"ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة        عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب        "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« المساء » تنفرد بكشف أسرار إقامة ذراع القذافي في المغرب
السنوسي علبة أسرار العقيد دخل المغرب على متن طائرة قادمة من باماكو بجواز سفر مزور
نشر في المساء يوم 19 - 04 - 2013

إثر الزيارة التي قامت بها منظمة هيومن رايتس ووتش، يوم الاثنين الماضي، لعبد الله, رئيس مخابرات معمر القذافي،
في سجن الهضبة بطرابلس، حيث يقبع منذ سلّمته موريتانيا إلى ليبيا في شتنبر2012، وهي الزيارة الأولى من نوعها للسنوسي من منظمة حقوق إنسان دولية في سجنه، تحدث السنوسي إلى المنظمة الحقوقية الأمريكية عن تفاصيل اعتقاله من طرف السلطات المغربية في مارس من السنة الماضية واحتجازه لمدة 12 يوماً قبل أن تضعه السلطات المغربية على متن طائرة متجهة إلى موريتانيا، التي سوف تسلمه بدورها إلى السلطات الليبية. «المساء» تقدم تفاصيل غير مسبوقة عن مكان إقامة أقوى رجل في النظام الليبي السابق في مدينة الدار البيضاء والاسم المستعار الذي كان يحمله وهو يتجول بين شوارع العاصمة الاقتصادية للمملكة، وقصة وصوله إلى مالي، و تفاصيل تسليمه.
يكشف التنقيب في العلبة السوداء التي تضمّ في جوفها أسرار مدير المخابرات الليبية السابق وذراع القذافي اليمنى عبد الله السنوسي، الكثير من الغموض، خاصة إذا وضعنا تحت المجهر علاقته بجهاز المخابرات المغربي وكيف حلّ بالمغرب في أواخر يناير من السنة الماضية، قادما من العاصمة المالية باماكو بجواز سفر مزور، وكيف استقر داخل فيلا في ملكية أحد أقربائه في حي كاليفورنيا الراقي في الدار البيضاء، لينتقل، بعد ذلك، إلى فندق معروف في حي «المعاريف»، القلب النابض للعاصمة الاقتصادية.
وكانت لعبد الله السنوسي، الذي اتهمته محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ووصفه المدعي العام ب«ظل العقيد معمر القذافي»، قصة خاصة مع الدار البيضاء، التي لم يدخلها قَط في حياته، حتى شاءت الأقدار أن تطأها قدماه متنكرا بملابس أحد شيوخ الطوارق الماليين، عافيا عن لحيته، التي غطت الكثير من تقاسيم وجهه.. غير أنه لم يُفلح في «الهروب» من «قناصي» أجهزة المخابرات المغربية، الذين ترصّدوه بصفة مستمرة إلى حين مغادرته التراب الوطني.
«المساء» تنفرد بكشف أسرار دخول «عبد الله ولد أحمد»، الاسم الذي دُون على جواز السنوسي المزور، وكيف أقام في المغرب دون أن يُلفت انتباه أكبر أجهزة المخابرات العالمية، وكيف تعقبته أجهزة المخابرات المغربية من أجل تحديد علاقاته داخل المغرب.. وكيف عانى من المرض في صمت، وكيف انتقل إلى موريتانيا، عبر طائرة للخطوط الملكية المغربية، «مُطمئنّ البال»، ليفاجَأ باعتقاله بعد خرقه اتفاقا أبرِم معه مسبقا من طرف السلطات الموريتانية، تم الاخلال به، ليكون ورقة رابحة يستخدمها النظام.
