في أحد أيام اكتوبر من السنة الماضية غادرت الضحية المنزل، وفي الحديقة المجاورة كان الجاني يقضي ليلته ينتظر خروجها، وفور رؤيته لها تغادر باب المنزل وتسير نحو مقر عملها قصدها وأخذ يتوسل إليها راجيا منها إرجاع المال الذي صرفه عليها وإصلاح ذات البين لكنها صدته رافضة طلبه، وفي ساحة تعرف قلة الحركة بحي الإمارات أخرج سكينا كان تحت ملابسه وطعنها به على وجهها، حيث سقطت أرضا ثم هوى بالسكين من جديد على قفاها لمرات وواصل الاعتداء عليها بتوجيه طعنات إلى أنحاء مختلفة من جسمها وتركها وسط بركة من الدماء ورمى بالسكين غير بعيد وغادر المكان ليسلم نفسه للشرطة معترفا بجريمته. أشعرت عناصر الأمن بسطات بأن شابا قد أصاب فتاة في مقتبل العمر بعدة طعنات بواسطة سكين من الحجم الكبير في ساحة تقع بحي الإمارات وتركها مضرجة في دمائها وغادر المكان، لتنتقل على الفور فرقة من المصلحة الولائية للشرطة القضائية إلى مكان وقوع الحادث، حيث وجدت الضحية ممددة على الأرض وسط بركة من الدماء وحولها تجمهر سكان الحي، وبعد معاينتها تبين أنها تحمل جروحا غائرة في العنق والقفا وخذها الأيسر، وفي مكان غير بعيد تم العثور على السكين أداة الجريمة. وأشرفت عناصر الأمن على نقل الضحية على متن سيارة الإسعاف إلى المركز الاستشفائي الحسن الثاني بمدينة سطات لتلقي العلاجات الضرورية، حيث أودعت قسم العناية المركزة نظرا لخطورة إصابتها. وموازاة مع ذلك قدم الجاني نفسه إلى مصلحة الديمومة معترفا بأنه هو من اقترف الجريمة. وبعد أربعة أيام على حادث الاعتداء لفظت الضحية أنفساها الأخيرة بقسم الإنعاش بالمركز الاستشفائي الحسن الثاني متأثرة بجراحها. مسرح الجريمة بالمكان حيث وقعت أطوار الجريمة استمع المحققون إلى شاهد يسكن غير بعيد عن الساحة موقع الحادث، والذي عاين وقائع الجريمة وشاهد الجاني يدخل في نزاع مع الضحية ويحاول جرها بالقوة، فحاول الرجل التدخل لفض النزاع بين الطرفين لكن الجاني هدده بواسطة سكين فتراجع المعني بالأمر إلى الوراء خوفا من تعرضه لمكروه تاركا الضحية تواجه مصيرها، وبعد حين تلقت الضحية على إثر مقاومتها للجاني عدة طعنات بواسطة سكين من الحجم الكبير في أنحاء مختلفة من جسمها أسقطتها أرضا مضرجة في دمائها. قصة لقاء نشأ الجاني في مسقط رأسه بإقليم برشيد وسط عائلة فقيرة، درس إلى حدود السنة الثالثة إعدادي، ونظرا إلى حالة الفقر التي كانت تعيشها أسرته فإنه خرج مبكرا لمساعدة والده في الأعمال الفلاحية، ثم هاجر بعد أن اشتد عوده إلى مدينة الدارالبيضاء ليشتغل ميكانيكيا ثم لحاما، ثم عمل كمساعد سائق شاحنة كبيرة، ولما حصل على رخصة السياقة اشتغل سائقا لشاحنة، وتعرف في غضون السنتين الأخيرتين على الضحية وأصبحا يرتادان المقاهي والحدائق العمومية، وبعد أن توطدت العلاقة بينهما أعرب الجاني لوالدة الضحية عن رغبته في الزواج من ابنتها، فقبلت بهذا العرض وتم كتم الأمر عن والد الضحية لأنه لم يتقدم إليه بصفة رسمية. وقبل ثلاثة أشهر من الحادث خطبها من والدها الذي ربط موافقته باستشارة المعنية بالأمر ووالدتها، فالتقى بها بعد ذلك لكنها أخبرته بان والدها رفض فحاول إقناعه مجددا. بداية الخلاف واصل المعني بالأمر مساعيه للظفر بصديقته, وفي يوم 20 أكتوبر 2012 التقى بها للبحث عن سكن لإعداده لبيت الزوجية، فانتقلا إلى أحد الأحياء في المدينة, وأثناء البحث عن شقة أشعرته بأنها تعبت فاصطحبها على متن سيارة أجرة إلى منزل أهلها ثم عاد لمواصلة البحث عن السكن، ولما وجد شقة عاد لأخذ الضحية قصد معاينتها واتصل بها هاتفيا فأجابته بأنها نائمة، وظل ينتظرها قرب مقر سكناها وبعد حين ظهرت له عائدة إلى المنزل ولما استفسرها عن الأمر ظهر عليها الاضطراب، وفي حدود الساعة التاسعة ليلا التحق بها بمقر