سيؤدي تغيير التوقيت المعتمد الذي تعود عليه المغاربة، بإضافة ساعة واحدة، إلى دفع الجميع إلى التأقلم مع التوقيت الرسمي الجديد. وبشكل حتمي سيؤدي هذا الأمر إلى نقل ساعة من الصباح وإضافتها لفترة المساء، وهو ما سيمنحنا ليالي صيفية طويلة. لكن الاستيقاظ باكرا صباح كل يوم سيصبح شيئا ما صعبا، وكذلك النوم في وقت مبكر ليلا. فما العمل للتأقلم مع هذا المعطى الجديد؟ وكيف السبيل لجعل عادات النوم، ومواقيت العمل متناغمة مع التوقيت الصيفي؟ استفاق المغاربة يوم الأحد الماضي على خبر إضافة ساعة للتوقيت الرسمي، وهو ما يعني أن فترة النهار ستصبح أطول، وأننا لن نكون في حاجة لإنارة الأضواء لوقت أطول، ما سينجم عنه استهلاك طاقة كهربائية أقل، وانخفاض فاتورة الكهرباء. وسواء كانت الساعة الإضافية ستؤدي فعليا للاقتصاد في كميات كبيرة من الطاقة أم لا، فذلك مازال محط نقاش، لكن تغيير التوقيت الرسمي من شأنه أن يتسبب للبعض في قلب عادات النوم السابقة وتغيير وتيرة الساعة البيولوجية الداخلية. وقد يتسبب هذا الأمر كذلك لبعض الأشخاص في تقلب المزاج، لكن التوقيت الجديد يحمل مزايا عديدة، لعل أبرزها الحصول على ساعة كاملة نهاية كل يوم، ما يتيح القيام بعدد من الأنشطة كممارسة الرياضة، والتسوق... حسب ما أظهرته الأبحاث الطبية لا تقتصر وظيفة النوم فقط على منح الراحة لخلايا المخ، بل لها دور مهم في تنظيم الخلايا الذهنية، حيث يمكنها النوم من أداء عملها بشكل سليم ودقيق حتى لا تختزن المزيد من الدهون غير المرغوب فيها. كما أن الحرمان من النوم يجعل اليوم يبدو طويلا ما يدفع الجسم إلى إبطاء عملية تحويل الطعام إلى طاقة، وهو ما يجعل الجسم يستهلك كمية أقل من الطاقة، ما قد يؤدي لزيادة الوزن بسبب بطء معدل حرق السعرات الحرارية. هذه الأمور تدل على ضرورة الحصول على القسط الكافي من النوم، حتى وإن تغير التوقيت الرسمي. لكن ما العمل إذا كان النوم يفارقنا رغم كل المحاولات. الساعة البيولوجية الداخلية إن ضبط الساعات اليدوية والمنزلية وفقا للتوقيت الجديد مسألة غاية في البساطة، لكن تغيير الساعة البيولوجية الداخلية أمر غاية في الصعوبة. يتحكم جزء صغير من الدماغ يقع بالمهاد (منطقة في المخ تتحكم في الجهاز العصبي اللاإرادي) في التوقيت الداخلي للجسم. ويقوم هذا الجزء من الدماغ بالتحكم في الجسم عبر إرسال إشارات عصبية تخبر الجسم متى يجب أن نتناول الطعام، ومتى ننام، ومتى ننهض من النوم، فضلا عن عدد كبير من وظائف الجسم على امتداد فترة النهار. ويظل ضوء النهار هو المفتاح لفهم طريقة اشتغال الساعة البيولوجية الداخلية. فمثلا، تدفع أشعة الشمس الجسم إلى إفراز عدد من الهرمونات المرتبطة برفع درجة اليقظة، التي تقوم بدورها بتنشيط عملية الأيض (تحويل الأطعمة إلى طاقة)، وتنشيط الضغط الدموي، والرفع من درجة حرارة الجسم. وبالتالي، تتحكم أشعة الشمس في عمل الجسم البشري، وتخبره متى يتوجب النوم ومتى ينبغي الاستيقاظ. ولكي يبقى جسمنا ومختلف وظائفه في تناغم مع توقيت المكان الذي نعيش به، تعتمد الساعة البيولوجية الداخلية على الإشارات المرتبطة بأشعة الشمس، خصوصا الضوء الذي