النساء اللواتي أُعجبْن حتى الثمالة بوسامة ممثل تركي اسمه مهنّد، يمكنهن اليوم أن يضعن صوره في قمامة البيت ويضعن مكانه صورة تركي آخر اسمه أردوغان.. وهو رجل أكثر وسامة ورجولة... والنساء طبعا يحببن الرجولة الواقفة والمواقف المنتصبة كأعمدة هرقل، وليس الوسامة التي لا تهشّ ولا تنشّ. يمكن للزعماء العرب أيضا أن ينزعوا صورهم الشخصية من مكاتبهم ويعلقوا عوضها صورة الزعيم التركي، أما السبب فهو بسيط، إنه رجل يغضب وهم لا يغضبون، هم عرب لا يفقهون ويرددون كلمة عروبة مائة مرة في اليوم، وهو رجل لا علاقة له بهذه النزعة الشاردة التي اسمها العروبة لأنه مرتبط بهم كبير اسمه النزعة الإنسانية. الذين شاهدوا رئيس الوزراء التركي أردوغان والدم يغلي في وجهه وهو يوجه انتقادات حادة لمجرم الحرب الإسرائيلي شيمون بيريس خلال ملتقى دافوس، أصبحوا يفرقون جيدا بين النفاق والتفاهة، وبين الرجولة والحزم. والذين استمعوا لكلمات هذا الرجل، ليس الآن فقط بل منذ بدء المجزرة الصهيونية ضد غزة، يعرفون أن رئيس الوزراء التركي يعطيهم دروسا كبيرة في السياسة والتاريخ والغيرة والعمل. هذا الرجل حقق معدلات نمو اقتصادي قياسية في تركيا، ويربط علاقات وثيقة مع كل بلدان العالم، ومع ذلك لم يتردد لحظة في إعلان رفضه لأعداء الإنسانية وقتلة الأطفال. أردوغان ليس عربيا، وبلاده تربط علاقات جيدة مع إسرائيل في كل المجالات، ومع ذلك فقد انتفض ومعه تركيا كلها ضد مذبحة غزة. ربما يكون من الأجدى لحفنة من المتطرفين العرقيين الذين يلتقطون الصور أمام العلم الإسرائيلي وهم يبتسمون ببلاهة مطلقة أن يأخذوا العبرة من تركيا غير العربية، تركيا التي بنت اقتصادا صلبا وتطرق بقوة باب الاتحاد الأوروبي، هي الآن تعطي دروسا كبيرة للعالم وللمنكمشين في جحور التطرف العرقي وتعلمهم أن الهم الذي يوحد البشر هو الإنسانية وليست النظريات المثقوبة والشعارات داخل غرف مغلقة تتسع لأقل من 20 شخصا. هناك درس كبير آخر لقنه أردوغان للعالم، وهو أن الأكاذيب الإسرائيلية تكبر وتكبر حتى تصبح غولا لأنه لا يوجد من يرد عليها. وحين كان مجرم الحرب بيريس يمدح قتل الأطفال، كان المجتمعون في قاعة الاجتماعات يصفقون له بحرارة، فانتفخت أوداجه وبدا وكأنه ينهر رئيس وزراء تركيا، فانتفض هذا الأخير ووجه تقريعا حادا للحاضرين وسألهم كيف تصفقون لمن قتل 500 طفل، ووجه توبيخا مدهشا لبيريس الوسخ قائلا: أنت تخاطب رئيس وزراء دولة وليس زعيم قبيلة، وأنا أحترمك لسنك فقط لأن كل ما قلته يفنده الواقع ونظريات العلوم السياسية. هل هناك زعيم عربي يمكن أن يقوم بما قام به أردوغان؟ طبعا، لأنه خلال عدد من مؤتمرات القمة العربية تواجه الزعماء العرب بما هو أكثر من ذلك، ووجهوا شتائم فظيعة لبعضهم البعض، ووصفوا بعضهم بالقردة والانقلابيين والخونة وكل ما يخطر على بال، وهذا طبعا يدخل في إطار «وجعلنا بأسهم بينهم». المثير في حادث دافوس، أن أردوغان عندما جمع أوراقه وخرج غاضبا بعد أن منعوه من إكمال توبيخه وفضحه لبيريس، قام الأمين العام لجامعة القبائل العربية عمرو موسى وصافحه ثم بقي واقفا يدور في مكانه مثل قارورة بلاستيكية فارغة تتلاعب بها الرياح، لا يعرف هل يتضامن مع أردوغان وينسحب أم يعود ويجلس، حتى أمره الأمين العام للأمم المتحدة بإشارة مهينة بيده أن يجلس فورا، فجلس وكأنه تلميذ كسول نهره معلمه. يا شعبان عبد الرحيم.. يا من غنيت سابقا «بحب عمرو موسى.. وبكره إسرائيل.. غنّ لنا هذه المرة: بحبّ أردوغان.. وبكره عمر موسى..