عكس الرواية الرسمية، التي قالت إنّ عبد الله السنوسي، مدير المخابرات الليبية السابق، اتخذ من مطار محمد الخامس محطة عبور مساء الجمعة 16 مارس من العام الماضي، تفيد رواية أخرى أنّ «المبحوث عنه رقم 1 دوليا» جاء على متن طائرة قادمة من مطار «باماكو»، على الرحلة رقم «771 أت»، التي أقلعت في حدود الخامسة والنصف من مساء الخميس 15 مارس من العام الماضي، لتصل إلى مطار محمد الخامس في حدود الثامنة و20 دقيقة، ليستقر في الدار البيضاء لأكثرَ من شهر، رفقة ثلاثة أشخاص يرجّح أنهم من المُقرَّبين إليه في جهاز المخابرات العسكرية الليبية، إضافة إلى نجله.
وقال مصدر جيد الاطلاع ل«المساء» إنّ المخابرات المغربية كانت على اطّلاع على كل تحرّكات عبد الله السنوسي مباشرة بعد نزوله في مطار محمد الخامس وانتقاله إلى بيت أحد أفراد أسرته في حي كاليفورنيا الراقي في الدار البيضاء، البيت الذي كان يزوره رجالات ليبيا، الذين لاذوا بالفرار مباشرة بعد اندلاع الثورة الليبية، إضافة إلى موريتانيين وبعض الأجانب، من بينهم فرنسيون.
وقال المصدر نفسُه، الذي فند «الرواية الرسمية»، إن المبحوث عنه رقم 1 قبل اعتقاله من طرف الاستخبارات الموريتانية كان تحت مراقبة الأجهزة الأمنية المغربية بصفة مُستمرّة، إلى حين مغادرته، مؤكدا أنه دخل المغرب بجواز سفر مالي مزور يحمل صورة «شيخ» من الطوارق الماليين، قبل أن يعمد إلى إخفاء ملامح وجهه بإطلاق لحية بيضاء كثة وانتحال اسم «عبد الله ولد أحمد»، وهو الاسم الذي دخل به أحد الفنادق المصنفة في الدار البيضاء ليمكث فيه أزيدَ من 7 أيام ويلتقي فيه عددا من ضباط الاستخبارات الليبية.
وتفيد رواية مصدر «المساء» أنّ الاستخبارات المغربية «هندستْ» بذكاء بالغ لاعتقال عبد الله السنوسي بتنسيق مع رجال المخابرات العسكرية الليبية ونظيرتها في موريتانيا، مشيرا إلى أن السنوسي دخل الأراضي المغربية بجواز سفر مزور بعلم السلطات المغربية، وأنّ رجال المديرية العامة للدراسات والمستندات «لادجيد» لم يفوتوا فرصة تعقّبه لمعرفة علاقاته داخل المغرب وصفات كل من التقاهم، قبل أن يسهّلوا عملية دخوله نحو موريتانيا، لتكتمل تفاصيل خطة محبكة لاعتقاله في مطار نواكشوط.
ويشير المصدر نفسه إلى أنّ السلطات الموريتانية اعتقلت فجر يوم السبت، 17 مارس، الرجل الثاني في نظام العقيد معمر القذافي وصهره ومدير مخابراته عبد الله السنوسي، الذي وصل إلى مطار نواكشوط قادما من الدار البيضاء على رحلة عادية للخطوط الملكية المغربية تربط بين الدار البيضاء ونواكشوط.
وحسب تقارير أمنية مختلفة فإنّ ضباطا من المخابرات الموريتانية كانوا على متن الرحلة نفسِها، مما يثير جدلا حول ظروف توجّه السنوسي إلى العاصمة الموريتانية، إن كان وصلها باتفاق وتنسيق مع جهات موريتانية أو كان متابَعا من المخابرات الموريتانية أو هي مجرّدُ صدفة، إلى جانب «غموض» تواجده بالمغرب، إنْ كان عابرا لمطار محمد الخامس قادما إليه من باماكو، عاصمة مالي، أم كان مقيما في المغرب، ودَور المخابرات المغربية في ذلك.
