تحول اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، زوال أول أمس الأربعاء، إلى «سويقة وحمام»، على حد تعبير عادل تشكيطو،البرلماني الاستقلالي، بعد أن نشبت خلافات حادة بين نواب فريقي حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من جهة، ونواب العدالة والتنمية، من جهة ثانية، قبل أن يدخل الاستقلاليون على خط المواجهة. واضطر رئيس اللجنة إلى رفع الجلسة، التي كانت مخصصة لمقترح قانون حول المناصفة، ودعوة مكتبها إلى الانعقاد، بعد أن كادت الأمور تتطور إلى الأسوأ في ظل الاحتقان الذي ساد الاجتماع وحوله إلى ساحة لتبادل الاتهامات والملاسنات الحادة والشتائم بين برلمانيي حزب بنكيران ومعارضيه. فيما لم تجد بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، من بد غير مغادرة القاعة التي احضتنت الاجتماع وعلامات الغضب بادية على محياها، قبل أن تعود بعد نحو ربع ساعة لإلقاء عرض حول خطة حكومة بنكيران للمناصفة. ومنذ الدقائق الأولى، سادت أجواء مشحونة ألقت بظلالها السوداء على اجتماع اللجنة النيابية، وترجمتها اتهامات فرق «البام» والاتحاد الاشتراكي والاستقلال لبرلمانيي بنكيران ب«الإنزال» ووجود نية مسبقة لنسف الاجتماع، وأخرى مضادة ب«ممارسة ديكتاتورية الأقلية»، في حين كان لافتا أن مصطلحات مصنفة في باب الشتائم بدأت تؤثث المشهد البرلماني لما بعد الربيع العربي، ودفعت البرلماني تشكيطو إلى دعوة رئيس الجلسة إلى رفعها، محملا إياه المسؤولية عن «وضع لا يشرف نواب الأمة». إلى ذلك، فجرت مداخلة عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب رئيس الحكومة، معركة «المناصفة»، بعد أن أبدى رفضه لمقترح قانون تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة يتعلق بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، بالنظر إلى أن النظام الداخلي لمجلس النواب في مادته 100 يؤكد على أنه لا يمكن أن يناقش البرلمان بغرفتيه مقترحا له نفس الموضوع، مؤكدا أن هذه الحالة تنطبق على مقترح «البام» الذي وضعه بداية 2013، في حين تم وضع مقترح مماثل له في مجلس المستشارين من قبل الفريق الاستقلالي منذ السنة الماضية. رد بوانو لم يمر بردا وسلاما، إذ أثار حفيظة خديجة الرويسي، برلمانية «البام»، التي اعتبرت ما يقع اليوم من «إنزالات ونسف لمناقشة مقترح فريق الأصالة والمعاصرة يؤكد بالملموس أن البعض يحاول أن يجعل هذه المؤسسة الدستورية بدون قيمة أو إضافة تشريعية ويجعلها مرهونة بمزاجية وتحكم الحكومة كما كان يحصل أيام وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري». واتهمت الرويسي «إخوان بنكيران» بممارسة سلوك هيمني معطل للمبادرة التشريعية من طرف الأغلبية والحزب الأغلبي، في إشارة إلى فريق العدالة والتنمية في موضوع حساس «يتعلق بحقوق المرأة وظروف عيشها الصعبة التي تنتظر منا التضحية والمجهودات الجبارة بعدما أصبح المغرب يحتل في حقوق المرأة رتبا مخجلة عالميا تجعله في بعض الحالات وراء دولة جيبوتي». من جهتها، اتهمت حسناء أبو زيد، البرلمانية الاتحادية، حزب العدالة والتنمية ب«تعطيل التشريع البرلماني لصالح الحكومة»، معتبرة أن ما قام به الفريق الإسلامي من إنزال قوي لأعضائه مرده سعيه لعرقلة قانون تنتظره المغربيات بشوق في ظل عجز الحكومة إلى حدود الساعة عن تقديمه. وفيما اعتبرت أبو زيد أن معارضة حزب بنكيران لمقترح فريق «البام» مرده الموقف العام للحزب من قضية المرأة عبر استغلال هفوات النظام الداخلي لتحقيق تلك الغاية، أبدى عبداللطيف وهبي، رئيس فريق «الجرار»، أسفه للعرقلة التي لقيها تقديم مقترح القانون الخاص بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، الذي أعده الفريق. وقال وهبي: «نتأسف ونحن نضطر إلى تأخير مناقشة مقترحنا بسبب دوافع وحجج غير قوية فقط لمزاحمتنا من طرف الحكومة في مناقشة مجرد تصور لها في قضية معينة بدل مناقشة مشروع مقترح قانون هذه المرة أعده فريقنا ووضعه قبل شهور بالمجلس وظل ينتظر المناقشة قبل أن نفاجأ بتعطيله اليوم ووقوعه ضحية حروب سياسية ضيقة».