سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الساسي: نخب اليسار مسؤولة عن إفلاسه الأخلاقي والسياسي (4/4) قال إنه بعد موت الحسن الثاني كان بإمكان القوى الوطنية أن تطرح شعار تجديد التعاقد مع الملكية غير أن الفرصة ضاعت
- تتحدث عن إعادة البناء، غير أنك قلت إن مجموعة من المناضلين تم إبعادهم عن أحزاب اليسار التقليدية، فيما تم استقطاب «زبناء». والمعلوم أن اليسار كانت لديه دائما نخب مثقفة ومنظرون يحللون وينظرون للممارسة السياسية وأبدعوا مفاهيم سياسية اشتغل عليها الحقل السياسي بكامله وتبنى هذه المفاهيم، فهل اليسار اليوم ما يزال يتوفر على أناس قادرين على بلورة نظرية سياسية أو على الأقل قادرين على التحليل ووضع استراتيجية تمكن من إعادة بناء اليسار؟ عندما نتحدث عن البنيات اليسارية القائمة نجد أنه وقع نوع من التماهي المتبادل بين الأحزاب، لدرجة أن الأحزاب أصبحت تتوحد في الكثير من الخصائص المشتركة فيما بينها. فقادة اليسار، مثلا، كانوا قدوة أخلاقية، وكانوا منتجين للأفكار، وقادرين على إنتاج حلول كبرى، والمشاركة في النقاش العالمي حول التصورات وحول البدائل لتطوير العمل الإنساني. كما كانوا قادرين على فهم التحولات، والسيطرة المعرفية على بنية المجتمع المغربي، والقيام بدراسات عميقة لهذه البنية، وإخراج مجموعة من المفاهيم المؤثرة والمؤطرة للمجتمع المغربي. لكن بعد ذلك ضعف مثقفو اليسار، فما الذي أضعفهم إذن داخل أحزابهم أو خارجها؟ أضعفهم مسلسل الاستدماج أو الاستقطاب من طرف النظام. إذ بدعوى الانتقال من محكية القضية إلى محكية الخبرة، أصبحت الخبرة بريئة ومحايدة وتقنية. كما أنه بدعوى حياد الخبرة وتوظيفها لصالح السلطوية، لم يعد لهؤلاء، شيئا فشيئا، أي تأثير. لكن المرحلة السياسية الراهنة بالمنطقة ككل، تعيد الآن إرجاع المثقف إلى الميدان، وهناك عملية إدماج في جميع المجتمعات، لكن عندما يكون هناك إدماج لا يكون إدماجا بالكامل، إذ تظل هناك دائما فئات لم تدمج وغير منصاعة، «anticonformistes»، وعندما جاءت حركة 20 فبراير لوحظ بأن جزءا كبيرا من هؤلاء المثقفين الذين لم يدمجوا، جاؤوا إلى الحركة من أجل التظاهر وتبادل نوع من التضامن مع بعضهم البعض. ذلك أن حركة 20 فبراير أحيت فيهم الحماس للتدخل من جديد وتصحيح المسار. وعموما يجب أن تستلم المشعل نخب جديدة. هذه النخب يفرزها الحراك في الشارع. في وقت من الأوقات كان الحراك في البرلمان يفرز نخبا تحظى بالمصداقية من قبل الشعب وفي الشارع. لكن الشارع الآن صار يفرز نخبا، رغم أن صوتها لا يُسمع في المؤسسات، لكن سيكون لها دور تلعبه في المراحل المقبلة. الآن يجب أن نبحث عن الحركة أو عن الإطار أو الكيان الذي سيمكننا من أن نربط بين انبثاقها اليوم وبين الأدوار التي ستلعبها في المستقبل، أن نرسم لها المسار الذي سيسمح لها بأن تؤدي أدوارها كاملة، خاصة أن هناك نخبا توجد داخل أحزاب لديها مصداقية، ولكن ليس لديها لوجستيك، أو أحزابا لديها لوجستيك، ولكن ليست لديها مصداقية. فكيف يمكن أن نعيد الأحزاب التي لديها مصداقية ليكون لديها لوجستيك؟ - ألا يحتاج أمر النهوض باليسار إلى نخبة حقيقية ملتزمة ومتعففة؟ عادة الثورات تقوم بعد أن تكون ثورة فكرية تسبق ثورة الشارع، فتمهد لها وتحضر لها الإطار المرجعي والقاموس. لكن في العالم العربي لاحظنا أنه وقعت ثورات تستدعي المثقفين لكي يلتحقوا بها، أقول المثقفين الذين لم يدمجوا، حيث نزلوا إلى ميدان التحرير، وإلى حركة 20 فبراير. ولكن هذا ليس معناه أننا نعيش شذوذا، على اعتبار أن الثورة تقوم بناء على ثورة فكرية تقوم بها نوع من «الإنتلجنسيا» الثورية. لماذا؟ لأنه في السابق كانت هناك ثورات محلية، واليوم هناك تطور للفكر الديموقراطي، الذي أصبح مرجعا لثورات مختلفة. يعني أن هناك نوعا من عولمة الثورة الديموقراطية، فلم نعد محتاجين بالضرورة إلى تكثيف الجهود لبناء نظرية سابقة عن الثورة قبل حصولها. إذ يمكن القول إن ما تراكمه الإنسانية، اليوم، من اجتهادات يحرك الشعوب تلقائيا، حتى لو لم تكن هيأت ثورتها الفكرية. هناك اليوم ثورات نجحت في إسقاط رؤوس الأنظمة، ولكن حصل تعثر في الانتقال. هذا التعثر كان لأسباب مختلفة، من جملتها ما هو ثقافي، لأنه وقع تعثر في التنوير. لقد كان هناك مجهود فكري نهضوي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لكن هذا المجهود توقف وتعثر. الآن يجب علينا أن نستأنف ذلك المجهود في التنوير. والتنوير معناه أن يكون هناك نوع من الانسجام بين الحس الثوري النزّاع أو المتجه إلى الديمقراطية والحرية والعلم والمواطنة، وبين التعبير الانتخابي بعد سقوط الرموز السلطوية. وهذا معناه أن المثقفين ليست مهمتهم اليوم بناء نظرية ثورية تستهدي بها الشعوب من أجل الثورة، لأن الانتقال إلى الديمقراطية أصبح حاجة عالمية، وهناك ثورة ثقافية «فايسبوكية» تخترق كل الفضاءات المحلية. مهمة مثقفينا اليوم هي التنوير، وتحضير المواطنين للاختبار الاقتراعي من خلال تبيان فضائل مجتمع العلم والمواطنة والعمل والتقدم والعقل والحرية والمساواة ما بين المرأة والرجل والتعليم...، وأنا ألخص كل هذا في مجتمع النهضة، الذي يعطي قيمة للعمل وقيمة للإنسان، كما يعطي نظرة جديدة للهوية. هنا، أعتقد، سيكون للمثقفين دور. لكن لا يمكن للمثقفين أن يخدموا مجتمع النهضة بشكل تجزيئي، أي أن نكون مع الثورة الثقافية، التي تكون جزءا من التحديث الاجتماعي والاقتصادي، وأن نعتبر أن التحديث السياسي يمكن أن نخدمه عن طريق الأساليب المخزنية أو الأساليب السلطوية. وقد أكدت التجربة التونسية، الآن، أنه لا يمكننا أن نقوم بالتحديث بأساليب السلطوية، فالديمقراطية معناها أن نستهدف الحكامة، في بعديها التقني والسياسي. طبعا قضية الهوية حاضرة، وستكون معركة أساسية يعمل عليها المثقفون، هل الهوية هي الماضي فقط ؟ هل هويتنا هي فقط انتماؤنا الديني، الذي نحترمه ونعتز به؟ أم أن هويتنا هي كل هذا وأشياء أخرى؟ معنى الهوية ليس فقط ما كنا عليه، بل هي أيضا ما نريد أن نكونه. الهوية ليست هي كيف نختلف مع الآخرين فقط، بل كيف يمكن انطلاقا من خصائصنا الذاتية أن نساهم في إغناء التراث الإنساني، أي أن نساهم مع الآخرين، ودور المثقفين يكمن في بروز هذا الإنسان الجديد. أعتقد أننا الآن في طور سقوط جدارين مهمين: جدار الصمت وجدار الخوف لدى الإنسان في هذه المنطقة ككل. وهذا الإنسان الجديد يجب أن يُبنى انطلاقا من مجهود تنويري شامل يربط بين الأبعاد المختلفة للحرية وللديمقراطية وللتغيير. - ألا ترى أن حركة 20 فبراير شبيهة بكل محطات التاريخ المغربي التي بدأت ولم تكتمل، مثل استقلالنا الذي مازال يثير نقاشا، وبعده الحركة الوطنية والأحزاب التي انبثقت عنها. إذ لم تستطع أن تسير إلى أقصى حد في مطالبها، وكانت دائما تكتفي بأنصاف الحلول؟ ألا تبدو لك أن حركة 20 فبراير بدورها نصف حل في إطار الحراك العربي؟ متفق معك بشكل كلي حول تراكم وتوالي الفرص الضائعة، وأظن أنه حتى من انتقدوا التناوب، وأنا واحد منهم، لم ينتقدوه لأنهم ضد المشاركة في الحكومة- لأنني أعتبر أن أي حزب موجود ليشارك في الحكومة- بل أن تكون المشاركة موثقة بتعاقدات وبأسس تضمن أن تحقق هذه المشاركة الحد الأدنى من المطالب التي نعتبرها جوهرية في التغيير السياسي. أظن أنه في منتصف التسعينيات كان هناك حوار مع الملكية، وكان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج إيجابية، والدليل أنه في مرحلة معينة وقع ضغط، وكان يمكن استبعاد وجود إدريس البصري في الحكومة، كما كان يمكن للحسن الثاني أن يتخلى عن فكرة وزراء السيادة... كان من الممكن عدة أشياء، لكن تعطش النخب للمشاركة كأفراد- وهي ظاهرة «سوسيولوجية» تستحق طرح السؤال واعتبار تلك النخب في اليسار لم تعد تتحمل البقاء في المعارضة- أضاع علينا الفرصة. وبعد موت الحسن الثاني في 1999 