تقول السيدة أمينة، وهي ربة بيت تبلغ من العمر 45 سنة: «عندما ارتبطت بزوجي قبل عشر سنوات، كان راتبه بسيطا لا يتجاوز 4500 درهم، وكان لا يملك سوى شهادة جامعية ودبلوم في إدارة الأعمال، وبسبب هذا الراتب المتواضع اكترينا شقة متواضعة، وكنا نحاول تدبر أمورنا بشتى السبل، خاصة بعد أن أنجبنا طفلتين، ولذلك كنت أحاول قدر الإمكان ألا أكون متطلبة لأنني أقدر الوضع المادي الذي نعيشه، لكن في يوم من الأيام عرض على زوجي منصب مهم في إحدى الشركات الأجنبية، فبدأت أمورنا المادية تتحسن بشكل كبير وسريع، واعتقدت أن هذه النعمة التي من الله بها علينا ستزيد من سعادتنا. لكن ما حصل كان عكس توقعاتي تماما. فقد صاحب هذا التحسن المادي تغير مفاجئ ظهر على تصرفات زوجي، حيث بدأ يتغيب كثيرا عن البيت، وأصبح يأتي إلينا متأخرا كل ليلة، وفي بعض الأحيان كان يبيت ليلته بعيدا عنا. حاولت معرفة ما يجري لكنه كان يتحجج بكثرة مسؤولياته الجديدة، وشيئا فشيئا بدأت أشعر بالملل يتسلل لعلاقتي بزوجي، واقتنعت أنه لم يعد كما كان، خاصة بعد أن نسي أن له طفلتين يجب الاعتناء بهما. وأصبح يرمقني بنظرات متعالية، ولا يهتم بأموري، ولم يتأخر الوقت حتى تحققت شكوكي، حيث أكدت لي إحدى صديقاتي أنها رأته مع فتاة أنيقة في مركز للتسوق، وهي تتأبط ذراعه. فهمت الرسالة جيدا، وقررت ألا أصارحه بالأمر، لأنني سأتسبب في خراب بيت الزوجية، خاصة وأن لدي طفلتين يحبان والدهما كثيرا ولا أريد أن أخدش صورته في عينيهما، أو أن أسبب لهما عقدة نفسية. أنا اليوم أكتفي برمي بعض الكلمات التي تبين له أنني لست ساذجة، وعلى معرفة بكل ما يجري، لكنني متأكدة أنه لم يتزوج علي، بل يقوم بمثل هذه التصرفات من باب اللهو فقط». ولا تختلف قصة ربيعة كثيرا عن حكاية السيدة أمينة لأنها عانت هي الأخرى الأمرين من تصرفات زوجها الطائشة. تقول ربيعة التي تعمل أستاذة بالتعليم الابتدائي: «منذ بداية زواجنا اكتشفت أن زوجي شديد البخل، وأنه دائما يدعي تعرضه لأزمات مادية، وهو الأمر الذي كان يرغمني على الإنفاق على البيت وعلى ابننا الوحيد، استمر الوضع على ما هو عليه حتى بدأت أكتشف في السنوات الأخيرة أنه أصبح شديد الاهتمام بمظهره، وبنوعية الملابس التي يرتديها، وبدأ يطالبني بتحسين مظهري، والأسوأ من ذلك كله أنه أصبح لا يصرف ولو درهما واحدا على ابننا والبيت، وعندما تتاح لنا فرصة الجلوس لوحدنا، يصبح حديثه الرئيسي والمفضل هو الموظفات اللواتي يشتغلن معه، والعطور التي يستعملنها، ونوعية الملابس التي يرتدينها، أو يخبرني بكل وقاحة أنه أوصى بعطر من فرنسا، وقميصا من ماركة معينة. ليس هذا فحسب، فقد أصبح زوجي الذي يدعي العوز يدخل البيت محملا بمشتريات كثيرة لنفسه، وعندما أسأله لماذا يقصيني ولا يشتري لي أي شيء، يصرخ في وجهي: «أنت تعملين أيضا فلماذا لا تشترين لنفسك ما تشائين». لقد أصبح زوجي، الذي أصبح ثريا نوعا ما، ينسى أن له ابنا ويحتاج بدوره لأشياء كثيرة، ولذلك ناقشت معه حول هذا الموضوع كثيرا، لكنه ظل يتجاهلني وأصبح حريصا أكثر على سهراته خارج البيت، وسفرياته التي لا تنقطع، وبعد مدة من هذا التجاهل طلبت منه الطلاق لأنني لا أستطيع العيش مع رجل حولته المادة الى إنسان مستهتر، وغير مسؤول بالمرة».