لم تمهل الأزمة القلبية الحادة التي حلت بعبد المومن الشباري، المعتقل السياسي السابق وعضو الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي صباح أمس (الجمعة) سوى دقائق ليودّع الحياة بعدها داخل منزله في الدارالبيضاء. ونزل خبر وفاة الراحل الشباري كالصاعقة على أقاربه وأصدقائه ومعارفه، فالرجل وإنْ كان يعاني من مرض في شرايين القلب، كان متشبثا بالحياة، متطلعا إلى مغرب العدالة والحرية والكرامة، وقال أحد أصدقائه إنه اليساري الذي ذاق مرارة السجن ومارس مهنة الصّحافة بحب وعشق، وظل وفيا لمبادئه اليسارية، ولم يفارق حزب النهج الديمقراطي في زمن تتقلب فيه المواقف من النقيض إلى النقيض». وبجملة مقتضبة ممزوجة بالبكاء، قالت زوجة المرحوم عبد المومن الشباري: «اللهْ يْرحمو.. لقد ألمّت به أزمة قلبية فارق إثرَها الحياة.. الله يْرحمو.. اللهْ يْرحمو».. ولم يترك مجموعة من أصدقاء الراحل الشباري الفرصة لتمر دون أن يُعبّروا عن تعازيهم الحارة في تغريداتهم في الموقع الاجتماعي «فيسبوك»، متحدّثين عن خصاله وصلابة مواقفه ورسوخ مبادئه، التي ظل يؤمن بها إلى آخر يوم في حياته. يعتبر عبد المومن الشباري واحدا من قيادات منظمة «إلى الأمام»، التي أسسها أبراهام السرفاتي وعبد اللطيف زروال في بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث كان من أبرز المناضلين الذين ساهموا في إعادة بناء هذه المنظمة الماركسية اللينينية سنة 1980. وظل الشباري يحنّ دائما إلى «إلى الأمام»، وقد كتب في إحدى مقالاته عن هذه التجربة السياسية: «لقد ظلت تجربة منظمة «إلى الأمام» التنظيمية والسياسية، متماسكة منذ انطلاقتها، حيث حافظت على انسجامها، مقارنة ببقية تنظيمات اليسار، ولم تعرف اختلافات سياسية، سواء على مستوى الخط السياسي أو الإيديولوجي، ولا على مستوى التقدير السياسي العامّ للظرفية ومتطلبات المرحلة. وكان حاضرا بشكل قوي خلال الحراك السياسي الذي عرفه المغرب بظهور حركة 20 فبراير، حيث كان يَعتبر هذه الحركة فرصة لتصحيح المسار السياسيّ على المستوى الوطني، ولتحقيق المطالب التي كان يعتبرها السبيل الوحيدَ للانتقال الديمقراطي بشكل سلِس وسليم». اعتُقل عبد المومن الشباري سنة 1985 ضمن «مجموعة 16 و15»، وحوكم بأربع سنوات سجنا، لنشاطه ضمن «الاتحاد الوطني لطلبة المغرب»، الذي يُعتبر الشباري من أبرز قاداته الذين أسّسوا في 1982 تيار الطلبة القاعديين. وفي فبراير 1986 أعيدت محاكمة الشباري ضمن مجموعة 26، التي كان ضمنها مصطفى البراهمة وعبد السلام الشفشاوني ومحمد البوكيلي وغيرهم، ثم أدين بعشر سنوات سجنا، قضاها في سجون اغبيلة وعكاشة في الدارالبيضاء وداخل السجن المركزي في القنيطرة. بعد خروجه من السجن في 1994، ساهم الشباري في تجميع مناضلي اليسار الجذري، وأسس جريدة «النهج الديمقراطي» في السنة نفسِها، وهي الجريدة التي حمل اسمَها حزب النهج الديمقراطي، الذي كان عبد المومن الشباري عضوا في كتابته الوطنية بدءا من سنة 2004، تاريخ أول مؤتمر علنيّ نظمه هذا الحزب، الذي يعتبر امتدادا لمنظمة «إلى الأمام»، الماركسية اللينينية. عُرف الشباري بعلاقاته مع تنظيمات اليسار الجديد في البلدان المغاربية والعربية، وقد كانت له علاقة متينة مع الرّاحل شكري بلعبيد، المنسق العامّ لحركة الوطنيين الديمقراطيين، وحمة لهمامي، رئيس حزب العمال التونسي، وقد ساهم الشباري، في أكتوبر 2012، في إطلاق مبادرة الجبهة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة التونسية، التي ضمت 11 حزبا وتنظيما يساريا وقوميا.