المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤشرات ميدانية على أن التناوب الثاني لحكومة \"العهد الجديد\" مهدد بالفشل
نشر في أخبارنا يوم 16 - 12 - 2011

عديدة هي مؤشرات الفشل التي تنتظر أداء الحكومة المرتقبة، ومع أننا لا نقرأ الغيب، لأن هذا أمر رباني أولا وأخيرا، إلا أن بعض التطورات والمبادرات الصادرة عن العدالة والتنمية خلال الآونة الأخيرة، وخاصة منذ تعيين عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة الملتحية، تنذر بأن مصير حكومة التناوب الثاني، لن يختلف كثيرا عن مصير حكومة التناوب الأول، على عهد القيادي الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي.
تراجعات بالجملة لعبد الإله بنكيران
جاءت أولى مؤشرات هذا الفشل المرتقب، من خلال طبيعة التناقضات الكبيرة بين الأرقام التي كان يتداولها بنكيران بخصوص طبيعة الكراسي الوزارية، مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة، وبين مآل نفس الأرقام اليوم.
فبالأمي القريب، كان الرجل، يتحدث عن أعضاء حكومة لن يتجاوز 15 وزيرا و15 كاتبا دولة، كما أكد أيضا على أنه مصر أن يكون الوزراء الجدد، من فئة الشباب، ومن الذين يطرقون باب الاستوزار لأول مرة، وكل هذه التصريحات، تعرضت للانتكاسة اليوم، عندما نتأمل ما يصرح به نفس الشخص: فقد أكد الرجل القوي في الحزب، الإثنين الماضي بالرباط، إن عدد الوزارات وكتابات الدولة التي ستتألف منها الحكومة المقبلة،"يرجح أن يتراوح بين 25 و30 حقيبة" (لنلاحظ أننا انتقلنا من 15 إلى ما يقارب 30 والبقية في الطريق)، وأوضح بنكيران في حديثه خلال لقاء مع ممثلين عن الصحافة الوطنية والأجنبية، أن "الحديث عن حكومة مقلصة لا يتجاوز عدد مكوناتها 20 وزيرا وكاتب دولة تم تداوله على مستوى الحزب لعدة اعتبارات،تتعلق أهمها بمسألة والنجاعة وتقليص التكلفة المادية"،غير أن "واقع الحال وتقييم الإمكانيات المتاحة والحرص على تشكيل حكومة فعالة يؤكد ضرورة هيكلتها بناء على حقائب يتراوح عددها بين 25 إلى 30 وزارة وكتابة دولة".
كما أكد الرجل على أن "الأهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد هو تشكيل حكومة قوية ومنسجمة تتحقق فيها جميع شروط الفعالية،قوامها أشخاص يتوفرون على عناصر النزاهة والكفاءة والخبرة".
التجديد وشرعنة ما لا يقبل العقلنة
حتى حدود تحرير هذه الكلمات، زوال الأربعاء 14 دجنبر الجاري، لم يتم حينها الإعلان عن أعضاء الحكومة الملتحية، ولكن شرعت التجديد، الصحيفة الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، في نشر نصوص قرآنية تشرعن التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، ونشر تعليقات وشهادات تدافع عن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية.
عدد الثلاثاء الماضي للجريدة، يمكن أن يعتبر وثيقة على ما يمكن أن يقوم الخطاب الديني في شرعنة ما لا يقبل حتى العقلنة فالأحرى الشرعنة.
