لم تكن الهزيمة التي مني بها فريقا ريال مدريد واف سي برشلونة الإسبانيين في نصف نهاية كأس عصبة الأبطال الأوروبية في كرة القدم أمام فريقين ألمانيين، تعني كرة القدم الإسبانية فقط، وهي التي ظلت تصنف في السنوات الأخيرة الأفضل عالميا سواء على مستوى المنتخبات أو الفرق، ولكن الهزيمة كانت تعني بشكل من الأشكال جمهورنا المغربي، الذي أصبح موزعا اليوم بين حب الريال والبارصا. ولم يعد الأمر سرا أن الشباب المغربي أصبح يعشق فريق ميسي أو رونالدو بدرجة أكبر مما يعشق فريقا في الدوري المحلي، خصوصا وقد لعب النقل التلفزيوني، وما تقدمه الشبكة العنكبوتية من أخبار وصور، والذي حول العالم بالقوة والفعل إلى قرية صغيرة، دورا كبيرا في هذا التحول. ولذلك لا يمكن أن نعتبر خروج هذين الفريقين من عصبة أبطال أوروبا اليوم إلا خسارة مغربية بامتياز. غير أن الخسارة الأكبر، والتي ظهرت معالمها اليوم بخروج الريال والبارصا من التنافس حول لقب كأس عصبة أبطال أوروبا، الذي يعني المشاركة في كأس العالم للأندية المقررة في دجنبر المقبل في ملاعب مراكشواكادير، هي أن الجمهور المغربي الذي كان يراهن على مشاركة واحد من فرق الليغا، والذي كان يعول عليه لملإ مدرجات الملعب، لن يكون حاضرا. وهذه واحدة من الضربات الموجعة التي تلقتها اللجنة المنظمة لكأس العالم للأندية المقررة في بلادنا. فحينما كان هجوم فريق بروسيا دورتموند الألماني يهز شباك الفريق الملكي خصوصا في مباراة العودة بملعب بيرنابيو في العاصمة مدريد، كان منظمو كأس العالم للأندية يحصون خسائرهم. فالجمهور المغربي العاشق للفريق الملكي لن يحضر هذه الكأس، وهو الذي كان يمني النفس أن يشاهد رونالدو وكاسياس وكاكا وراموس، في ملعبي مراكش أو اكادير. نفس الصورة مع جمهور فريق إف سي برشلونة ونجومه الكبار من ميسي إلى غسافيي وإنييستا وفيا والآخرون. وكما نعيش الكثير من التعصب أحيانا حول حب الرجاء أو الوداد، فقد أصبحت للريال والبارصا حصتها من هذا التعصب من قبل جمهورالكرة المغربي. لذلك لن تعرف مباراة نهاية كأس عصبة الأبطال الأوروبية والتي ستجمع في ملعب «ويمبلي» الشهير في العاصمة البريطانية، فريقي بروسيا دوورتموند وبايرن ميونيخ الألمانيين، ذلك الحماس المغربي الذي كان يمكن أن تعرفه لو كان أحد طرفيها فريق الريال أو البارصا. وسيكون أول الخاسرين في مباراة «ويمبلي» هم أصحاب المقاهي الذين ينتعش بعضهم فقط بفضل مباريات الكرة، لدرجة أن منافسات كأس أمم أوروبا أو كأس أمم إفريقيا، أو مباريات نهائيات كأس العالم، تصبح تلك الدجاجة التي تبيض ذهبا. كأس العالم للأندية، التي سيشارك فيها الفريق المغربي المتوج بلقب الدوري، والتي سيحتضنها ملعبا مراكش وأكادير، ستكون بدون ملح فرق الليغا الإسبانية خصوصا ريال مدريد واف سي برشلونة. لذلك لن تستقطب كرة القدم الألمانية، باعتبارها طرفي نهاية كأس العصبة، الجمهور المغربي بنفس الكثافة لو كان الحاضر فريقا إسبانيا. في الدراسات السيوسيولوجية التي اشتغلت على عالم الكرة، خلاصة تقول إن العولمة التي غزت الشعوب والأمم، وأصبح مواطن اليوم بدون حدود ولا حواجز سواء بفضل التلفزيون أو بفضل شبكة الأنترنيت، لم تنطلق شرارتها الأولى إلا مع لعبة كرة القدم حيث يمكن لمشجع آسيوي أن يعشق فريق البارصا، ويكن لإفريقي متواجد خلف الصحراء أن يحب فريق البارصا أو الأنتير أو الأرسال. لقد غزت الليغا الإسبانية قلوب المغاربة بين بارصاوي وريالي. لذلك فقد شكل خروجهما من السباق نحول اللقب الأوروبي خسارة مغربية بامتياز.