الفنان بوعبيد بوزيد، وهو أحد قدماء المدرسين الذين عاشوا تطور المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، بفتراته الانتقالية على مستوى التسيير والمناهج، تحدث عن التطور التاريخي لهذه المؤسسة كشاهد على مراحلها، خاصة بعد صدور المرسوم الوزاري رقم 135–93–2 المؤرخ 29 أبريل 1993، الذي عهد به للمعهد لتكوين أطر عليا في مجالات الفنون التشكيلية والفنون التطبيقية خلال أربع سنوات، وقد دعت الضرورة إلى تأسيس المعهد العالي، كما قال، من أجل استقطاب الفنانين الشباب المغاربة والأجانب، استجابة لمتطلبات التأهيل للحياة العلمية والفنية، حيث تم تحديث مناهج البرمجة والتوجيه وعقلنتها للرفع من قيمة المردودية الفنية والتربوية والمهنية لإدماج الطالب في محيط الحياة الإبداعية والعلمية ومن أجل تخريج فنانين منتجين ومؤهلين مهنيا. وتعتمد الدراسة والتكوين بالمعهد، أساسا، على الانفتاح على محيطه الخارجي محليا ووطنيا ودوليا، وعلى الآفاق الجديدة، سواء في الجوانب البيداغوجية والتأطيرية أو التطورات المتعلقة بالمجال الفني، بتأسيس شراكات واتفاقيات تعاون وتبادل بين المؤسسات والمراكز والجمعيات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها داخل المغرب وخارجه بهدف حضور المعهد ومشاركته في هذه التنمية الفنية بكل مشاربها، بغية خلق أطراف فاعلة تساعد على تنشيط الحركة الفنية والثقافية بالمغرب. وأضاف بوزيد أنه منذ أن تخرج الفوج الأول لهذا المعهد العالي في النصف الثاني من التسعينيات ظهرت بوادره المؤشرة لجيل من المبدعين الشباب الطموح لتجربة تشكيلية معاصرة تحاول مسايرة أحدث المستجدات الفنية العلمية، مستفيدين من وفرة الوسائط الاتصالية والمعرفية، دون التخلي عن ركائز هويتها الثقافية والفنية، بأعمال متباينة بالكثير من التجريب والمدعمة بعمق مفاهيمي اعتمادا على خامات وأدوات جديدة مستمدة في غالبيتها من التراث والحياة اليومية للمجتمع المغربي، وبتعبير تغلب عليه التراكيب المواكبة لأحدث الظواهر الفنية المعاصرة، حيث تحذوه الرغبة العارمة في جعل مدرسة تطوان التشكيلية مدرسة عالمية في مواجهة الرهانات التي تفرضها العولمة. وختم بوزيد قائلا إن التشكيل ارتبط في تطوان وشمال المغرب ارتباطا عميقا بمؤسسة الفنون الجميلة، بدءا بالمدرسة الإعدادية، ومرورا بالمدرسة الوطنية، ثم بالمعهد الوطني، حيث تأثرت أجيال المتخرجين منها بهيئة أساتذتها وبرامجها ومناهجها التي تطورت في خط تصاعدي تماشيا مع آخر المستجدات الفنية والثقافية الوطنية والعالمية، وأنه رغم اختلاف وتباين تجارب فناني تطوان فقد عرفوا داخل التشكيل بالمغرب بشخصية خاصة ومدرسة متفردة هي مدرسة تطوان التشكيلية، التي تعتبر ظاهرة اجتماعية ثقافية وفنية داخل الفضاء الثقافي المغربي لأصالتها التي تمتد في جذور التراث المغربي الأندلسي وحوارها مع مستجدات الفن العالمي الحديث والمعاصر بقواسم مشتركة واحدة هي تكوينهم المتين وتفردهم بعشق اللون الأبيض وتشبعهم بجمالية مدينة أكسبتهم حسا و ذوقا راقيا.