عرفت شعبية الملك الإسباني خوان كارلوس في السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا، حيث بلغت أدنى مستوياتها في العقدين الأخيرين، واتضح ذلك جليا خلال خطابه السنوي بمناسبة أعياد الميلاد الأخيرة، و الذي طالب فيه كل أطراف النخبة السياسية الإسبانية بالوحدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، هذا الخطاب الذي تابعه على القناة الأولى للتلفزة الإسبانية 6 ملايين و921 ألف مشاهد، وبلغت نسبة مشاهدته تلك الليلة من مجموع مشاهدي القنوات الإسبانية % 64,6، وبمقارنة مع السنوات الماضية فإن العاهل الإسباني فقد مليوني مشاهد منذ سنة 1998، منهم 250 ألف مشاهد فقدهم فقط في السنتين الأخيرتين، وهذا مؤشر واضح على هبوط نسبة شعبيته خلال الآونة الأخيرة. إنها فعلا أزمة تعاني منها المؤسسة الملكية في إسبانيا، وهي لم تولد من فراغ، بل نتجت عن أسباب مباشرة تمثلت في عدة مشاكل وصدمات هزت كيان العائلة الملكية لتمتحن صلابة العرش الإسباني. الملك والدوقة الغامضة تناولت وسائل الإعلام الإسبانية بإسهاب موضوعا حساسا مرتبطا بالدوقة الألمانية «كورينا زوساين فيتغينسن» واحتمال وجود علاقة عاطفية مع الملك. كورينا ثرية ألمانية من عائلة عريقة ونبيلة في ألمانيا، كسبت صفة «الأميرة» من طليقها الأمير الألماني «كاسمين زو ساين». وتحكي تقارير إخبارية أوروبية عن نفوذها القوي في دوائر صناعة القرار في أوروبا وعن علاقاتها المتميزة مع أمراء عرب وكثير من أثرياء الخليج والشرق الأوسط، حتى أنها لعبت دور الوسيط في صفقات كبرى بين الدولة الإسبانية ودول الخليج، همت عدة قطاعات من بينها ميدان الطاقات المتجددة، لكن أبرزها دون شك، صفقة ضخمة لا تزال قيد التفاوض بين إسبانيا والمملكة العربية السعودية، قد تقتني عبرها هذه الأخيرة 250 دبابة إسبانية من نوع «ليوبارد»، حيث ستبلغ كلفتها ثلاثة مليارات يورو، وإن تحققت، ستكون أضخم صفقة بيع أسلحة توقعها إسبانيا في تاريخها، وستعود بالنفع الكبير على الاقتصاد الإسباني المريض. الشك في طبيعة العلاقة بين العاهل الإسباني وهذه الأميرة غذته عدة مؤشرات، أولها تصريح كورينا لجريدة «إلموندو» الإسبانية خلال شهر مارس الماضي، حين اعترفت بوجود علاقة صداقة قوية مع الملك الإسباني ووصفتها بقولها «صداقتي مع الملك خوان كارلوس هي صداقة من نوع خاص». من جهة أخرى كشف الإعلام الإسباني أن هذه الأميرة كانت، أثناء زياراتها العديدة والمتكررة لإسبانيا، تنزل في إقامة فاخرة تابعة للقصر الملكي في ضواحي العاصمة مدريد، وعند تجوالها وتنقلاتها داخل المدينة كانت تحظى بحراسة خاصة مؤمنة من جهاز المخابرات الإسباني. كل هذا التعامل الاستثنائي مع هذه السيدة، التي لا تشغل أي منصب رسمي سواء في إسبانيا أو في بلدها ألمانيا، وكذلك التصريحات التي أكدت فيها أنها قدمت، ولا تزال، خدمات جليلة للدولة الإسبانية، دفع البرلمان الإسباني لاستدعاء مدير المخابرات الجنرال «فليكس رولدان» ليستفسر منه، في جلسة سرية، عن حقيقة الأخبار الشائعة حول هذه الأميرة. كما تقدمت كذلك بعض الأحزاب الإسبانية، يتزعمها اليسار الموحد، بأسئلة