ينبعث في الصباح الباكر. ورغم اختلاف عدد من الأشخاص حول الجدوى من وراء إضافة ساعة للتوقيت الرسمي، يظل الأمر الأكيد هو أن التوقيت الصيفي سيلازمنا لوقت طويل. فيما يلي عدد من الأفكار العملية لأجل التعامل بشكل جيد مع هذا التغيير المهم: ابدأ باكرا: يتم في جل الحالات برمجة تغيير التوقيت في ساعات الصباح من يوم الأحد، لتفادي أي تشويش قد يظهر أثناء أسبوع العمل. ولكي تمنح نفسك الوقت الكافي لكي تتكيف مع هذا التغيير الهام قبل بدء أسبوع العمل، حاول أن تضبط ساعاتك وفقا للتوقيت الجديد قبل بدء العمل به تزامنا مع نهاية الأسبوع، كيوم الجمعة ليلا، أو السبت صباحا. حاول أن تتناول وجبات الطعام، والنوم، والاستيقاظ وفقا لهذا التوقيت الجديد. وعندما يحل الاثنين، ستكون مستعدا بشكل مسبق للتعود على التوقيت الجديد. مارس الرياضة: يؤدي القيام بممارسة الرياضة لدفع الجسم إلى إفراز مادة «السيروتين»، وهي مادة كيميائية يفرزها الدماغ وتساعد أجسامنا على التأقلم مع الوضع الخارجي. حاول ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وفي الهواء الطلق كلما أمكن، وفي وقت مبكر من النهار. وينصح الخبراء بتفادي ممارسة الرياضة في وقت جد متأخر في المساء، لأن ذلك من شأنه التأثير على جودة النوم. القيلولة: إن الحصول على القيلولة أمر جد مفيد للصحة، لكن ينبغي تفادي إغراء الحصول على قيلولة جد طويلة خلال فترة النهار، لأن ذلك يؤدي لنتائج عكسية. إذا أحسست بالتعب، فحاول المشي لمسافة قصيرة لبعث الحيوية في الجسم. وإذا كنت لا تستطيع الاستغناء عن القيلولة، فحاول أن تحصل عليها في وقت مبكر من النهار، واحرص على ألا تتجاوز مدتها 20 دقيقة. وظف الوقت لصالحك: إن الربط الصحيح بين الضوء والظلام يمكنه أن يساعد ساعتك البيولوجية الداخلية على التلاؤم مع التوقيت الجديد، ما سيمكنك من النوم والاستيقاظ وفقا للتوقيت الصيفي، والحصول على نوم هنيء. في الصباح، حاول فتح النوافذ وإنارة الأضواء. حاول كذلك تمضية الوقت خارج المنزل أثناء فترة النهار. وفي المساء حاول جعل الأضواء خافتة قدر المستطاع، كي يستطيع جسمك الاستيعاب بأن فترة النوم أصبحت وشيكة. عادات النوم: بما أنه ليس في المستطاع تغيير معطى التوقيت الصيفي، فمن المهم جدا التأقلم معه من خلال الحرص على الالتزام بعادات النوم الجيد، وهي العادات التي تمنح الجسم فرصا أكبر للحصول على نوم عميق ومريح. ولذا يحبذ المختصون في النوم الانضباط بمواقيت محددة للنوم والاستيقاظ لكي يتعود الجسم على التوقيت الجديد. حاول كذلك الالتزام بروتين يومي يمتد لحوالي 30 أو 60 دقيقة لممارسة نشاط يسهل النوم، كالمطالعة، أو الاستماع للموسيقى الهادئة. تناول الطعام: بسبب تغيير التوقيت، قد تحس بالجوع في وقت يسبق أو يتأخر عن موعد المعتاد في تناول الطعام. ولذا يفضل تخصيص الوقت الكافي قبل الذهاب للنوم لتناول الطعام، وتمكين الجسم من الحيز الزمني الكافي لهضم الطعام وتحويله إلى طاقة. ويفضل عموما تناول وجبات خفيفة ليلا، لأن الوجبات الثقيلة تتطلب وقتا أطول في عملية الهضم، وإذا ظل الطعام لوقت أطول داخل معدتك فذلك سيؤثر على جودة النوم.