نترك موضوع الحركة الشعبية فيما بعد، ونتوقف عند شرعنة التحالف مع التقدم والاشتراكية، حيث نشر مولاي عمر بنحماد، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح، مقالا تحت عنوان: الإخوان والرفاق من أجل الوطن، مخصصا لموضوع المشاورات التفصيلية لتشكيل الحكومة المغربية الأولى بعد تعديل الدستور، وهذه أمور لم يكن يتطرق لها أصلا الكاتب والداعية من قبل، لأنه داعية وفاعل إسلامي حركي، وتهمه قضايا الدعوة التربية، قبل قضايا ساس ويسوس، ولكن بما أن التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية، يقودان حكومة ما بعد الربيع المغربي، فقد تطلب الأمر التطرق إلى هذا الموضوع، بما فيه، التطرق إلى تحالف الحزب الإسلامي مع حزب التقدم والاشتراكية، أي الحزب المغربي الشيوعي سابقا، ومادام الأمر، أي أننا إزاء خطان مستقيمان لا يلتقيان، أي المرجعية الإسلامية والمرجعية اليسارية، الشيوعية سابقا، فإن النصوص القرآنية جاهزة لتبرير هذا التحالف وتقديم تفاسير مقبولة لمشاهد العناق الحار بين عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
وهكذا اعتبر القيادي الإسلامي والسياسي أن تحالف العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، لا يجب أن يستهجنه البعض، لأن التجربة التونسية، أفرزت تحالف الأحزاب الثلاثة: حزب النهضة الإسلامي والحزبان اليساريان المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل الديموقراطي رغم اختلاف توجهاتها. والتحالف جرى في تونس وجرى في كل أرض الله شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.
أما النصوص القرآنية المقدسة، والجاهزة عند الحركة والحزب من أجل تبرير هذه المواقف، فنقتبس منها، آيتان كما جاءت في مقال الداعية والسياسي:
"إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (الأنعام، 152).
"كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ".
لا يعتبر هذا التحالف، الهجين نظريا، حالة شاذة في المشهد السياسي المغربي أو الأجنبي، هذه هي السياسية، أو هذه هي أصول اللعبة السياسية، حيث يتطلب الأمر المراوغة بعض التضليل والنفاق، وهذه أمور منتظرة، بصرف النظر عن مرجعية الأحزاب السياسية، يسارية أو يمينية أو إسلامية، وقد شاهدنا تجارب لحركات إسلامية، قامت بمجازر ضد مسلمين، في إيران والسودان، وبالتالي، فالحالة المغربية أهون، مع العدالة والتنمية، الذي يقترب لأن يصبح حزبا إداريا، بنكهة إسلامية وسلفية، ولكن المشكل الكبير، يكمن في توظيف النصوص الدينية والأحاديث النبوية من أجل أغراض سياسية، هذا هو المشكل الحقيقي، الذي يجب أن يفقهه قادة الحزب، والذي يتطلب إحداث نوعا من المسافة بين النصوص الدينية المقدسة والعمل السياسي المدنس.
آية قرآنية لتغذية مواقف العنصر
نأتي للتحالف مع حزب الحركة الشعبية، ولكن قبل ذلك، لا بد أن نتوقف عند مطبة توظيف النصوص الدينية مجددا في شرعنة هذا التحالف مع حزب سياسي لم يتردد في تقديم العديد من المرشحين المتهمين بالفساد المالي والسياسي، في آخر انتخابات تشريعية (ونتحدث خصوصا عن حالتي إدريس السنتيسي في سلا، وعمر البحراوي في الرباط).
نقرأ في نفس عدد التجديد (ليوم الثلاثاء الماضي، مقتطفا لتصريح أدلى به امحند العنصر لجريدة أخبار اليوم (الناطقة شبه الرسمية باسم الحزب..)، وقد نشتر التجديد إذن في الصفحة الثانية هذا التصريح في إطار الإشادة والتنويه، مادام الحزب أصبح معنيا بالمشاركة في الحكومة الملتحية، ولكن الأخير، هو ما نطلع عليه في الصفحة الأخيرة، حيث نجد تصريحا آخرا لنفس القيادي الحركي (العنصر)، مرفقا بتعليق من الجريدة، ويدور التصريح، حول قرار الحركة الشعبية، الخروج من التحالف من أجل الديمقراطية، مقابل الالتحاق بالحكومة الملتحية، بعد أن أكد المعني بأن حزبه قرر فك ارتباطه مع مجموعة الثمانية (التحالف من أجل الديمقراطية)، الذي كان له "أثر مدمر" على نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية ل25 نوفمبر الماضي، و"أضر كثيرا" بوجوده على مستوى كثير من الدوائر، ولو أنه ترك الباب مفتوحا أمام تأويلات دور الحزب في مرحلة فك الارتباط، بين ما وصفه بالبحث عن الصيغة الملائمة لإنهاء هذه العلاقة"، مشيرا إلى أن قرار حزبه النهائي لن يخرج عن افتراضين، وهما إما الانسحاب بشكل نهائي من التحالف وإما تعليق عضوية الحركة داخله.