في الموضوع تحت قبة البرلمان الإسباني إلى وزير الخارجية، الذي كذب كل تلك الإشاعات عن علاقات الأميرة الألمانية مع الحكومة والقصر الإسبانيين، لكنه سرعان ما تراجع عن تصريحاته في اجتماع لاحق ليؤكد أنه سبق وأن جمعته مع الأميرة «كارينا» لقاءات تشاورية في شأن ملفات التعاون الخارجي بين إسبانيا وبعض دول الخليج. لقاءات العاهل الإسباني مع الأميرة الألمانية تجاوزت التراب الإسباني حيث ثبت مرافقتها له في العديد من أسفاره و تنقلاته الخارجية، بل حتى في رحلاته الترفيهية الخاصة، كرحلته بداية شهر أبريل سنة 2012 إلى بوتسوانا، لغرض ممارسة هواية خاصة جدا وهي صيد الفيلة... رحلة الفضيحة لعل هذه الفضيحة وما تلتها من تداعيات، والزوبعة الإعلامية التي أثارتها في كل أوروبا، هي أخطر حدث أثر على سمعة الملك الإسباني. وتعود أحداث هذه القضية إلى شهر أبريل سنة 2012، حين سافر العاهل الإسباني، رفقة صديقته الألمانية، في رحلة لصيد الفيلة عبر رحلات «السافاري» الشهيرة والمكلفة في سهول بوتسوانا. هذه الرحلة انتهت نهاية تراجيدية للعاهل الإسباني، حيث أصيب خلالها بإصابة بليغة على إثر اصطدامه بأحد أعمدة الخيمة التي كان يقيم فيها في رحلة الصيد تلك، فسقط وأصيب بكسر خطير في وركه الأيمن حتم عليه إجراء عملية جراحية دقيقة كللت بالنجاح، فعرف الناس الحقيقة، حقيقة ملك يصطاد فيلة بأربعين ألف دولار للفيل الواحد بينما ينتحر بعض الإسبان بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة. وعندما خرج الملك من المستشفى يوم 18 أبريل سنة 2012 أطلق اعتذاره التاريخي الشهير، موجها كلامه إلى الشعب الإسباني حيث قال «أعتذر لكم، لقد أخطأت، وأعدكم ألا يتكرر ذالك أبدا...». اعتذار الملك هذا ربما خفف من السخط العارم للرأي العام الإسباني حين علم بخبر رحلة الصيد تلك، حيث قام بها في وقت يختنق فيه الشعب الإسباني من تداعيات الأزمة الاقتصادية، مع العلم أن تكلفة صيد فيل واحد في رحلة السافاري البوتسوانية تصل إلى 30 ألف يورو. الملك حاول أيضا التقليل من جسامة خطئه عندما تعمد ديوانه تسريب خبر إلى الصحافة مفاده أن كل مصاريف رحلة الصيد تلك تكلف بها ثري سعودي، وهو صديق مشترك للملك وللأميرة الألمانية. هذه المغامرة الإفريقية «المتهورة» تسببت في الإضرار بصورة العاهل الإسباني حتى على الصعيد الدولي، حيث قرر الصندوق العالمي لحماية البيئة، نزع عضويته الشرفية التي كان يتمتع بها بمجلسه الرئاسي بعد الضرر الذي ألحقه بمنظمتهم. الفساد يقتحم القصر لا شك أن أقوى صدمة تلقتها المؤسسة الملكية الإسبانية في السنوات الأخيرة، هي قضية تورط صهر الملك خوان كارلوس، الدوق «إنياكي أوردانغارين»، زوج أصغر بناته، الأميرة «كريستينا»، في قضايا شملت تلاعبات مالية لا زالت معروضة أمام محكمة «بالما دي مايوركا»، حيث يتابع بتهمة الرشوة واختلاس أموال وصلت قيمتها إلى ستة مليارات يورو، في المدة التي ترأس فيها مؤسسة «نووس» ذات الطابع الخيري، من 2004 إلى 2006. وعند مثوله أمام القاضي الإسباني «كاسترو» المكلف بالقضية يوم السبت 23 فبراير 2013، نفى لاعب كرة اليد الشهير سابقا، وجود