كان بإمكان القوى الوطنية الديمقراطية أن تطرح شعار بناء ملكية جديدة وتجديد التعاقد مع الملكية عوض أن تطرح شعار الاستمرارية. غير أن الفرصة ضاعت. كان يمكن أن يقال إننا قمنا بمهمة تاريخية، إذ كنا موجودين كحركة وطنية ديمقراطية في مواقع الحكومة كي نسهل الانتقال السلس، علما أن قضية التواجد في الحكومة من أجل تسهيل الانتقال السلس مجرد تبرير لأن مرض الملك، في الحقيقة، لم يعرف إلا في زيارته لأمريكا، ولا نريد أن ندخل في التفاصيل. في 1999 كان بالإمكان التقدم بطلب تجديد التعاقد مع الملكية، وفي 2002 بعد الخروج عن المنهجية الديموقراطية كان من الممكن أن تطرح شروط جديدة للمشاركة إلى آخره. غير أن الأحزاب فوجئت بحراك كلي في المنطقة، ولم تكن لها إمكانية تشخيص المطالب لأنها كانت في الحكومة، التي كانت في موقف ضعيف. وقد ساعد وجود هذه الأحزاب في الحكومة في تضبيب الصورة وعدم فرز التقاطب بين معسكرين واضحين، فضاعت فرصة صياغة دستور الملكية البرلمانية الذي يمكنه أن ينقلنا للديمقراطية. أنا متفق معك أننا أضعنا الكثير من الفرص، لكن يجب التساؤل عن المسؤول عن ذلك، وكيف وصلنا إلى ضياع هذه الفرص. عندما جاءت حركة 20 فبراير وجدت في المغرب ملكية شبه مطلقة، وكان هناك تخوف من الانفجار بسبب التفاوتات، وكذا الآثار الوخيمة لاستمرار مشكل الصحراء وعدم القدرة على تفعيل فكرة الحكم الذاتي، رغم أنها إيجابية، وأيضا مقاطعة الناخبين للانتخابات بنسبة كبيرة، إضافة إلى أحزمة الفقر التي تنتج إسلاما راديكاليا. كما أن الفساد عم مختلف المرافق، والتعليم فشل، والمقربون من السلطة يمارسون أنشطة اقتصادية مخالفة لقواعد الشفافية ولتكافؤ الفرص، وفكرة حزب «البام» فيها تذكير بالعودة إلى الماضي. في هذا السياق ظهرت حركة 20 فبراير، لكن هذا لا يمنعنا من أن نقول إن المغرب كان يقوم بإصلاحات دون أن يكملها، ورغم ذلك نجح في التنفيس الدوري المستمر بعد أن كان الحسن الثاني بارعا في ابتداع أشكال تخفيف الاحتقانات دون إلغاء الأسباب الثقيلة في صنع الاحتقانات. كما أن التقاطب لم يكن واضحا بين معسكر التغيير ومعسكر المحافظة. القادة الجدد يعتمدون فكرا هجينا
- عرف المشهد السياسي في الآونة الأخيرة ظهور قادة سياسيين بمميزات خاصة، بدعوى أنهم وحدهم القادرون على مواجهة اكتساح العدالة والتنمية. وقد بدأنا نلاحظ امتداد الظاهرة إلى العديد من الأحزاب، التي كان قادتها يتميزون تاريخيا بالكاريزمية والتبصر والنظرة الاستراتيجية. فما الذي يحصل بالضبط في المشهد السياسي؟ كما قلت سابقا، كان هناك مثقفون يقودون الحياة السياسية، لكن بعد ذلك بدأ يظهر قادة براغماتيون مطلقون، أو غير منتمين إلى «الأنتلجنسيا». براغماتيون مطلقون لأنك لن تستطيع مسبقا أن تعرف المنحى الذي سيأخذونه في مواقفهم، إذ يمكنهم أن يغيروا مواقفهم بين عشية وضحاها. كما أنهم ينتقلون من مرجعية إلى أخرى بدون أدنى حرج، ويستعملون في صراعهم ضد خصومهم كل الوسائل، سواء كانت ذات طابع عرقي أو طابع لا ينسجم مع التواجد في نفس المؤسسة الحزبية الواحدة، وقد كانوا ينجحون في حشد الناس، بناء على أفكارهم، أما الآن فيحشدون الناس من خلال وسطاء وعلاقات شبيهة بتلك التي يبنيها الأعيان مع الناخبين في الدوائر الانتخابية، وهم يعتمدون خطابا سياسيا نرى فيه، من حيث مستواه وعمقه وقاموسه، تهجينا للفكر، وتقوية للسياسة بمعناها السياسوي. لكن هذا لا يمنع بأنه في جميع الأحزاب نشأ نوع من الوعي بضرورة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وهذا هو الجانب الإيجابي في العملية. لقد صار في جميع الأحزاب إحساس ووعي بضرورة تداول الأجيال، حيث لا يمكن أن تبقى نفس الوجوه. كما أصبح فيها وعي بضرورة مراقبة الشرعية، بمعنى أنه لا يكفي أن تكون هناك ثقة لكي نترك الناس الذين نثق فيهم يفعلون ما يشاؤون، إذ لابد أن نبتدع آليات من أجل أن نراقب هذه الشرعية. هذا بصورة عامة.
