خرج أزيد من عشرة آلاف طفل مغربي في المسيرة التي نظمت صباح أمس بشارع محمد الخامس وسط الرباط للتضامن مع غزة. ولوحظ ارتباك واضح على المسؤولين الأمنيين الذين لم يتوقعوا الأعداد الهائلة من الأطفال الذين تقاطروا منذ الساعات الأولى للصباح على العاصمة، من أجل المشاركة في المسيرة وإعلان تضامنهم مع أطفال غزة. كما شوهدت عدة شاحنات وهي تحمل حواجز حديدية و تتجه إلى ساحة البريد، قبل أن يتم نصب هذه الحواجز لمحاصرة الأطفال، في الوقت الذي انتشرت فيه عشرات العناصر التابعة لقوات التدخل السريع والشرطة بالمكان. كما تم تجنيد عشرات من عناصر الاستعلامات العامة من أجل تسجيل الشعارات التي رددها بصوت واحد أزيد من عشرة آلاف طفل قدموا من مدن مغربية مختلفة. المسيرة اختلط فيها اليافعون بالأطفال الرضع الذين تقدموا المسيرة وهم يلبسون الكوفية الفلسطينية، دون أن يتخلى بعضهم عن رضاعته، في مشهد تسابق عدد من ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية على توثيقه. وانخرط عدد من الآباء والأمهات في موجة بكاء، بعد أن ذرف مئات الأطفال الدموع بشكل مؤثر، وهم يدعون لأطفال غزة بالنصر، فيما حمل بعضهم مجسمات لصواريخ «غراد» و القسام، ورشاشات كلاشينكوف بلاستيكية، ودمى مخضبة بلون أحمر، في إشارة إلى أطفال غزة الذين استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل. مسيرة الأطفال كانت أكثر واقعية من المسيرة التي نظمها الكبار الأسبوع الماضي، بعد أن غاب عنها منطق الإنزال والحسابات السياسية، حيث صدحت أصوات الصغار ببراءة بشعارات منددة بالعدوان المستمر على سكان قطاع غزة، ورددوا بكل قوة شعار: «الأطفال في الساحة والجيوش مرتاحة»، فيما يشبه رسالة واضحة تعبر عن غضبهم العميق من الموقف العربي المتخاذل. ووجد المنظمون صعوبة في إقناع عدد كبير من المواطنين، الذين التحقوا من أجل المشاركة وإعلان تضامنهم، بأن الأمر يتعلق بمسيرة خاصة بالأطفال. ميسون طفلة عمرها لا يتجاوز ثماني سنوات، قدمت من مدينة سلا، وشاركت في المسيرة وهي تحمل علما فلسطينيا ودمية صغيرة تغطي رأسها ضمادة عليها لون الدم. ميسون قالت بصوت متهدج ل«المساء» إن ما تراه يوميا في القنوات الإخبارية من تقتيل أطفال بغزة «أمر حقير»، قبل أن تضيف ببراءة: «لقد جئت إلى المسيرة حتى يتوقف ذبح الصغار». الأطفال رددوا بحماس عشرات الشعارات التي طالبوا من خلالها بوقف المجازر التي ترتكب في قطاع غزة مثل: «افتحوا المعابر أوقفوا المجازر»، كما كان للبرلمان المغربي نصيب من الشعارات الغاضبة بعد أن توقفت المسيرة أمامه لدقائق، ردد الأطفال خلالها شعار: «عليك لامان عليك لامان لا حكومة لا برلمان». وتم خلال المسيرة إحراق العلم الإسرائيلي والتسابق على دوسه بالأقدام، في الوقت الذي ارتفعت فيه لافتة تضم عشرات المنتجات الأمريكية، وعليها عبارة «أوقفوا التطبيع وقاطعوا المنتجات الأمريكية».