزب، غير «الإخوان المسلمين»، حكم مصر بعد الثورة على حسني مبارك، لما كنا تخلصنا من «الإخوان» قبل أقل من 10 أو 15 سنة، لسبب بسيط هو أن «الإخوان» كانوا سيلعبون مرة أخرى دور المعارضة الثورية، وكانوا سينزلون إلى الميادين وينسقون معنا في مظاهرات ضد عمر سليمان أو أحمد شفيق أو حتى عمرو موسى. الآن لما حكم «الإخوان» انكشفوا، ولما انكشفوا على حقيقتهم أخذ الشعب المصري قراره وخلعهم. هكذا خلصتنا الثورة من مجموعة فاشية ظلت عبئا على الحركة الوطنية المصرية منذ سنة 1928 (تاريخ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا). - إلى هذا الحد تعتبر أن «الإخوان المسلمين» خطر فاشي وعبء على المجتمع المصري؟ أنا أتحدث بالمعنى السياسي. أما «الإخوان» فيبقون في النهاية مواطنين مصريين لا يمكن أن نتخلص منهم. هم اقترفوا جرائم يجب أن يحاكموا عليها، لكنهم كمواطنين من حقهم ممارسة حقوقهم السياسية حسب ما يسمح به القانون. لكن فكرة خلط الدين بالسياسة انتهت إلى الأبد، فمشهد 30 مليون مصري الذين خرجوا للمطالبة بعزل الرئيس مرسي، وهم يصلون في الميادين صلاة المغرب، كان دلالة على نهاية مرحلة وبداية أخرى. لقد كانت رسالة هؤلاء المحتجين على حكم الإخوان المسلمين كالتالي: هذا الدين ديننا ونحن نعرفه أكثر منكم، ولا نريد دينكم القائم على الكذب والتضليل والطمع والاستئصال.. وكل ما قمتم به لكي تصلوا إلى السلطة. وإذا كان هذا دينكم فلا حاجة لنا به، أما ديننا نحن فنمارسه لأننا مسلمون حقيقيون، بدون أن نستعمل الدين للوصول إلى السلطة. لقد أثبتت تجربة حكم «الإخوان» أنهم يستبيحون كل شيء من أجل الاحتفاظ بالسلطة، فالبلتاجي (يقصد الدكتور محمد البلتاجي القيادي في الإخوان المسلمين) يقول إن العنف الموجود في سيناء لن يتوقف إلا إذا عاد مرسي إلى منصبه السابق، وهذا يضعه تحت طائلة القانون لأنه حتى إذا لم يكن فاعلا محرضا على العنف، فهو ينسق مع من يقتلون الجيش المصري في سيناء، أو يعرف من هم، وإلا ما كان ليقول إن العنف الموجود في سيناء لن يتوقف إلا بعودة مرسي إلى الحكم. من ناحية أخرى، فإن استنجاد «الإخوان المسلمين» بأمريكا والاتحاد الأوروبي للبقاء في الحكم سيبقى على مر الأجيال عارا على جبينهم. - الاستنجاد بالخارج قامت به أيضا الحكومتان التركية والتونسية، اللتان رفضتا «الانقلاب على الشرعية»، وتقدمتا بشكاوى في الموضوع إلى الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وهذا الأخير جمد عضوية مصر. نفس الموقف اتخذته أيضا العديد من المنظمات الحقوقية الدولية ذات المصداقية. الانقلاب العسكري هو حركة عسكرية مفاجئة من مجموعة من المتآمرين لخلع من يحكم وتولي الحكم بالقوة المسلحة. هذا هو تعريف الانقلاب العسكري. لكن ما حصل في مصر هو أن السيد محمد مرسي لما فاز في الانتخابات خرج ملايين الناس إلى الشوارع مهللين مكبرين، وهؤلاء الذين كانوا يشكرون الله على وصول مرسي إلى الحكم لم يكونوا من «الإخوان المسلمين»، لأن طاقة «الإخوان» على الحشد هو ما نراه في رابعة العدوية، بل كانوا مواطنين مصريين فرحوا بهزيمة النظام القديم، ممثلا في أحمد شفيق، ولنتذكر بأن «الإخوان المسلمين» لم يمنحوا مرسي إلا خمسة ملايين صوت، من أصل 14 مليونا ونصف مليون صوت حصل عليها. لذلك فإن التسعة ملايين ونصف هي أصوات مواطنين صوتوا لمرسي لإسقاط أحمد شفيق (رئيس وزراء مصر في عهد حسني مبارك، نافس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية). وهذا