يحسب للفنان المغربي التطواني بوعبيد بوزيد ٬ الذي أبدع بالريشة ٬ أنه استطاع بحدسه الفني وإلمامه الكبير بمجال الفنون والحرف الشعبية٬ تعميق البحث في تاريخ تطوان التشكيلي وسخر اطلاعه العلمي الواسع للكشف عن أسماء وأعمال فنية منسية . والفنان التشكيلي بوزيد ٬ الذي ينعته أهل الفن بتطوان ب"دينامو الفنانين" ٬ أفرد حيزا هاما من أبحاثه الميدانية والفنية لتاريخ الفن بشمال المغرب٬ والتصق اسمه بفكرة إنشاء متحف تطوان للفن الحديث ٬ الذي يجمع رصيد فنيا ناذرا ٬ يؤرخ لإبداعات فنانين مغاربة وأجانب خلال مرحلة الحماية الاسبانية وبداية عهد الاستقلال وأعمال الفنانين المنتمين إلى مختلف المدارس التشكيلية المغربية الحديثة ٬ من أمثال محمد السرغيني وباريرا بيدرو ومحمد الحدادي وكارمين أويسيس والتهامي القصري واليزيد بن عيسى وغانغورا فيرنانديس وغيرهم كثير. والفنان بوزيد ٬ الذي ازداد بتطوان سنة 1953 وتخرج من مدرسة الفنون الجميلة سنة 1975 قبل أن يكمل دراسته الأكاديمية باسبانيا وبلجيكا٬ من القلائل الذين خضعوا لتدريب في علم "المتاحف " وآخر في مجال ترميم وإصلاح الأعمال الفنية٬ وقام بتداريب ميدانية وزيارات متعددة للمتاحف الحديثة والمعاصرة في عدد من البلدان الأوروبية٬ أغنت تجاربه ومعارفه وأهلته لإدارة متحف تطوان للفن الحديث٬ الذي يؤثث في أروقته لإبداعات نادرة تستقطب اهتمام مهتمي الفن التشكيلي من المغرب وخارجه. وتمكن الفنان بوزيد من الخروج من ثوب الفنان التشيكيلي ليلبس جلباب الباحث المؤرخ في مجالات متعددة٬ المهتم بالرصد والنقد الفني٬ وأصدر كتابين الأول عن التشكيلي المغربي الراحل المكي امغارة والثاني في جزئين بالعربية والاسبانية والفرنسية والانجليزية تحت عنوان "رسامون من تطوان" تضمن سير وأعمال 67 فنان من مختلف الأجيال والاتجاهات الفنية ". ويعتبر الفنان بوعبيد بوزيد أن إشراقاته الفنية٬ التي استطاع فيها المزج بحرفية كبيرة بين التشخيص والتجريد ٬ ليس إلا استمرارا لمدرسة مغربية متجددة رسم خطواتها الأولى الفنانون المكي امغارة وعبد الله الفخار ومحمد شبعة وسعد بن سفاج وعزيز أبوعلي وعبد الكريم الوزاني. ولئن كان الفنان التشكيلي بوعبيد بوزيد "يرفض " الإفصاح عن أقرب لوحة أبدعها لقلبه ٬ إلا أنه يسمي بانشراح كبير وعفوية لوحات خطها في مراحل متعددة من مساره الفني الغني٬ يقول أنها تعكس بعمق نظرته للأشياء وفلسفته في الحياة ٬ منها لوحة "الأيام" و"العابر" و"تحليق كازانوفا " و"الرومانسية الإلكترونية " و"آلة القانون" ٬ وهي لوحات يتداخل فيها الانطباعي والخيالي بشكل جلي قد لا يقرأ سطورها إلا الفنان المتمرس . ويؤكد الفنان التطواني أن همه الأساس في حياته الفنية الطويلة والحبلى بالتجارب هو التنقيب عن مجمل الرصيد الفني بشمال المغرب حتى يتم توثيقه وإشعاعه واكتشاف الأسماء والأعمال الفنية المنسية٬ التي قد تغني الرصيد الثقافي للفن التشيكلي بالمغرب. ويفتخر بوزيد ٬ الذي شارك في أكثر من 30 معرضا فرديا وجماعيا بالمغرب والخارج ٬ بكونه ساهم في إبراز العديد من الأسماء الشابة من مختلف مدن المغرب٬ شق بعضها طريق العالمية٬ كسعيد قديد وطه بنعدادة وحسن الشاعر وفوزي طنجية وأحمد الحياني ويونس الحراز٬ وهو الجيل الذي يعتبره بوزيد بوعبيد "الجيل الجديد حامل مشعل الفن المغربي الذي أسس له جيل الرواد". ولخص الخبير الإسباني في علم المتاحف بابلو بيرموديث أعمال بوزيد الفنية في كونها "تعتمد على تقنيات إبداعية مستفزة ومثيرة لسؤال صارخ في أعين المتلقي وفكره وإحساسه بأسلوب تعبيري صرف يثير دواخل إنسانية عدة تدور في فلك البداية والنهاية ". ❇ و.م.ع