أي علاقة لزوجته الأميرة أو للملك الإسباني بمعهد «نووس» الذي كان يديره. وأكد «إنياكي» أيضا أن الملك خوان كارلوس، عكس ما تداولته بعض الصحف الإسبانية، لم يتدخل بتاتا في عمله ولم يشجعه أو ينصحه أو يقدم له أي مشورة... وكانت صحف إسبانية كشفت عن وجود علاقة ما للملك مع نشاطات صهره، حيث طفت إلى السطح رسائل إلكترونية يشتبه أن يكون الملك أرسلها إلى صهره يشجعه فيها وينوه ب»مسيرته الناجحة كرجل أعمال متميز».. رسائل دوى صداها بقوة بين الرأي العام الإسباني، لأنها كانت أول مرة يذكر فيها اسم الملك فعليا، ولو من بعيد، في قضية ينظر فيها القضاء. ولم يكن المصدر الكاشف عن هذه الرسائل سوى «دييغو توريس»، الشريك السابق ل»أوندانغارين» في إدارة معهد «نووس» المتابع بدوره في نفس القضية. وموازاة مع ذلك، ما فتئ القصر الإسباني ينفي بشدة أي صلة للأميرة «كريستينا» بالأنشطة التي كان يمارسها زوجها، عازلا هذا الأخير عن محيط القصر ونازعا عنه أي تمثيلية للعائلة الملكية، إلى حين البت النهائي في القضية من طرف القضاء، لكن موقف القصر لاقى تشكيكا من طرف فئة ليست بالقليلة من الإعلاميين والسياسيين الإسبان، الذين لم يستبعدوا معرفة مسبقة للأميرة كريستينا بطبيعة أعمال زوجها. وكانت هيئات سياسية وحقوقية إسبانية، لم تضم الأحزاب الكبرى، نظمت وقفات احتجاجية أمام محكمة «بالما دي مايوركا» للمطالبة باستدعاء الأميرة للمثول أمام القضاء للإدلاء بشهادتها في القضية التي يتابع فيها زوجها بصفتها زوجته أولا، وثانيا كونها شريكته في بعض الأنشطة التجارية التي يزاولها، مطالبين بمعاملة المواطنين الإسبان معاملة واحدة، سواء كانوا أمراء أو أجراء. القاضي «كاسترو» لم يكن ينتظر غير ذلك، ليقدم استدعاء رسميا يوم 3 أبريل الماضي، للأميرة كريستينا، من أجل الاستماع إليها بقاعة المحكمة يوم 27 أبريل بصفتها شاهدة في القضية، وهي خطوة مفاجئة قوبلت بالترحيب من طرف البعض وبالاستنكار من طرف أغلبية الأطياف السياسية الإسبانية التي وصفت قرار القاضي بالمتسرع، لكن هذا الأخير أجابهم بكونه يتوفر على 14 مؤشرا تفيد باحتمال وجود علاقة للأميرة في التلاعبات المالية لزوجها. ومع اقتراب موعد الجلسة التاريخية، زاد الترقب لدى الرأي العام الإسباني، واحتدم النقاش بين السياسيين والحقوقيين وكل الإسبان حول مدى ضرورة مثول الأميرة أمام المحكمة، فتحول هذا الجدل إلى قضية وطنية بامتياز. لكن الهيئة العليا لمحكمة «بالما دي مايوركا»، في اجتماعها ليوم 7 ماي الأخير، قضى بإلغاء قرار استدعاء الأميرة بدعوى عدم كفاية الأدلة المقدمة من طرف القاضي، وكان ذلك خبرا مفرحا لكل المساندين والمتعاطفين مع العائلة الملكية. لكن قرار هيئة المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة، والذي حسم بصوتين مقابل صوت واحد، لم يستبعد تماما إمكانية استدعاء الأميرة مجددا إذا تمكن القاضي كاسترو من التوصل إلى معلومات جديدة، تبين بشكل أوضح تورط الأميرة كريستينا في تجاوزات زوجها. رد فعل القصر على قرار هيئة المحكمة كان إيجابيا، حيث عبر عن ارتياحه، مؤكدا على ثقته التامة في القضاء الإسباني... وهو