شيء طبيعي ومنطقي جدا، لأنه لم يكن أحد ممن شاركوا في ثورة 25 يناير 2011 ليعطي صوته لرجل كان يقول: «أنا حسني مبارك هو مثلي الأعلى»، فهذا كان يعني أن الثورة ستتحول إلى نكتة سخيفة؛ فإذا كنت ستنتخب في الأخير من جاء به حسني مبارك «يبقى ليه موِّتي الناس ذي كلها حوالي 4 آلاف شهيد.. و18 ألف مصاب؟» الناس كانوا سعداء بمحمد مرسي الذي استدعى عددا كبيرا من النشطاء والمثقفين، من اليساريين المتشددين إلى غاية السلفيين، وقد كنت ضمنهم، وحدث بيننا حوار قبل مقابلة السيد مرسي فكان الجميع يقول: «معليش هو «إخوان» بس إحنا نحاول نساعدو.. لأنو لو نجح يبقى البلد كلو تنجح». لم يأخذ منه أحد موقفا إطلاقا، إذ كان الجميع يتمنى له النجاح في مهامه، لأن ذلك كان يعني نجاح مصر. أما الحديث عن أن مرسي كان متَربَّصا به فلا أساس له من الصحة، لأنه لو كان هناك تربص بمرسي لما نجح من الأساس. وقد كان رأيي واضحا، وهو أن يأخذ الرئيس مرسي سلطاته كاملة من المجلس العسكري، وقد اتخذت هذا الموقف ليس لأن مرسي إخواني، ولكن من منطلق أننا نؤسس للديمقراطية، وقد عاتبني البعض وقالوا إنني أحابي «الإخوان»، فأجبتهم بأنني أدافع عن مبدأ، إذ لا يجوز أن يكون هناك رئيس مدني تحت ظل العسكر. - لكن كان هناك من رفضوا وعرقلوا من الأساس وصول «الإخوان المسلمين» إلى السلطة؟ هؤلاء لم يكونوا يشكلون القطاع العريض من الناس. القطاع العريض صوَّت لمرسي من منطلق أنه رئيس مدني وأستاذ في كلية الهندسة. وعندما ستعرف من صوّت لمرسي سوف تندهش: باسم يوسف صوّت لمرسي ودعم انتخابه، وأحمد فؤاد نجم انتخب محمد مرسي هو وابنته نوارة، وعبد الحليم قنديل وحركة 6 أبريل.. كل هؤلاء وغيرهم انتخبوا محمد مرسي، وهم يعرفون انتماءه ل«الإخوان المسلمين»، لكنهم قرروا أن يعطوه فرصة. غير أن أول شيء اكتشفه المصريون هو أن هذا الرجل ليس هو الرئيس. كمال حبيب، وهو رجل من رموز العمل الإسلامي، قال في قناة «الجزيرة» إن الإعلان الدستوري توصل به محمد مرسي في ظرف مغلق من مكتب الإرشاد (قيادة الإخوان المسلمين)، وقد أكد هذا الكلام لاحقا أحد مستشاري محمد مرسي الذين استقالوا. ثاني شيء اكتشفه المصريون بعد انتخاب مرسي، هو أن هذا الرجل ليس رئيسا لكل المصريين، بل رئيس لجماعة «الإخوان المسلمين»؛ فعندما اعتقل 11 شخصا في الامارات (ينتمون إلى الإخوان المسلمين اتهموا في يناير الماضي بتدريب إسلاميين محليين على أساليب تخريبية) بعث إليهم مرسي رئيس المخابرات ونائب رئيس الجمهورية. لكنه لم يفعل أي شيء بالنسبة لآلاف المصريين المرميين في السجون السعودية. ومن بين الذين أحسوا بأن مرسي ليس رئيسهم مواطن مسيحي اسمه هلال صابر كان عائدا إلى بيته فَصُبّ عليه البنزين وأُحرق، ثم ضُربت الكاتدرائية بالرصاص، فاكتفى مرسي بالحديث في الهاتف. لكن عندما أصيب طلبة الأزهر بتسمم غذائي قام بزيارتهم، وهذا ترك انطباعا لدى فئة عريضة من المصريين بأن «هذا الرئيس لا يخصنا». - معارضو محمد مرسي، ومنهم أنت، يقولون إن الرئيس فشل أيضا في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية. ما دليلكم على ذلك؟ لا أعتقد أن أي رئيس سيكون أفشل من محمد مرسي. ما قادنا إليه مرسي هو أقصى حد في الفشل يمكن أن يمنى به رئيس لمصر، فقد اختار أناسا ليسوا أكفاء لشغل مناصب حساسة فقط لأنهم من «الإخوان». مرسي عيّن طبيبا في الأمراض الجلدية والتناسلية رئيسا ل«مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء» (يقصد الدكتور ياسر علي). هذا الرجل كان من المفروض أن يعالج الذين لهم حساسية أو مشاكل في المواضيع التناسلية، لا أن يعالج المعلومات ويدعم اتخاذ القرار بمؤسسة مجلس الوزراء. هذا المركز هو أكبر مؤسسة للمعلومات في أي دولة، وبناء على معلوماته يبني صانع القرار سياساته. بالإضافة إلى ذلك اكتشف المصريون أن مرسي ليس هو من يحكم. وأنه، ثانيا، ليس رئيسا لكل المصريين، وثالثا، يرجح منطق «الإخوانيات» على منطق الكفاءة فيمن يحيط نفسه بهم ويسند إليهم مناصب مهمة. النقطة الرابعة التي فاجأ بها مرسي و»الإخوان المسلمون» المصريين هي تواطؤهم مع فلول النظام السابق. أليس مرسي هو الذي منح قلادة لطنطاوي وعنان (منح المشير طنطاوي قلادة النيل، أعلى وسام في مصر، «تقديرا للجهد الذي أداه للوطن»، ووسام الجمهورية للفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق «تقديرا لدوره في خدمة الوطن»). من قال: «أنا لا أريد أن أسمع كلمة تطهير في الشرطة؟»، قالها مرسي في اليوم الثاني لتوليه مهام الرئاسة. من عين خالد ثروت رئيسا للأمن الوطني، هو الذي كان مسؤولا عن ملف «الإخوان المسلمين»؟ لقد تم تعيينه بمنطق: «اشهد لي أشهد لك». من «طلّع» المسؤولين عن موقعة الجمل براءة؟ النائب العام بتاع محمد مرسي، إذ لأول مرة ينسى أن يقدم طعنا، ثم يقدمه متأخرا. لهذا خرج كبار رجال الأعمال وبدأ بعضهم يدافع عن محمد مرسي. لذلك لا يحق ل«الإخوان المسلمين» الاستمرار في الحديث عن فلول النظام السابق، فهم الذين جاؤوا بهم، وهم من اتفقوا معهم وتواطؤوا معهم على الثورة، منذ جلوسهم مع عمر سليمان، قبل تنحي حسني مبارك. وقد طلع الخبر في قناة «المحور»، والتسجيل موجود، يقولون فيه: «السيد عمر سليمان شخصية وطنية عظيمة.. ولا شك أن مصر تتعرض لمؤامرة كبرى، يقصدون الثورة، وأن قيادة «الإخوان» طالبت من شبابها الانسحاب من ميدان التحرير»... وللأمانة والإنصاف فإن شباب «الإخوان» رفضوا الانسحاب. ولكن هذا لا يعطي لأي جهة أو مجموعة سلطة عزل مرسي عن الحكم؟ رغم كل أخطاء مرسي، لم ينزل في البداية أحد من المصريين ليطالبه بالتنحي، باستثناء أنصار أحمد شفيق الذين طعنوا في نزاهة الانتخابات. لكن تخيل لو أن أوباما أو رئيس وزراء إنجلترا، أو غيرهما، خرج ذات صباح وقال: اليوم ستكون قراراتي فوق الدستور، وأنصب لجنة غير شرعية.. هنا سنكون أمام رئيس تحول من رئيس منتخب إلى ديكتاتور مستبد. المواطنون انتخبوا الرئيس ليكون رئيسا ديمقراطيا، بينهم وبينه القانون والدستور، فإذا قرر أن يبقى فوق القانون والدستور يكون قد فقد شرعيته. - أي مستقبل أصبح للرئيس محمد مرسي وحزبه الحرية والعدالة وجماعة «الإخوان المسلمين»، بعد إبعادهم عن المشهد السياسي فيما يعتبرونه, هم, انقلابا على الشرعية، وتعتبره أنت وآخرون تصحيحا لثورة 25 يناير 2011؟ لقد أصبح مستحيلا أن تمنح أي «إخواني» أي مسؤولية. الشرعية هم من حطموها يوم الإعلان الدستوري في 22 نونبر 2011. وقد فقدت شرعية نظام مرسي عندما توفي 200 شخص، سواء بالتعذيب أو بالرصاص (محتجا: «هو انت بتحاكم مبارك ليه»). كما أن هناك 3 آلاف و400 معتقل تعرضوا للتعذيب بشكل أسوء مما كان يحدث في عهد حسني مبارك (يصمت). هل تذكر عماد الكبير سائق الطاكسي الذي هتك عرضه (من طرف معاون مباحث قسم بولاق، وأمين الشرطة داخل وحدة القسم). هناك 20 حالة موثقة لشباب الثورة اغتصبوا في سجون محمد مرسي. أين هي، إذن، الشرعية وأنت تقترف جرائم أكبر مما كان يقترفها حسني مبارك.