في الكثير من دول العالم، ومنها المغرب انتشرت المطاعم المتخصصة في تحضير وجبات الأغذية السريعة بأنواعها؛ وهي صناعة تلاقي رواجا كبيرا في الأسواق، لرغبة عدد متزايد من الناس في تناول طعامهم، دون بذل أي مجهود في تحضيرها ومنهم من هجر المطبخ المنزلي إلا قليلا، خاصة في ظروف انشغل الناس فيها بأمور حياتهم اليومية، وزيادة ضغوط العمل على الأب أو الوالدين معا، وفي غياب الوعي بالتغيير السلبي في نظامنا الغذائي وتنوع وجبات الأغذية السريعة، الموجودة في الأسواق من بلد إلى آخر في العالم، وأصبح الكثير من أرباب البيوت، يحملون معهم عند عودتهم إلى منازلهم مثل هذه الأغذية بعد الظهر على الغذاء أو مساء على العشاء، وخصصت بعض محلات بيع الأغذية السريعة ركنا فيها للرجال وركنا آخر للعائلات، فاعتاد البعض أخذ أفراد أسرته إلى مثل هذه المطاعم مرة أو أكثر كل أسبوع، لتناول وجبة طعام فيها كإحدى وسائل التسلية والمتعة واستوردت طرق تحضير الكثير من الوجبات السريعة من دول أجنبية مثل: أمريكا وإيطاليا وإنجلترا، وفيها لا تصرف معظم النساء وقتا طويلا من حياتها في تحضير الطعام في المطبخ، لانشغالهن ساعات طويلة خارج المنزل.. وقد كثرت تساؤلات الناس عن تأثيرات تناول وجبات الطعام السريعة على صحة الإنسان، فالجواب واضح والنتائج خطيرة، لماذا؟ أولا: المكونات في حد ذاتها، فبعض الأغذية السريعة تحتوي على لحوم الأبقار والأغنام والدجاج المضاف إليها التوابل بأنواعها وغيرها، ويضاف إليه البصل الطازج، البهارات والملح لتغطية طعمه وإكسابه نكهة أفضل واللحم الصناعي المحضر من نسبة قليلة من اللحم الطبيعي، مضاف إليه البروتين النباتي المستخلص من بذور فول الصويا. ويمتاز اللحم الصناعي برخص ثمنه، ولسوء الحظ يجهل الكثير من المستهلكين استعماله في تحضير بعض الوجبات الغذائية السريعة وتتباهى إحدى شركات تحضير هذا النوع من الأغذية باستعمال خلطة خاصة من التوابل. ثانيا: ارتفاع محتواها من الملح وقد تكلمنا كثيرا عن خطورة هذه المادة، بحيث يؤدي الإكثار من استهلاك الملح في الطعام وتناول الأغذية المملحة كالمخللات بأنواعها إلى زيادة فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم، خاصة لدى الأشخاص المهيئين وراثيا أو البدناء لحدوث هذا المرض ويستعمل في تحضير الكثير من الأغذية السريعة، وهذا يعني خطر الإفراط في تناول الأغذية السريعة ذات المحتوى المرتفع من الملح على مرضى ارتفاع ضغط الدم والمهيئين للإصابة به. ثالثا: كونها تساهم بسعرات حرارية كبيرة بحيث تتصف الكثير من الأغذية السريعة، بارتفاع كمية الدهون والبروتين والكربوهيدرات وينتشر استخدام الزيوت في تحضير العديد منها كشرائح البطاطس والسمك المقلي وهي توفر سعرات حرارية للجسم أكثر من الأغذية الأخرى. وفي أحوال كثيرة تزيد الطاقة التي توفرها عن احتياجات جسم الشخص منها، في ظروف قلة نشاطه العضلي واعتماده على التقنيات الحديثة خلال عمله وتنقلاته، فتتحول السعرات الحرارية الزائدة عن احتياجات جسمه إلى دهون تخزن فيه، فيزداد وزنه وتستبعد عادة الأغذية الغنية بالدهون من برامج إنقاص الوزن لتحقيق الهدف المنشود منها. وبالإضافة إلى تعاطي الوجبات السريعة، هناك الإقبال الهستيري على المواد المصنعة «القنابل الموقوتة» إذ يعاني الكثير من الناس، وخاصةً منهم الأطفال من اضطرابات صحية لم تعرفها الأجيال البشرية من قبل، ويحتار المختصون