الوجه الآخر للسنوسي في حي كاليفورنيا
تختلف الروايات حول عبد الله السنوسي، ، بين رسمية تفيد أنه لم يستقرّ بالمغرب أكثرَ من ساعة في أحد مقاهي المطار الدولي محمد الخامس في انتظار تغيير الوجهة إلى موريتانيا، ورواية أخرى تفيد أنه مكث في المغرب نحو 3 أشهر، قبل سفره إلى موريتانيا واعتقاله في طار نواكشوط..
وكان السنوسي، الذي حلّ بالمغرب في أواخر يناير الماضي، قادما من العاصمة المالية باماكو بجواز سفر مزور، واستقر داخل فيلا في ملكية أحد أقربائه في حي راق في الدار البيضاء، قليلَ التحرك والخروج من منزل صهره، حتى إنه بعد تدهور حالته الصحية كان يحرص على طلب طبيب أجنبي يزوره بين الفينة والأخرى، نظرا إلى ارتفاع ضغطه ومعاناته من مرض الحساسية.
لم يدم استقرار السنوسي في فيلا فارهة في حي كاليفورنيا الراقي طويلا، إذ انتقل إلى فندق معروف في قلب الدار البيضاء مدونا أثناء استقباله اسمه المستعار «عبد الله ولد أحمد».. وحسب روايات متطابقة فقد تحَول الفندق إلى مكان لاستقبال شخصيات ليبية يُرجَّح أنها من جهاز الاستخبارات الليبي وأخرى موريتانية كانت تنسّق مع السنوسي للاستقرار في موريتانيا دون أن تطاله يد العدالة.
ويؤكد صحة رواية إقامة الذراع الأيمن للقذافي بالمغرب بلاغٌ لمحامين موريتانيين تتوفر «المساء» على نسخة منه، شددوا فيه على ضرورة ألا تكون الحكومة الموريتانية «نشازا» على المستوى الإقليمي، وأضاف البلاغ أن «القضاء التونسي رفض تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق، وأنّ الجزائر منحت بعض أفراد عائلة القذافي الحق في الإقامة على أراضيها لدواعٍ إنسانية، وأنّ النيجر منحت الساعدي القذافي حق اللجوء السياسي، وأنّ عبد الله السنوسي نفسه كان مقيما في المغرب، كما أنه لم يتم إلى حد الآن تسليم أي عضو في النظام السابق من طرف أي دولة».
التقى عبد الله السنوسي، الذي كان يقيم في جناح «vip» (الخاص بالشخصيات المهمة) في الفندق المعروف الذي يملك ابن القذافي معظم أسهمه، شخصيات «وازنة» كانت إلى وقت قريب تمسك بخيوط النظام الليبي، كما رجّح مصدر «المساء» أن تكون اتفاقية قد عُقِدت بينه وبين ضباط في المخابرات الموريتانية لنقله إلى موريتانيا قصد الاستقرار فيها بعيدا عن «أعين» العدالة الليبية..
وكانت لقاءات السنوسي بعدد من المسؤولين الليبيين السابقين تتم داخل غرفته في الفندق المعروف دون أن تثير انتباه العاملين في الفندق أو الزوار الذين لم يتعرّفوا على «ظل القذافي» نظرا إلى شعره الأشعث ولحيته التي عفا عنها.. غير أنه لم يغب عن أعين «قناصي» المخابرات طيلة شهر كامل أمضاه في الدار البيضاء، إذ يقول مصدرنا إنّ السلطات المغربية كانت على علم بوجوده وأنها رفضت أن تعتقله السلطات الفرنسية في المغرب، بعد أن دخلت على الخط، لتبدأ عملية نسج خيوط صفقة موريتانية -فرنسية للإيقاع بالسنوسي فوق الأراضي الموريتانية، بعد أن تسلم وعودا بحقه في الإقامة في موريتانيا وعدم اعتقاله.
وأقنع ضباط في المخابرات الموريتانية الذراع الأيمن للقذافي داخل فندقه في الدار البيضاء بضرورة الانتقال إلى موريتانيا بدعوى أنّ هذه الأخيرة سترفض تسليمه لليبيا، لأنها لم تتوصل بأي طلب مكتوب بالطريق الدبلوماسي مصحوب بحكم أو قرار يقضي بعقوبة، ولو كان غيابيا، وأوراق الإجراءات الجزائية التي صدر بموجبها الأمر رسميا بإحالة المطلوب أمام القضاء الجزائي في البلد الطالب، أو أمر بالقبض أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامه صادرة من السلطة القضائية في البلد الطالب، إضافة إلى أن السنوسي يملك أسرارا وُصِفت ب«السرية جدا» عن الحكومة الموريتانية وعن الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق لموريتانيا، ما جعله يقبل الفكرة على مضض..
وشكّل اعتقال رئيس المخابرات الليبي السابق عبد الله السنوسي حدثا بالغ الأهمية لما تنطوي عليه الشخصية من ثقل باعتبارها «الصندوق الأسود» للعقيد الراحل معمر القذافي من ناحية، ولصلته بملفات ساخنة تتجاوز الحدود الداخلية الضيقة للشأن الليبي من ناحية أخرى.
وفي الوقت الذي أكدت السلطات الموريتانية أن عملية اعتقال السنوسي في مطار نواكشوط تمت في سياق إجراءات روتينية تتخذ مع كل القادمين إلى البلاد، أفادت تقارير أمنية أنّ وحدة أمنية فرنسية خاصة خطّطت لاعتقاله، حيث أجرتْ اتصالات مع عائلة المعداني الموريتانية، والتي وثق بها السنوسي ومولها ومنحها الجنسية الليبية حينما كان مديرا للمخابرات الليبية، والتي كان بعض أفرادها في المغرب، في الوقت الذي أقام السنوسي داخل فندق معروف في قلب العاصمة الاقتصادية.
وحسب تصريح مصدر استخباراتيّ لوكالة «رويترز» فقد تم التوصل إلى الصفقة بإقناع تلك العائلة ب«جرّ» السنوسي إلى موريتانيا، حيث تم اعتقاله، مضيفا أنّ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الجنرال السابق الذي أطاح بسلفه سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في انقلاب عام 2008، أراد ردّ الجميل لفرنسا على دعمها له بعد فوزه بانتخابات عام 2009، التي قال منافسوه حينها إنها مزورة.
ويضيف المصدر نفسه أن طائرة عبد الله السنوسي، الصندوق الأسود لأسرار القذافي، أقلعت من موريتانيا ونزلت في العاصمة القطرية الدوحة، وبعدها اتجهت إلى ليبيا، وأن موريتانيا وافقت على تسليم السنوسي أو «بيعه» لليبيا بعد مفاوضات سرية طويلة، وأن حكومة موريتانيا تحصلت على الدفعة الأولى من «ثمن» تسليم السنوسي لليبيا.
وكانت طريقة جرّ عبد الله السنوسي إلى الفخ طريفة، حسب وكالة «رويترز»، حين أبلغ رجال الأمن الموريتاني عبد الله السنوسي أنّ هناك «النار قد اشتعل في منزل معمر القذافي، وعليه الذهاب لمعاينة وفرز بعض الوثائق السرية المهمّة».. وبالفعل، ذهب عبد الله السنوسي، رفقة رجال الأمن الموريتاني، ليتفاجأ بوجوده في المطار أمام باب الطائرة الليبية.. وقد قاوم السنوسي، في البداية، رجالَ الأمن، وبعد ذلك استسلم للأمر الواقع، وقال عبارته الشهيرة «لولا الناتو لَما حدَث هذا كله»، وفق «رويترز».
وحسب التقارير الأمنية السرية فإنّ السنوسي جاء إلى موريتانيا قادما من المغرب لاسترجاع ودائع أسرة القذافي الموجودة في موريتانيا، من أموال وقصور ومنازل، قبل أن يُفاجأ بأنه كان ضحية مؤامرة محبوكة، قادها رجال استخبارات أكثر من دولة للإطاحة به.