عملها بسوق تجاري ولبث يحدثها إلى أن تم إخراجه من طرف حراس الأمن الخاص وظل ينتظرها إلى أن خرجت، وفي لحظة غضب أمسك بشعرها وصفعها لتتدخل الشرطة وتأخذهما إلى مصلحة المداومة، وأطلق سراحه لأن الضحية لم ترغب في متابعته، وبعد ذلك أخذ يتصل بها ويطالبها بإرجاع ما صرفه عليها غير أنها كانت ترفض. تربص خمسة أيام قبل وقوع الجريمة بدأ المتهم يبيت بالحديقة القريبة من مقر سكن الضحية، وكان كلما رآها يستوقفها أملا في تسوية المشكل لكنها كانت مصرة على تعنتها ورفضها له وتقدمت بشكاية ضده، كما قدم، هو الآخر، شكاية ضدها، فاستمع إليه من طرف الشرطة في 24 أكتوبر 2012 وبعد انصرافه لحق بها مجددا إلا أنها رفضت التحدث معه، وهو الأمر الذي حز في نفسه، فقرر بعد ذلك نهج طريقة أخرى لإجبارها على البقاء معه، وذلك بالضغط عليها بتهديدها بالسلاح الأبيض، حيث اشترى سكينا كبير الحجم من أحد الباعة المتجولين بوسط المدينة، ثم عاد ليلا ليأخذ مكانا بالحديقة المجاورة لمنزل أهلها وقضى الليل متربصا بها عسى أن تخرج للإجهاز عليها. وفي صبيحة اليوم الموالي شاهدها تخرج قاصدة مقر عملها فأخذ يتوسل إليها راجيا منها إرجاع ماله إليه وإصلاح ذات البين، لكنها قابلته بالصد والرفض وواصل حتى الساحة بحي الامارات الذي يعرف قلة الحركة، وبمكان خال استل السكين من تحت ملابسه وهددها، وبعد شنآن بينهما صفعها بالسكين حيث سقطت أرضا، لكنه لم يكتف بذلك بل طعنها في قفاها لمرات وواصل الاعتداء عليها رغم صراخها بتسديد طعنات أخرى إلى ظهرها وأنحاء مختلفة من جسمها إلى أن سقطت وسط بركة من الدماء، فرمى بالسكين غير بعيد عن المكان وتوجه إلى مصلحة المداومة مشعرا عناصر الأمن بالواقعة، معترفا أنه قد أقدم على اقتراف فعله الإجرامي بعد قرار الضحية فض العلاقة بينهما رغم علمها بحبه لها مما جعله يقرر تصفيتها، مبرزا أنه من أجل ذلك كان يبيت الليالي بالحديقة المجاورة لمقر سكنها إلى أن أتيحت له الفرصة لما رآها تخرج من المنزل يوم الحادث. رفض الخطوبة لم يكن والد الضحية يعلم بعلاقة ابنته بالمتهم، وفي أوائل شهر أكتوبر 2012 حضر عنده صاحب سيارة أجرة وأبلغه بأن المتهم بعثه لأخذ رأيه في خطبة الضحية فرد عليه بأنه سيفكر في الأمر. وعلى عكس ما صرح به المتهم فإن والد الضحية نفى أن يكون سبق للمتهم أن دخل منزل عائلة الضحية، كما نفى أن يكون على علم بأنه أقرض ابنته في يوم من الأيام مبلغا من المال، مفيدا أنه صادف المتهم في الشارع العام وبعد استفساره عن عمله علم بأنه يعمل سائق شاحنة وله شقة كما أنه سيشتري بمعية والده شاحنة، ومن خلال كلامه تبين لوالد الضحية أن الشاب ليس صادقا, ولما عاد إلى المنزل فاتح زوجته وابنته في الموضوع واستقر الرأي على رفض طلب المتهم، وفي مرة أخرى التقى بالمتهم وأخبره بأن الرأي استقر على الرفض وعدم الموافقة، بعد ذلك أصبح الشاب يتعقب الضحية خلال ذهابها وعودتها من عملها، حتى إنه هاجمها، في أحد الأيام، داخل مقر عملها بالسوق الممتاز مما اضطر حراس الأمن إلى إخراجه من السوق، لكنه ظل يترصد لها بالخارج وجرها من شعرها ولما حضرت والدتها وتدخلت دفعها حتى سقطت أرضا، وقد اقتيد لحظتها الجميع إلى مخفر الشرطة، لكن تم الإفراج عن المتهم، وعاد ليرشق مرة أخرى منزل الضحية من الحديقة المجاورة للمنزل، ويوم الحادث كان الوالد يود إيصال ابنته إلى مقر عملها لكنها طلبت منه أن يستمر في النوم لأنها كانت ستستقل سيارة أجرة, غير أنه فوجئ بطارق يطرق بابه مشعرا إياه بان ابنته تعرضت لاعتداء. حكم بالمؤبد قضت غرفة الجنايات الأولى باستئنافية مدينة سطات بعد مناقشتها لملف القضية ظروفها وملابساتها في عدة جلسات بالحكم على المتهم بالسجن المؤبد، بعد متابعته بالقتل العمد وسبق الإصرار والترصد والعنف.