أبرزت دراسة أنجزتها وزارة الاقتصاد والمالية مؤخرا، مكامن الخلل وأسباب تعثر القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية بالمغرب، رغم أن الدولة توفر استثمارات ضخمة في إطار مخطط المغرب الأخضر الذي انطلق منذ عدة سنوات، حيث لا يساهم القطاع سوى ب 20 في المائة فقط من الناتج الداخلي الخام، منها 16 في المائة في القطاع الفلاحي و4 في المائة في الصناعات الغذائية، وأقل من 10 في المائة من إجمالي صادرات المغرب. وأشارت الدراسة التي أشرفت عليها مديرية الدراسات والتوقعات المالية، إلى استمرارية عجز الميزان التجاري لمدة طويلة دون الاستفادة مما يمنحه القطاعان في هذا المجال لو تم تنويع الأسواق التي يمكن للمنتجات المغربية اقتحامها، باعتبار أن التركيز لا يزال موجها للأسواق الأوربية، الشيء الذي نتج عنه تراجع في العائدات خصوصا أمام الأزمة الاقتصادية التي ضربت منطقة الأورو. وتدعو الدراسة إلى تنويع الأسواق التي يمكن للمنتجات الفلاحية المغربية اقتحامها، وخصت بالذكر الأسواق الإفريقية والأسيوية، التي لا تمثل حاليا سوى 2 و 3 في المائة على التوالي من حجم الصادرات المغربية في هذا المجال، إذ تمثل بعض المناطق فرصا هائلة يمكن استغلالها خاصة في الشرق الأوسط (السعودية والإمارات العربية المتحدة)، معتبرة أن تصدير الطماطم وزيت الزيتون المغربي إلى هذه البلدان يمكنه أن يساهم في تخفيف العجز التجاري المغربي مستقبلا. واعتبرت الدراسة التي نشرت أول أمس الاثنين على الموقع الالكتروني لوزارة المالية والاقتصاد، أن قطاع الزيتون بالمغرب لا يزال نصف إنتاجه تقليديا، الشيء الذي ينتج عنه ضعف في الأداء وقيمة مضافة شبه منعدمة، إذ تعاني الزيوت المغربية من عدم التوافق مع المعايير الدولية، ويرجع ذلك حسب نفس الدراسة، إلى عدم استعمال التكنولوجيات الحديثة في عملية الإنتاج. لكن يبدو أن المغرب لديه ميزة نسبية بالنسبة للفواكه والخضروات غير المجهزة، تضيف الدراسة، حيث لديها مكانة خاصة لدى المستهلك الأجنبي، لكن رغم ذلك فإن حصتها في السوق على الصعيد العالمي لا زالت ضعيفة، أمام المنافسة القوية من بلدان البحر الأبيض المتوسط وخاصة إسبانيا وإيطاليا ومصر وتركيا. وكان عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، قد أوضح في عرض ألقاه خلال حفل افتتاح المناظرة السادسة للفلاحة التي نظمت مؤخرا، أن هناك عدة مشاريع تهم استبدال الزراعات بمنتجات ذات تنافسية عالية لفائدة أزيد من 56 في المائة من الساكنة المستهدفة، مشيرا في هذا الإطار إلى أن برنامج تحدي الألفية يمثل نموذجا ناجحا في تنمية هذه المناطق بإنجازه عدة مشاريع تضامنية فلاحية همت 190 ألف هكتار لفائدة 136 ألف فلاح. واعتبر الوزير أن الثقة التي حظي بها مخطط المغرب الأخضر على الصعيدين الوطني والدولي ساهمت بشكل واضح في إنجاح البرامج والمشاريع التي تم إطلاقها، حيث مكنت التعبئة، التي عبر عنها مختلف الشركاء الماليين من رصد أكثر من 12 مليار درهم لفائدة المشاريع والبرامج التضامنية، منها 57 في المائة على شكل قروض و43 في المائة على شكل هبات من قبل 11 مؤسسة تمويلية وطنية ودولية. واستعرض الوزير مؤشرات تقنية واقتصادية تؤكد معالم القطاع الفلاحي ما بين 2008 و2012، من خلال ارتفاع نسبة الاستثمار لكل عامل فلاحي بأكثر من 18 في المائة، والمساحات المزروعة بنسبة 11 في المائة (بزيادة 750 ألف هكتار)، ونسبة استعمال المكننة الفلاحية من 5 إلى 6.7 جرارات لكل ألف هكتار (بارتفاع 36 في المائة). كما ارتفعت مردودية أهم سلاسل الإنتاج، يضيف الوزير، بمعدل يتراوح ما بين 6 في المائة بالنسبة للحوامض،و65 في المائة بالنسبة للحبوب، وكذا قيمة المنتجات المصنعة المصدرة بحوالي 8 في المائة، إلى جانب تحسن نصيب الفرد من المتوفرات الغذائية بحوالي 14 في المائة واستقرار نسبي لمؤشر أسعار المواد الغذائية الفلاحية الذي لم يتعد 13 في المائة مقابل 33 في المائة على الصعيد العالمي (مؤشر الفاو).