تحتضن فيلا الفنون بالرباط والدارالبيضاء، ابتداء من رابع نونبر الجاري، وإلى غاية 30 يناير من السنة المقبلة، معرضا استرجاعيا للفنان التشكيلي المغربي الراحل، مكي امغارة، يقدم مجموعة كبيرة من اللوحات لمغارة - نموذج من بعض لوحاته (خاص) بعضها استعارته فيلا الفنون من عائلته، والبعض الآخر من بعض المجمعين، الذين اهتموا بأعمال هذا الفنان المبدع، الذي يعود له الفضل في وضع تصور لقطع من النقود المغربية. سيدشن هذا المعرض الاسترجاعي، يوم 4 نوبر الجاري، بفيلا الفنون بالرباط وسيتواصل إلى غاية 30 يناير من سنة 2012، كما سينطلق بفيلا الفنون بالدارالبيضاء ابتداء من 16 نونبر الجاري، وسيتواصل إلى غاية 30 يناير 2012. وإلى جانب اللوحات التشكيلية، سيضم المعرض وجها فنيا آخر غير معروف لدى الكثيرين، وهو المتعلق بوضع تصور حديث للنقود بالمغرب، رغب بنك المغرب بكل أريحية إعارتها لفيلا الفنون، من أجل إعادة الاعتبار لهذا الفنان، وتكريمه، والاعتراف له بالمجهودات الجليلة، التي قام بها في إعداد تصور متميز للنقود بالمغرب، إذ أنه يعد "الأب الفني للنقود بالمغرب". ومن بين النقود، التي أنجز مكي مغارة تصورا لها، نذكر: قطعة نقدية تخلد السنة الدولية للمرأة سنة 1975، وقيمتها خمسون درهما، وقطعة تخلد الذكرى الأولى للمسيرة الخضراء سنة 1976، وقيمتها خمسون درهما، وقطعة نقدية تخلد السنة الدولية للطفل سنة 1979، وقيمتها خمسون درهما، وقطعة تخلد ميلاد المنظمة العالمية للفلاحة سنة 1975، إضافة إلى قطع نقدية تحتفي يعيد الشباب لسنة 1975، واحدة فضية بقيمة 50 درهما، وأخرتان ذهبيتان بقيمة 250 درهم، و500 درهم، ثم قطعتان نقديتان تمثلان الصناعة الفلاحية والصيد سنة 1974، بقيمة 10 سنتيمات، و5 سنتيمات. ويقدم هذا الجانب الفني الخاص بإعداد تصور للنقود جزءا من مسار هذا الفنان الأصيل، الذي حرصت فيلا الفنون على إبرازه، إلى جانب مجموع أعماله التشكيلية، التي سيعرض جزء كبير منها، يمكن الزائر والمهتم بالأعمال التشكيلية المغربية، من أخذ تصور عن اتجاهه الفني وتطروه. ويعتبر مكي امغارة من بين كبار الفنانين في تاريخ الصباغة المعاصرة المغربية، إذ كان أحد الأوائل، الذين وضعوا شكلا جديدا للإنتاج الفني، بتقنيات مختلفة مستعملا مواد مختلفة، ويعود معرضه الأول إلى سنة 1949. ولد مكي امغارة سنة 1933 بتطوان، التي درس الفن بمدرستها للفنون الجميلة قبل أن يتوجه سنة 1955 إلى إسبانيا لإتمام دراسته، إذ استقر سنة 1959 بمدريد وواصل البحث والتجديد في عمله الفني، وتتلمذ على يد الفنان ماريانو بيرتوشي، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه، تطوان، لتدريس الرسمة بمدرسة الفنون الجميلة بالمدينة من 1960 إلى 1962، قبل أن يحال على التقاعد ليتفرغ نهائيا للفن التشكيلي. توفي مكي امغارة في شهر نونبر من سنة 2009، تاركا مجموعة من الأعمال الفنية، التي تخلد لمساره الفني المتميز، شكل إلى جانب بن يسف وسعد السفاج، ثلاثي رائد في الفنون التشكيلية بالمغرب، ساهم كل واحد منهم، حسب الناقد التشكيلي الإسباني كارلوس أريان، في تجديد فن الرسم بالمغرب، وقال إنه رغم تباين طرق اشتغالهم، فإن "حلقة الوصل بينهم هي رغبتهم في المحافظة على عروبتهم مع مواصلة تطور فني وإن كان متقطعا.. إلا أنه ذو إيحاء دائم فالطرق الفنية الأوروبية، وإن كانت جديدة على الثقافة الإسلامية، إلا أن هؤلاء الرسامين الثلاثة يمكنهم منافسة أي أوروبي في هذا الميدان". وأضاف الناقد التشكيلي الإسباني أنه كيفما كان حجم اختلافنا حول رواد الفن التشكيلي المغربي، فإننا حتما سنتفق بالضرورة حول أعمال مكي امغارة، الذي "تعتمد لغة اشتغاله على استغلال البخاخ "Suflador" في توزيع الألوان على السند ذي البعدين، والمزواجة التقنية بينه وبين لمسات الفرشاة، ليخرج في النهاية بتقنية جميلة في توزيعه للألوان ومزجها بطريقة أكاديمية، مع التأني في الإنجاز بتفكير رصين". لم يقتصر امغارة على تقنيته البخاخ، بل اعتمد على حركات الفرشاة، التي تعطي تقنية مختلطة جميلة على مستوى الحياكة "texrura"، مضيفا أنه "مهما قيل ويقال عن مكي امغارة حول نظريته الصوفية للألوان والضوء بطريقة رومانسية للموضوع الكلاسيكي، وتعامله مع الألوان الحارة، والباردة، وكيفية مزجها بطريقة تجعله متفردا بأسلوبه بين باقي التشكيلين في المغرب، ومهما يؤاخذ على امغارة، فإننا نجده يسير على نهج واحد غير متنقل من تقنية إلى أخرى عبثا، فهو الأكاديمي المتمرس، والمتمكن من الصنعة التشكيلية". وخلص الناقد الإسباني إلى أنه رغم كل ذلك، فإن مكي امغارة، يظل عميد التشكيليين المغاربة، كما يسميه الإسبان، وأهم من يمثل مدرسة تطوان أكاديميا وإبداعيا.