ولا يمكن قراءة خلفيات هذا التصريح خارج المعطى التالي: مع هذه الأحزاب، يتم تغيير القناعات السياسية بين ليلة وضحاها كما يغير الإنسان ملابسه، ولكن لأن مثل هذه الأمور تغذي فعلا العزوف السياسي والانتخابي وتجعل المتتبع المغربي ينفر من اللعبة السياسية ويشمئز من هذه الممارسات السياسوية، فقد تطلب الأمر على غرار ما جرى في مقال بن حماد حول التحالف مع الشيوعيين سابقا إضافة بعض الشرعية الدينية، ولا يوجد أفضل من النصوص القرآنية المقدسة من أجل التغطية على هذه المطبات السياسوية، التي تقودها اليوم الحكومة الملتحية، مهددة بإفشال تطلعات حول أداء ومعالم "التناوب الثاني".
في معرض التعليق على قرار الحركة الشعبية الانضمام إلى تحالف الحكومة الملتحية مقابل التخلي عن التحالف من أجل الديمقراطية، نقرأ التعليق التالي: "فأما الزبد فيذهب جفاء" (وهو آية قرآنية كريمة ومقدسة، يتم توظيفها، كما يتم توظيف العديد من النصوص القرآنية المقدسة والأحاديث النبوية الشريفة في أوحال اللعبة السياسية.
المصدر: أندلس برس. مراد العلوي
عديدة هي مؤشرات الفشل التي تنتظر أداء الحكومة المرتقبة، ومع أننا لا نقرأ الغيب، لأن هذا أمر رباني أولا وأخيرا، إلا أن بعض التطورات والمبادرات الصادرة عن العدالة والتنمية خلال الآونة الأخيرة، وخاصة منذ تعيين عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة الملتحية، تنذر بأن مصير حكومة التناوب الثاني، لن يختلف كثيرا عن مصير حكومة التناوب الأول، على عهد القيادي الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي.
تراجعات بالجملة لعبد الإله بنكيران
جاءت أولى مؤشرات هذا الفشل المرتقب، من خلال طبيعة التناقضات الكبيرة بين الأرقام التي كان يتداولها بنكيران بخصوص طبيعة الكراسي الوزارية، مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة، وبين مآل نفس الأرقام اليوم.
فبالأمي القريب، كان الرجل، يتحدث عن أعضاء حكومة لن يتجاوز 15 وزيرا و15 كاتبا دولة، كما أكد أيضا على أنه مصر أن يكون الوزراء الجدد، من فئة الشباب، ومن الذين يطرقون باب الاستوزار لأول مرة، وكل هذه التصريحات، تعرضت للانتكاسة اليوم، عندما نتأمل ما يصرح به نفس الشخص: فقد أكد الرجل القوي في الحزب، الإثنين الماضي بالرباط، إن عدد الوزارات وكتابات الدولة التي ستتألف منها الحكومة المقبلة،"يرجح أن يتراوح بين 25 و30 حقيبة" (لنلاحظ أننا انتقلنا من 15 إلى ما يقارب 30 والبقية في الطريق)، وأوضح بنكيران في حديثه خلال لقاء مع ممثلين عن الصحافة الوطنية والأجنبية، أن "الحديث عن حكومة مقلصة لا يتجاوز عدد مكوناتها 20 وزيرا وكاتب دولة تم تداوله على مستوى الحزب لعدة اعتبارات،تتعلق أهمها بمسألة والنجاعة وتقليص التكلفة المادية"،غير أن "واقع الحال وتقييم الإمكانيات المتاحة والحرص على تشكيل حكومة فعالة يؤكد ضرورة هيكلتها بناء على حقائب يتراوح عددها بين 25 إلى 30 وزارة وكتابة دولة".