في تشخيص بعضها، فيعزوا حدوثها إلى حدوث الحساسية من المركبات الكيماوية التي تلوث طعامهم وشرابهم ويتأثر بها الأطفال بشكل أكبر من الآخرين، لصغر أحجام أجسادهم. وينتشر في الأسواق بيع الكثير من السلع الغذائية المصنعة بمكوناتها وأسمائها المختلفة وتتنوع وسائل الغش التجاري فيها وتتفنن شركات الصناعات الغذائية في إنتاج المزيد من أنواعها التي تتباين في مذاقها ونكهتها لتشجيع المستهلكين على تناولها. وانتشر بيع الأغذية المصنعة في كل مكان، حتى أصبحت من المكونات الرئيسية على موائد طعام الكثير من الناس وتتنوع المركبات الكيماوية المستعملة في صناعة السلع الغذائية كالمواد الملونة والمحسنة للنكهة والمواد الحافظة ومحسنات قوام الأغذية وغيرها، وهي تتسبب في حدوث مشاكل صحية، عرف بعضها وقد يكشف العلم مستقبلا المزيد منها، وهي تستخدم بموافقة السلطات الصحية في دول العالم، لأن القوانين الغذائية تسمح بها وفق شروط معينة، تضعها هيئات المواصفات والمقاييس فيها وقد لا تلتزم بعض مصانع الأغذية بمواصفات الجودة النوعية لمنتجاتها، وتتفنن في وسائل الغش فيها ويدفع المستهلكون ثمن ذلك من صحتهم، وخير دليل على ذلك رخص أثمان هذه المواد ورغم رخص الأثمان، فالشركات تربح أموالا طائلة، هذا مؤشر على أن المواد الأولية المستعملة رخيصة جدا، فالضمائر الحية يجب أن تعي خطورة الوضع، ولا يجعلوا الربح هاجسا وعلى حساب صحة الفرد فأرباب الشركات واعون بخطورة هذه المواد، وهذا ما يجعلهم يجنبون أولادهم استهلاك مواد تصنعها شركاتهم، فينتشر بيع الكثير من عصائر وشراب الفواكه في الأسواق يدعي مصنعوها احتواءها على نسبة لا تقل عن 10 في المائة أو أكثر من لب الفواكه أو عصيرها الطبيعي، وتزعم بعض شركات إنتاج عصير الفواكه، بأنه يحضر من عصير فواكه طبيعي مائة في المائة ولسوء الحظ لا تتوفر طرق علمية دقيقة، تستطيع بواسطتها مختبرات الجودة النوعية، التأكد بدقة من وجود النسب المكتوبة من المواد الطبيعية كعصير أو لب الفواكه على عبوات هذه السلع الغذائية، لكن يفيد في هذا الخصوص حساب كميات ما تستورده الشركات المصنعة لعصائر الفواكه الطبيعية، وما تنتجه سنوياً منتجاتها الغذائية، ويمكن صناعة مشروبات فواكه صناعية تشابه الطبيعي منها، باستعمال مواد مضافة للأغذية مثل: أحماض عضوية، كحمض الستريك (حمض الليمون) في مشروب البرتقال وحمض الماليك في عصير التفاح ومواد ملونة صناعية ونكهات صناعية ومركبات منظمة للحموضة مثل: سترات الصوديوم ومركبات تحسن قوام المشروب وتتصف معظم الأصباغ الصناعية المستخدمة في السلع الغذائية، بأنها نسبياً غير ثابتة كيماوياً، نتيجة تركيبها غير المشبع في روابطها الكيماوية، فيبهت لونها عند تعرضها لضوء الشمس والحرارة والأحياء الدقيقة، نتيجة تخزينها فترة طويلة، وعند اتصالها بالمعادن تتأكسد هذه المركبات وتتفاعل مع العوامل المختزلة؛ كالأحماض القوية الشديدة فتؤدي أحياناً إلى ظهور بقع ولطخ على السلع الغذائية، وقد يؤثر رقم حموضتها على الأصباغ الموجودة فيها، فيتغير لونها ويخفت بريقها، كما يتكون نتيجة اتحاد الأصباغ مع بعض العناصر؛ كالكالسيوم والمغنيزيوم ومركبات غير ذائبة ولهذا وجب الحذر الكبير، فقد تكون الوجبة السريعة خارج المنزل استثناء نعم، لكن ليس كقاعدة وبشكل دائم. و لا تنسوا أن الداء والدواء في الغذاء والمرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج.