يقول الخبر «30 ألف مغربي تلدغهم العقارب سنويا»، بعضهم يقضي في الطريق وتذهب بروحه العقارب، بسبب سياسة الحكومة التي تنسى أن في البلاد عالما قرويا معزولا، و أن أقرب مستوصف في تلك المناطق يبعد بأكثر من 30 كلومترا، «بيست». صحيح أن الدولة، في شخص وزارة «الصحة»، تشتري الأمصال من السوق العالمية، لكن كيف السبيل إلى الحصول عليها، فأغلب تلك المشتريات، التي تنفق عليها الحكومة بالعملة الصعبة، تبقى مركونة في المخازن المركزية، كما حدث في أمصال حكومية سابقة، إلى أن تفوت مدة صلاحيتها وتصبح «بيريمي»، أو أنه لا يجري حفظها بشكل جيد، فتتعرض للتلف وتصبح غير صالحة للاستعمال، وحينها يخسر المواطن حياته وتخسر الدولة فلوسها. ألازال في المغرب أشخاص يموتون بلسعات العقارب؟ الجواب: نعم، يا سيدي. وأزيدك أن حياة سكان البوادي المغربية تتحول إلى جحيم حقيقي طيلة أشهر الصيف القائظة. لا ينتظر أهل البادية وزير الصحة وأمصاله، هم يعرفون أنها لن تصل، ولذلك يتصرفون، بحكم العادة في مثل هذه النوازل، بالطرق التقليدية المعروفة. بعد نزول الشمس إلى مغيبها، تكون الفناءات مكنوسة بشكل جيد، ثم يجري رش الماء، فترطيب الأرضيات يعوق حركة هذه الكائنات البغيضة ويدفعها إلى التراجع. العقارب تخاف من الأرضيات المبللة. والسبب أنها تخفض حرارتها وترغمها على الانكماش. الإجراء الثاني الاحتياطي أن تجلس بعيدا عن مصدر الإنارة، حتى تراقب المشهد جيدا، وحتى يكون بإمكانك التصرف في اللحظة المناسبة، فالعقرب كائن تغويه الأضواء، لذلك يسعى في اتجاهها، وهو لا يعرف أن ضربة واحدة «ببلغة» مثقلة بمسامير «ديال العشرة» ستذهب بحياته. البصل و«مينورا» لوازم ضرورية يجري الاحتفاظ بها في البيت بكل حرص؛ فعند وقوع الواقعة، يكون «التشراط» هو العلاج المتاح، بإحداث جرح صغير في مكان اللسعة وشفطه قليلا ودهنه بفص من البصل، ففي انتظار أمصال «الصحة» لا بد من التصرف السريع، وأحيانا «يجيب الله الشفا» دون أن يكلف المواطن الحكومة سنتيما واحدا، ف«بنادم عندنا طالع فابور». وكما في الطبيعة عقارب، هناك في البشر أيضا عقارب، ويقال للرجل عقرب وللمرأة عقرب أيضا، أما إذا كانت شريرة ولا تحتمل فيقال لها «عقربان»، بزيادة الألف والنون. يقول ابن منظور في «لسان العرب»: العقرب واحدة العقارب من الهوام، يكون للذكر والأنثى بلفظ واحد، والغالب عليه التأنيث، وقد يقال للأنثى عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف، والعقربان الذكر منها. وقال الأزهري: ذكر العقارب عقربان مخفف الباء، وأرض معقربة بكسر الراء ذات عقارب، وكذلك مثعلبة ذات ثعالب، وكذلك مضفدعة ومطحلبة؛ ومكان معقرب بكسر الراء ذو عقارب؛ وبعضهم يقول أرض معقرة كأنه رد العقرب إلى ثلاثة أحرف ثم بنى عليه، وعيش ذو عقارب إذا لم يكن سهلا، وقيل فيه شر وخشونة. وبالنسبة إلى الرجل النمام الذي يخوض في أعراض الناس، فيقال له «إنه لتدب عقاربه»؛ والشاعر العربي حسم الأمر في ابتكار أفضل وسيلة للتعاطي مع العقارب حينما قال: «إن عادت العقرب عدنا لها/ وكانت النعل لها حاضره». وأما في حكومة بنكيران، فهناك أيضا عقارب، كما في المعارضة عقربانات، كما أن أرض الأغلبية أصبحت «معقربة»، وقد يكون دواؤها هو تحضير النعل للانهيال عليها بضربة واحدة.