تفيد الوضعية الوبائية لحالات التسممات المسجلة من قبل المركز المغربي لمحاربة التسممات واليقظة الدوائية، أن التسممات بواسطة لسعات العقارب، تكتسي صبغة مشكلة صحة عمومية إذ يسجل المركز، معدلا متوسطا، يشير إلى إصابة 30 ألف شخص بلسعة العقارب، يتوفى منهم 80 حالة سنويا، 90 في المائة من الإصابات تهم الأطفال، أقل من 15 سنة. وأعلن المركز المغربي لمحاربة التسممات، في تقريره الأخير حول الأمصال المضادة للتسممات، تراجع نسبة التعرض للسعة العقارب في المغرب، ب 1.5 في المائة، سنة 2011. وأبرز المركز "أن صيدليات المستشفيات الإقليمية، في المناطق التي تشهد حالات التسممات بواسطة العقارب، تتوصل بداية شهر ماي من كل سنة، بمجموعة دوائية موجهة لمقاومة تسممات العقارب لتستعمل في أقسام الإنعاش بالمستعجلات. وتضمن التقرير إشارة إلى تسجيل إصابة ألف و761 حالة بلسعة الأفاعي، أدت إلى وفاة 76 حالة، ما بين 1980 و2008، بنسبة تصل إلى أزيد من 2 في المائة من مجموع التسممات المسجلة لدى المركز. ويفيد مركز محاربة التسممات أن الأمصال الموجهة لمقاومة لسعة الأفاعي، توزع على المستشفيات الإقليمية والجهوية، حيث تسجل هذه الحوادث، وتتوفر في أكادير، وتيزنيت، وتارودانت، والصويرة، ومراكش، وخنيفرة، وطاطا ومكناس، والرشيدية، وفاس، وكلميم وبني ملال وشفشاون والداخلة. ووردت في التقرير تفاصيل أخرى حول أنواع أخرى من التسممات، منها التسممات الدوائية بواسطة "الباراسيتامول"، إذ سجل المركز إصابة 547 حالة تسمم، ما بين 1980 و2009، ما يمثل أزيد من 2 في المائة، مع تسجيل حالة وفاة واحدة. وينضاف إلى ذلك، التسمم بواسطة الأدوية الموصوفة لأمراض الدماغ والأعصاب، تمثل 59 في المائة من مجموع التسممات بواسطة الأدوية، 37 في المائة منها تحدث بواسطة أدوية "بينزوديازيبين". أما التسممات بواسطة المبيدات الحشرية، فتمثل أزيد من 10 في المائة من أنواع التسممات المسجلة، ضمنها أزيد من 57 في المائة ناتجة عن التسمم بواسطة المواد العضوية الفوسفورية. وكشف التقرير الأخير، الصادر عن المركز المغربي لمحاربة التسممات واليقظة الدوائية، عن أن هذا الأخير، يتوفر على مركز يضم مجموعة من الأمصال المضادة لبعض التسممات، يعمل على ضمان توفر الأمصال الأساسية، حسب نوعية حوادث التسممات المسجلة في كل جهة، وفق ما تشير إليه الوضعية الوبائية لكل جهة، وحسب نجاعة الأمصال وكلفتها. وتبعا إلى ذلك، فإن مركز محاربة التسممات، هو الجهة الوحيدة التي تدبر عملية توزيع الأمصال على المؤسسات الصحية وطنيا، وفق معايير محددة سلفا، تراعي وضع الأمصال رهن إشارة الأطباء، حسب الحاجيات الجهوية، من خلال إحداث شبكة للتبادل بين المستشفيات المجاورة. ويتدخل المركز في حالة وصف أدوية مستعجلة، من تلك غير المتوفرة في المؤسسات الصحية، تبعا للاتصال الذي يباشره الصيدلي بالمؤسسة الصحية، التي تتصل، بدورها، بالمركز المغربي لمحاربة التسممات لتوفير المصل المرغوب فيه. وكشف التقرير الأخير الصادر عن المركز المغربي لمحاربة التسممات، عن وجود ثلاث لوائح لأصناف من الأمصال المتوفرة في المغرب، يختلف تصنيفها حسب الأوقات الواجب احترامها لتوفير المصل لإنقاذ الشخص المصاب بالتسمم. وتضم اللائحة الأولى 21 نوعا من الأمصال، من التي يجب توفيرها في أقل من 30 دقيقة، أما اللائحة الثانية، فتضم 8 أنواع من الأمصال، يجب توفيرها في أقل من ساعتين، أما اللائحة الثالثة، فتضم 4 أنواع من الأمصال، ويجب توفرها في أقل من 6 ساعات. وأبرز التقرير أن عدد أنواع الأمصال، التي كان يحوزها المركز، ما بين 2006 و2007، لم يكن يتجاوز 4 أنواع، يتراوح سعر كل وحدة من كل مصل، ما بين 153 درهما و430 درهما. وأضيف إلى لائحة الأمصال، التي حازها المركز سنة 2012، 7 أنواع، يتراوح ثمن كل واحد منها، ما بين 42 درهما و215 درهما. ويتولى المركز المغربي لمحاربة التسممات عملية تدبير توزيع الأمصال وطنيا، لعدد من المبررات منها "غلاء كلفة الأمصال، وضعف حالات التعرض للتسممات، موازاة مع قصر مدة تخزين الأمصال، وغياب المنفعة التجارية لدى المختبرات الصيدلانية، التي تدفعها لتوفير الأمصال، حسب ما أفادت به البروفيسور رشيدة السليماني بن الشيخ، مديرة المركز المغربي لمحاربة التسممات واليقظة الدوائية، في كلمتها المضمنة في التقرير الأخير، الصادر عن مركز محاربة التسممات واليقظة الدوائية. وتحدثت السليماني عن أن الواقع يفيد عدم كفاية الأمصال لجميع حالات التسمم، على الصعيد العالمي، وأنه عند وجودها، يصعب تأكيد نجاعتها، مبينة أن منظمة الصحة العالمية، توصي بلائحة من أسماء الأمصال الأساسية، إلا أن العاملين في المجال يواجهون مشكلة ندرة أو عدم توفر هذه العلاجات الخاصة، في الدول السائرة في طريق النمو، كما في الدول المتقدمة. في مقابل ذلك، أكدت السليماني الدور المهم للأمصال، المتمثل في دورها الأساسي في علاج بعض أنواع التسممات، والمساهمة في وقف التطور السريري للتسمم، بدمجها مع علاجات أخرى، توصف في أغلب الحالات المرضية. وأبرز التقرير الأخير، أن المغرب، قبل إحداث مركزية للأمصال داخل مركز محاربة التسممات، سنة 2007، كان يفتقر إلى الأطباء الاختصاصيين في التسممات، موازاة مع عدم إيلاء هذا الموضوع عناية من المختبرات الصيدلانية، وضعف التوعية بمخاطر التسممات. كما كانت مبادرات لفت الانتباه إلى موضوع مخاطر التسممات، تواجه صعوبات إقناع المسؤولين بتخصيص الميزانيات لجلب الأمصال، إلى جانب عدم الترخيص بتسويق عدد من الأمصال الأساسية، ناهيك عن عدم اهتمام المختبرات بالموضوع لعدم وجود منفعة تجارية لديها في تسويق الأمصال. وأبرز التقرير أنه، في سنة 2008، كان جلب الأمصال يجري من قبل مصلحة التموين، في إطار المشتريات المجمعة، لذلك ظلت طلبات العروض غير مثمرة، بينما، في سنة 2001، أثمرت الاتصالات بعدد من المختبرات الوطنية والدولية في توفير الأمصال وطنيا.