كما أكد الرجل على أن "الأهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد هو تشكيل حكومة قوية ومنسجمة تتحقق فيها جميع شروط الفعالية،قوامها أشخاص يتوفرون على عناصر النزاهة والكفاءة والخبرة".
التجديد وشرعنة ما لا يقبل العقلنة
حتى حدود تحرير هذه الكلمات، زوال الأربعاء 14 دجنبر الجاري، لم يتم حينها الإعلان عن أعضاء الحكومة الملتحية، ولكن شرعت التجديد، الصحيفة الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، في نشر نصوص قرآنية تشرعن التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، ونشر تعليقات وشهادات تدافع عن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية.
عدد الثلاثاء الماضي للجريدة، يمكن أن يعتبر وثيقة على ما يمكن أن يقوم الخطاب الديني في شرعنة ما لا يقبل حتى العقلنة فالأحرى الشرعنة.
نترك موضوع الحركة الشعبية فيما بعد، ونتوقف عند شرعنة التحالف مع التقدم والاشتراكية، حيث نشر مولاي عمر بنحماد، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح، مقالا تحت عنوان: الإخوان والرفاق من أجل الوطن، مخصصا لموضوع المشاورات التفصيلية لتشكيل الحكومة المغربية الأولى بعد تعديل الدستور، وهذه أمور لم يكن يتطرق لها أصلا الكاتب والداعية من قبل، لأنه داعية وفاعل إسلامي حركي، وتهمه قضايا الدعوة التربية، قبل قضايا ساس ويسوس، ولكن بما أن التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية، يقودان حكومة ما بعد الربيع المغربي، فقد تطلب الأمر التطرق إلى هذا الموضوع، بما فيه، التطرق إلى تحالف الحزب الإسلامي مع حزب التقدم والاشتراكية، أي الحزب المغربي الشيوعي سابقا، ومادام الأمر، أي أننا إزاء خطان مستقيمان لا يلتقيان، أي المرجعية الإسلامية والمرجعية اليسارية، الشيوعية سابقا، فإن النصوص القرآنية جاهزة لتبرير هذا التحالف وتقديم تفاسير مقبولة لمشاهد العناق الحار بين عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
وهكذا اعتبر القيادي الإسلامي والسياسي أن تحالف العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، لا يجب أن يستهجنه البعض، لأن التجربة التونسية، أفرزت تحالف الأحزاب الثلاثة: حزب النهضة الإسلامي والحزبان اليساريان المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل الديموقراطي رغم اختلاف توجهاتها. والتحالف جرى في تونس وجرى في كل أرض الله شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.
أما النصوص القرآنية المقدسة، والجاهزة عند الحركة والحزب من أجل تبرير هذه المواقف، فنقتبس منها، آيتان كما جاءت في مقال الداعية والسياسي:
"إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (الأنعام، 152).
"كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ".
لا يعتبر هذا التحالف، الهجين نظريا، حالة شاذة في المشهد السياسي المغربي أو الأجنبي، هذه هي السياسية، أو هذه هي أصول اللعبة السياسية، حيث يتطلب الأمر المراوغة بعض التضليل والنفاق، وهذه أمور منتظرة، بصرف النظر عن مرجعية الأحزاب السياسية، يسارية أو يمينية أو إسلامية، وقد شاهدنا تجارب لحركات إسلامية، قامت بمجازر ضد مسلمين، في إيران والسودان، وبالتالي، فالحالة المغربية أهون، مع العدالة والتنمية، الذي يقترب لأن يصبح حزبا إداريا، بنكهة إسلامية وسلفية، ولكن المشكل الكبير، يكمن في توظيف النصوص الدينية والأحاديث النبوية من أجل أغراض سياسية، هذا هو المشكل الحقيقي، الذي يجب أن يفقهه قادة الحزب، والذي يتطلب إحداث نوعا من المسافة بين النصوص الدينية المقدسة والعمل السياسي المدنس.
آية قرآنية لتغذية مواقف العنصر
نأتي للتحالف مع حزب الحركة الشعبية، ولكن قبل ذلك، لا بد أن نتوقف عند مطبة توظيف النصوص الدينية مجددا في شرعنة هذا التحالف مع حزب سياسي لم يتردد في تقديم العديد من المرشحين المتهمين بالفساد المالي والسياسي، في آخر انتخابات تشريعية (ونتحدث خصوصا عن حالتي إدريس السنتيسي في سلا، وعمر البحراوي في الرباط).
نقرأ في نفس عدد التجديد (ليوم الثلاثاء الماضي، مقتطفا لتصريح أدلى به امحند العنصر لجريدة أخبار اليوم (الناطقة شبه الرسمية باسم الحزب..)، وقد نشتر التجديد إذن في الصفحة الثانية هذا التصريح في إطار الإشادة والتنويه، مادام الحزب أصبح معنيا بالمشاركة في الحكومة الملتحية، ولكن الأخير، هو ما نطلع عليه في الصفحة الأخيرة، حيث نجد تصريحا آخرا لنفس القيادي الحركي (العنصر)، مرفقا بتعليق من الجريدة، ويدور التصريح، حول قرار الحركة الشعبية، الخروج من التحالف من أجل الديمقراطية، مقابل الالتحاق بالحكومة الملتحية، بعد أن أكد المعني بأن حزبه قرر فك ارتباطه مع مجموعة الثمانية (التحالف من أجل الديمقراطية)، الذي كان له "أثر مدمر" على نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية ل25 نوفمبر الماضي، و"أضر كثيرا" بوجوده على مستوى كثير من الدوائر، ولو أنه ترك الباب مفتوحا أمام تأويلات دور الحزب في مرحلة فك الارتباط، بين ما وصفه بالبحث عن الصيغة الملائمة لإنهاء هذه العلاقة"، مشيرا إلى أن قرار حزبه النهائي لن يخرج عن افتراضين، وهما إما الانسحاب بشكل نهائي من التحالف وإما تعليق عضوية الحركة داخله.
ولا يمكن قراءة خلفيات هذا التصريح خارج المعطى التالي: مع هذه الأحزاب، يتم تغيير القناعات السياسية بين ليلة وضحاها كما يغير الإنسان ملابسه، ولكن لأن مثل هذه الأمور تغذي فعلا العزوف السياسي والانتخابي وتجعل المتتبع المغربي ينفر من اللعبة السياسية ويشمئز من هذه الممارسات السياسوية، فقد تطلب الأمر على غرار ما جرى في مقال بن حماد حول التحالف مع الشيوعيين سابقا إضافة بعض الشرعية الدينية، ولا يوجد أفضل من النصوص القرآنية المقدسة من أجل التغطية على هذه المطبات السياسوية، التي تقودها اليوم الحكومة الملتحية، مهددة بإفشال تطلعات حول أداء ومعالم "التناوب الثاني".
في معرض التعليق على قرار الحركة الشعبية الانضمام إلى تحالف الحكومة الملتحية مقابل التخلي عن التحالف من أجل الديمقراطية، نقرأ التعليق التالي: "فأما الزبد فيذهب جفاء" (وهو آية قرآنية كريمة ومقدسة، يتم توظيفها، كما يتم توظيف العديد من النصوص القرآنية المقدسة والأحاديث النبوية الشريفة في أوحال اللعبة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.