واعتمد عبد الله السنوسى، الذي غادر الأراضي الليبية بعد سقوط العاصمة الليبية طرابلس بأيام، على مجموعة من الطوارق الماليين من أجل مغادرة ليبيا، مستغلا انشغال العالم بحصار العقيد القذافى داخل مدينة سرت الليبية والمعارك الطاحنة على الجبهة الشرقية بين كثائب القذافي والثوار.
وقد استغلّ مدير الاستخبارات الليبية في عهد القدافي جواز سفره المالي الذي كان في حوزته قبل أحداث ليبيا من أجل التحرّك دون مراقبة من الجهات الأمنية الداخلية والدولية، التي كانت تلاحقه ساعتها.. وقد مكث السنوسي عدة أشهر في صحراء مالي، متنقلا بين الطوارق وبعض العرب الماليين، ممن كانت له بهم علاقة قبل سقوط نظامه. ومع تفجّر الأوضاع الأمنية في شمال مالي بين الطوارق والحكومة المركزية، قرر عبد الله السنوسي مغادرة البلاد في اتجاه المغرب، حيث أقام عدة أسابيع فى أحد فنادق الدار البيضاء.
وكان تواجد «الرجل الثاني» لليبيا -القذافي في أحد فنادق الدار البيضاء أولَ خيط تلتقطه المخابرات المغربية والفرنسية عنه، حيث تم الاشتباه فيه من طرف أحد العملاء الفرنسيين في المدينة. وقد عزّزت فرنسا من تواجد عناصر الاستخبارات التابعين لها في المغرب داخل الفندق وفي محيطه، وراقبت رسائل الرجل واتصالاته الهاتفية..
وحسب تقرير لمسؤول موريتاني، تناقلته وسائل الإعلام، فإن فرنسا أبلغت الأمن المغربي أنّ عبد الله السنوسي موجود في المملكة المغربية، غير أنّ الرباط رفضت التعاون مع فرنسا في عملية اعتقاله.
ونقل التقرير نفسه أنّ «الأمن المغربي اعتبر أن عملية اعتقال السنوسي في الدار البيضاء ستكون مُحرجة للرباط أمام العالم، خصوصا أن جارتها الجزائر استقبلت عددا من رموز النظام السابق ولم تسلمهم للحكومة الليبية أو أي جهة أجنبية. كما أنّ موقف تونس الرافض تسليمَ رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي زاد من إحراج الحكومة المغربية بالذات.
وحسب المسؤول الموريتاني، فقد اتفقت السلطات المغربية والفرنسية على إشراك نواكشوط في عملية ملاحقة مدير الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، وتم إطْلاع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على الملف وطُلِب منه تقديم المساعدة. وقال المصدر إنّ ولد عبد العزيز أجرى اتصالات سرية مع بعض المحسوبين على نظام العقيد القذافي من أجل إعطاء رسالة «طمأنة» لمدير الاستخبارات عبد الله السنوسي ورفاقه بأنّ «نواكشوط ما تزال وفية لموقفها الداعم للحكومة السابقة، رغم اعترافها بالمجلس الانتقالي».
وقد أوفدت نواكشوط عددا من عملائها السريين إلى الدار البيضاء للقاء الرجل، وتم إعطاءه تطمينات رسمية موريتانية بأنّ نواكشوط «ستحميه» في حالة وصوله إليها، وأن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز كان يفكر في منح اللجوء للقذافي وأفراد عائلته قبل انهيار النظام وسيطرة الثوار على البلاد.. ودفعت تطمينات رجال الأمن في موريتانيا ونفاد أموال السنوسي في الرباط وصعوبة التواصل بينه وبين رجاله السابقين، السنوسي إلى الموافقة على العرض الموريتاني، وهو القرار الذى ألقى به في «فخّ» الفرنسيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.