تنظم مؤسسة "أونا" ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج معرضا فنيا كبيرا، للفنان المغربي أندري الباز المقيم بالخارج، بكل من فيلا الفنون بالدارالبيضاء، من ثاني إلى 30 دجنبر المقبل، ومن تاسع إلى 30 دجنبر المقبل، أيضا، بفيلا الفنون بالرباط.ويقدم الفنان أندري الباز، الذي نادرا ما يعرض بالمغرب، في هذا المعرض الاستعادي لمساره الفني، 250 لوحة تغطي نصف قرن من الاشتغال التشكيلي، لأحد رواد هذا الفن المعاصرين بالمغرب، فنان رحال، تشكيلي متعدد المواهب، وموظف ملتزم للصراع بين الصراخ والصمت، والضوء والظل، في لوحاته التشكيلية، التي يتوانى عن تمزيقها، ووضعها في صناديق معينة، تعبيرا عن الفوضى والصراعات والحروب التي يعج بها العالم، والتي يمقتها الفنان بشكل كبير. واعتبر الفنان أندري الباز تنظيم مؤسسة "أونا"، ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لهذين المعرضين الخاصين به، بمثابة تشريف له، ولتجربته الفنية، المتميزة بالتنوع والغنى، وتوظيف مختلف التقنيات والأساليب. وفي تصريح ل "المغربية"، ذكر الفنان أندري الباز أنه لم يعد إلى المغرب منذ سنة 1965، وأنه قبل العودة قدم معرضا بإنجلترا، ولقي نجاحا كبيرا، وانتقل بعدها إلى كندا، حيث قام بإنجاز مجموعة من الأشرطة القصيرة. وأضاف أنه في فترة مقامه بباريس، اشتغل كثيرا وأنجز مجموعة من اللوحات، التي سيعرض البعض منها بالمغرب، وقال إنه اشتغل في أعماله الأخيرة على تقنية الكولاج، والصباغة بالماء، ووظف الورق والصناديق، ليعبر عما يعتمل بداخله من أحاسيس وغضب تجاه ما يحدث في العالم. وأضاف الباز أن "الفن اليوم في صراع مع نفسه، فلم يعد هناك أستاذ أو رائد معين في الوقت الحالي". وأشار إلى أنه منذ خمسين سنة، يشتغل من أجل الانتماء إلى عالم الفن، والتعبير عن نفسه وموقعه عبر الفن التشكيلي". وعن الوضع الحالي للفن التشكيلي بالمغرب، ذكر الباز أنه رائع، رغم كل ما يقال عنه من شيوع الفوضى في الاشتغال والأساليب، وقال إن المغرب ليس مستقبل الفن التشكيلي فحسب، بل بلد الفنون والثقافات بشكل عام، فكل التجارب الفنية توجد بالمغرب، وكل الاتجاهات حاضرة، أيضا. وخلص إلى أن "الفن لم يعد مجرد تقديم لشيء ما أو ديكور، بل هو حساسية وإبداع لا متناهيين". وتمنى الباز أن يلتقي بزوار من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية في معرضيه بالدارالبيضاء والرباط، لأنه، كما قال، يرغب في التحاور مع الناس، ومعرفة ذائقة الجمهور في الوقت الحالي، ورأيه في ما يقدم له من فنون. ويتميز المعرض الاستعادي الكبير للفنان أندري الباز، الذي يعد من بين الأنشطة، التي دشنت الدخول الفني بالمغرب، باستعراضه لمسار هذا الفنان، الذي ظل وفيا للتشكيل وللوحة، وعانق مختلف الأساليب، التي تمنحه مدى وعمقا في اللوحة. ففي معرض الرباط، ستقدم مجموعة من اللوحات، التي رسمها الفنان في شبابه، ولوحات أخرى حينما نضج، من 1955 إلى 1986، وهي لوحات اعتمد فيها على الكولاج، وعلى التجريد. وفي معرض الدارالبيضاء، سيقدم الباز لوحات اشتغل فيها على مجموعة من المواضيع، تختلف من حيث المواد المستعملة، إذ اهتدى إلى صنع قماش لوحاته الفنية من ألياف الأعشاب، وبقايا الأثواب المستعملة، بعد أن يخضعها لمجموعة من العمليات الدقيقة، من طهيها على نار هادئة وتجفيفها ومزجها عبر لصاق خاص، إضافة إلى لوحات عن مجموعة من المدن الشرقية والموسيقيين. وبمناسبة هذين المعرضين، سيصدر كتاب فني عن الفنان التشكيلي أندري الباز، عن "دار ملتقى الطرق"، يقدم نبذة عن المسار الفني للباز، وتجاربه المشتركة مع فنانين آخرين. وفي تصريح للصحافة، على هامش الملتقى الأول للفن المعاصر، الذي احتضنته مدينتا الجديدة وأزمور، بمبادرة من المؤسسة والمركب السياحي "مازاغان"، أكد الباز على ضرورة منح الفرصة للشباب، على الخصوص، للوقوف على تجربة مشاهير الفنانين المغاربة، من خلال تنظيم تظاهرات وملتقيات تعرف بالتطور، الذي عرفه الفن المغربي، وفتح الآفاق أمام فناني المستقبل لمواصلة مسيرة الإبداع بالمغرب. وأعرب هذا الفنان، الذي ازداد بمدينة الجديدة، التي قضى سنواته الأولى بأحيائها، عن شغفه بالمشاركة في هذا الملتقى، الذي عمم فعالياته على مختلف أنحاء مدينتي الجديدة وأزمور، والذي مكنه -كما قال- من تذكر البدايات والالتقاء بزملائه في الإبداع كرحول، وحميدي، وأحلام لمسفر، وبوشتى الحياني. وعبر الباز عن الأمل في أن يتمكن من تحقيق مشروع يتمثل في متحف للفن المعاصر بمسقط رأسه (الجديدة)، لمنح الشباب إمكانية اكتشاف عالم الإبداع والفن. فهل سيتحقق هذا الحلم بعد مقام الفنان بالمغرب أم لا؟