ارتياح أزال قلقا كبيرا ساد العائلة الملكية التي كانت تتخوف من تلقي ضربة قوية لو مثلت الأميرة أمام القضاء، خصوصا بعد الضربة الأخيرة التي تلقاها حين استدعى القاضي كاسترو الكاتب العام للقصر الملكي «كارلوس ريفانغا»، المقرب جدا من الأميرات بنات الملك خوان كارلوس، للإدلاء بشهادته في القضية بصفته كان مستشارا لإنياكي أوردانغارين ومطلعا على تفاصيل أنشطته وحسابات معهد «نووس». حوادث من الماضي في يوم 10 نونبر من 2007 حضر رؤساء و قادة دول أمريكا الجنوبية عدا البرازيل، رفقة إسبانيا في القمة «الإبيرو-أمريكية» بالعاصمة الشيلية سانتياغو، وأثناء هذا الاجتماع وقعت مشادة كلامية بين الرئيس الفنزويلي الراحل «هوغو تشافيز» والعاهل الإسباني، فقد كان رئيس الوزراء الإسباني آنذاك خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو، بصدد تلاوة خطابه في القمة، عندما قاطعه الرئيس الفنزويلي للمرة السادسة، ما جعل الملك خوان كارلوس يفقد أعصابه ويثور صارخا في وجه تشافيز، قائلا له عبارته الشهيرة «لم لا تصمت؟!»»، فشكلت هذه الواقعة نقطة تحول في العلاقات الإسبانية-الفنزويلية، حيث أكد بعدها رئيس فنزويلا بأنه سيعيد النظر جذريا في علاقة بلده مع المستعمر التاريخي إسبانيا، ما لم يقدم الملك الإسباني اعتذارا رسميا له وللشعب الفنزويلي. وبالفعل، بدأ في تنفيذ تهديداته بوضع تدابير جديدة ترمي بالأساس إلى تضييق الخناق على المصالح الإسبانية في فنزويلا، خصوصا الشركات الاستثمارية الإسبانية العملاقة التي تنشط أغلبها في قطاع البترول، والذي يشكل المورد الرئيس لاقتصاد البلد. ومع مرور الوقت، بدأت الأضرار والخسائر الاقتصادية تؤرق الشركات الإسبانية العاملة في فنزويلا، فبدأ لوبي قطاع الطاقة في إسبانيا يضغط على الحكومة والقصر للعمل على المصالحة بين البلدين، لتعود العلاقات إلى سابق عهدها وتعود الأرباح إلى الشركات الإسبانية، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها إسبانيا والتي لا تحتمل أي صدمات أخرى. السياسيون والاقتصاديون الإسبان نظروا بعين العتاب إلى الملك خوان كارلوس، بعدما تسبب في هذه الأزمة بين البلدين نتيجة «تهوره و قلة حكمته» رغم تجربته الطويلة في الميدان الدبلوماسي، فقد كان عليه أن يكون أكثر رزانة ويحافظ على برودة دمه في محفل رفيع جمع بين إسبانيا وأصدقائها المقربين، التي تجمعها معهم علاقات اقتصادية مهمة جدا. ولأن الملوك لا يعتذرون للأجانب، فإن خوان كارلوس لم يخالف القاعدة، لكن كل ذلك الحشد الدبلوماسي والمجهودات الحثيثة التي قامت بها الخارجية الإسبانية من أجل عيون شافيز بمباركة من القصر، اعتبره البعض أشبه ب»نصف اعتذار»، حتى أن الرئيس الفنزويلي قام بزيارة لإسبانيا سنة بعد تلك الحادثة والتقى رسميا مع العاهل الإسباني ومازحه في لقطة طريفة قائلا للملك إن هذا الأخير «مدين له ببعض المال»، في إشارة إلى رنة للهاتف انتشرت بشكل كبير جدا في إسبانيا وفنزويلا وكل دول أمريكا الجنوبية، تحمل عبارة خوان كارلوس التي وجهها له حين قال «لم لا تصمت». هل حان رحيل كارلوس فيليبي؟ شكلت المتاعب الصحية للملك خوان كارلوس، موضوعا للنقاش بين كثير من السياسيين الإسبان، وسرعان ما تطور النقاش إلى جدل سياسي واسع، يناقش مدى قدرة العاهل الإسباني على تحمل أعباء مزاولة مهام رئيس الدولة والقيام بالأنشطة الملكية المتعددة بما فيها السفريات والزيارات السنوية إلى الدول الصديقة، التي يصل معدلها إلى سبع رحلات في السنة. هذا الجدل يمكن وصفه بالمنطقي بالنظر إلى عمره المتقدم (75 سنة)، بالإضافة على تدهور حالته الصحية الذي يبدو واضحا للعيان في خطواته البطيئة والمتعثرة وشحوب وجهه و ظهور أكياس حمراء تحت عينيه، خصوصا بعد كل تلك العمليات الجراحية التي أجراها، والتي وصل عددها إلى 12 عملية، شملت أعضاء مختلفة من جسمه، كالرئة والعمود الفقري ووركه الأيمن وفخذه الأيسر، أربع منها أجريت له فقط خلال السنة الماضية، كانت آخرها الأخطر على الإطلاق، أجراها شهر مارس الماضي، وتعلقت بتقويم للغضروف الأسفل من عموده الفقري، وهي عملية دقيقة وحساسة جدا، أجمع أبرز الجراحين الإسبان على خطورة مضاعفاتها، إذ أجمعوا على أن الملك سيجد صعوبة في استعادة عافيته كاملة، وأنه في أحسن الأحوال سيصبح بعد إجرائه لهذه العملية، «نصف معاق»، حيث لن يستطيع الحركة أو المشي بأريحية ولن يمكنه السفر عبر الطائرة لمدة طويلة. كل هذه المتاعب الصحية وغير الصحية جعلت النخبة السياسية الإسبانية تطرح التساؤل التالي: لم لا يتخلى الملك عن العرش لصالح ولي عهده الأمير المحبوب فيليبي؟، تماما مثلما فعلت ملكة هولندا مؤخرا عندما تنازلت عن العرش لابنها، في لفتة لاقت استحسانا وتقديرا محليا ودوليا. مطلب التنحي لم يجرؤ أحد على المطالبة به جهارا سوى قياديو بعض الهيئات السياسية المحلية في كاطالونيا وإقليم الباسك، ورغم ذلك خرجت الناطقة الرسمية للحكومة الإسبانية بتصريح تنفي فيه أية نية للملك بالتنحي، وبالموازاة مع ذلك أكدت الملكة صوفيا زوجة خوان كارلوس، في حوار لها مع جريدة «إلموندو»، أن هذا الأخير «لم يفكر أبدا في التنازل عن عرشه وأنه لن يفعل ذلك بتاتا». ما يثير الانتباه في هذا الجدل الدائر في إسبانيا، هو موقف الحزبين الكبيرين اللذين يتداولان السلطة في البلد، وهما الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي، فقد نأيا بنفسيهما عن «البوليميك» والتزما الصمت، صمت يعبر عن دعمهما التام للملك خوان كارلوس وعدم تأييدهما لأي تغيير في القصر الملكي. أما وجهة نظر الدستور الإسباني في موضوع خلافة الملك، فهي واضحة، حيث لا يمكن لولي العهد في إسبانيا الجلوس على العرش خلفا لوالده إلا في ثلاث حالات، وهي الوفاة أو التنازل الإرادي عن الحكم أو عدم أهلية الملك، هذه الحالة الأخيرة يقررها المجلس الدستوري الأعلى والذي يضم أكفأ القضاة الإسبان. ويجمع خبراء سياسيون أوروبيون على ضرورة ضخ نفس جديد في المؤسسة الملكية في إسبانيا بعد الصدمات الكثيرة التي تلقتها مؤخرا، حتى تنجو بنفسها وتحافظ على شعبيتها وتستطيع مواكبة الأجيال الجديدة، والتي لم تعرف إلا ملكا واحدا اسمه خوان كارلوس، وقد يكون ذلك بإصلاح شامل لمؤسسة القصر الملكي، أو بتنازل الملك الحالي عن الملك لفائدة ولي عهده.