قالت جريدة «نيويورك تايمز»، في مقال نشر على موقعها الإلكتروني أول أمس، إن المغرب يمر بأزمة سياسية تتحرك ببطء، وذلك في معرض تعليقها على اختيار حزب الاستقلال الخروج من التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية. لقد عنونت الجريدة الأمريكية المقال ب«كل رجالات الملك»، وتحدثت عن دور المحيط الملكي في هذه الأزمة التي ظهرت بين شباط وبنكيران، كما تطرقت للمكالمة التي أجراها الملك مع الأمين العام لحزب الاستقلال، والتي قضت ببقاء حزب الاستقلال في الحكومة إلى حين عودة الملك من زيارته الخاصة إلى فرنسا. «حزب العدالة والتنمية الذي وجد نفسه في ورطة، الحزب الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي بعد قضائه سنوات عديدة في المعارضة، أصبح شبه منعزل»، يقول مقال الجريدة قبل أن يسوق كتجلٍّ للأزمة ما وقع في بحر الأسبوع الماضي عندما تحدث عبد الإله بنكيران أمام نصف أعضاء غرفة البرلمان، إثر إقدام أحزاب المعارضة على مقاطعة الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة. وفي تعليق صاحب المقال على هذه التطورات السياسية، قال: «هذه حالة من الجمود شاذة عن المألوف، في ظل رغبة كل الأطراف في عودة الملك إلى البلاد من أجل وضع النقط على الحروف؛ كما تؤكد على خضوع الطبقة السياسية الدائم للقصر». ومضت الجريدة في التأكيد على أن هذا الخضوع يعزز الدور المحوري الذي يلعبه القصر، مع ما يفرزه ذلك من غياب للثقة لدى الناخبين في الحياة السياسية، وتشكيك في النزاهة الحقيقية لعدد من المسؤولين السياسيين. وأشار المقال نفسه إلى أن حزب العدالة والتنمية لم يفقد بعد شعبيته، لكنه «قد يندم على دخول محيط سياسي ناكر للجميل بعدما فاز بربع المقاعد في الانتخابات التشريعية سنة 2011». وقد تحدثت الجريدة عن هذا الندم من زاوية اقتراح حزب العدالة والتنمية عددا محدودا من الإصلاحات منذ توليه زمام السلطة، وهي «الإصلاحات التي جرى إحباط بعضها وتجاهل بعضها الآخر، ليواجه الحزب في الوقت الراهن مهمة تنفيذ عدد من الاقتطاعات التي تلاقي معارضة شعبية، وذلك من أجل تقليص عجز الميزانية»، كما ورد في المقال. وتطرقت الجريدة، كذلك، لنجاح المغرب في تفادي رياح الربيع العربي، واقتراح الملك صياغة دستور جديد؛ واعتبرت أن المغرب نجح، فعلا، في تسويق هذه المنجزات السياسية كخطوة في اتجاه تحقيق المزيد من الشفافية والديمقراطية. لكن المقال قال إن هذه الإنجازات لم ينجم عنها، على أرض الواقع، تقليصٌ لصلاحيات القصر، ودلل على ذلك باستمرار التضييق على عدد من المنابر الإعلامية المستقلة، واعتقال نحو 70 ناشطا ضمن حركة 20 فبراير. كما تطرق المقال لاستمرار نفس المشاكل البنيوية في المغرب، بما في ذلك انتشار الرشوة والبطالة وتزايد الفوارق الطبقية..، وهي المشاكل التي تزداد تفاقما في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. وخلص إلى ضرورة التعاطي مع اليأس الذي تخلفه ندرة الفرص في المغرب، وذلك من خلال الانتقال نحو بناء نظام اجتماعي عادل وتشاركي يتمتع بديناميكية اقتصادية، كما وعد به دستور 2011. وربط المقال إمكانية تحقق ذلك بوجود حكومة لا تصاب بالعجز جراء الإذعان المتواصل للملك.