20 فبراير قدمت لغة غير مهادنة
- ما هي الإضافة التي جاءت بها حركة 20 فبراير إلى المشهد السياسي المغربي؟ لقد نجحت الحركة في تعبئة 500 ألف من المواطنين، لكنها لم تستطع أن تصل إلى الكتلة الحرجة التي يمكن أن تحولها إلى قوة حاسمة. رغم ذلك، ساهمت في تسييس فئة واسعة من الشباب. لكن، الآن، بعد أن فترت هذه الحركة أين سيشتغل هؤلاء الشباب؟ بعض الأحزاب استطاعت أن تمتص بعضهم، لكنها لم تمتص عددا كبيرا منهم. لقد قدمت حركة 20 فبراير ما يمكن أن نسميه دفتر مطالب، واستعملت لغة جديدة في الحقل السياسي، لغة بسيطة غير مهادنة أو مجاملة. لكن ما ساهم في إضعافها هو انسحاب العدل والإحسان وصعود بنكيران. لقد خشي النظام أن تصب مختلف الديناميات الاحتجاجية في حركة 20 فبراير، ولهذا عقد تسويات مختلفة مع فئات مختلفة. هذه التسويات لم يكن الغرض منها هو التغيير والاستجابة للمطالب، بل فقط إطفاء الحريق مثلا كما حدث مع المعطلين أصحاب محضر 20 يوليوز بعد أن أعطوهم التزامات لم يوفوا بها بمجرد ما فترت الاحتجاجات. فعندما ظهرت حركة 20 فبراير كان هناك نوعان من الدينامية: دينامية حركة 20 فبراير السياسية، التي كانت فيها طبقات متوسطة لها طابع سلمي وسياسي، ودينامية الاحتجاج الاجتماعي المهني أو القطاعي أو المحلي، مما جعل النظام يتحرك للحيلولة دون انصهار كل أشكال الاحتجاج في بوتقة واحدة وعزل الديناميات بعقد تسوية مع رجال التعليم العالي ثم النقابات والمعطلين، إضافة إلى اعتماد تسويات صريحة وأخرى ضمنية كأصحاب «الفرّاشة» الذين كانت معهم تسوية ضمنية حتى لا يلتحقوا بحركة 20 فبراير. وقد ساهم هذا في إضعاف حركة 20 فبراير، التي تبقى في الأخير فكرة تعني، من جهة، نمو الوعي والحاجة الديمقراطية، وتعني، من جهة ثانية، أن هناك نخبا وسط الشباب ستلعب دورا في الحياة السياسية، مما يعني أننا يجب أن نرى في هذه النخب المغرب السياسي المقبل. ورغم أن الحركة ضعفت فإن الاحتجاج الاجتماعي بالمدن، سواء المحلي أو القطاعي أو المهني أو الفئوي، تزايد. وهذا الاحتجاج أصبحت لديه قوة الاستمرارية دون أن يكون لديه غطاء سياسي. كما تزايد نوع الفئات التي تمارس الاحتجاج بالشارع، خاصة مع دخول قوى غير تقليدية لا تنزل عادة إلى الشارع كالقضاة وغيرهم، وتزايد كذلك النقاش واتقد بفعل الدينامية الجديدة في المجتمع كالصحف المستقلة، وهو النقاش الذي تسقط فيه الطابوهات كالحديث عن حفل الولاء والحديث عن التعايش بين المتدين وغير المتدين. وسواء بوجود حركة 20 فبراير أو بدون وجودها نحن بحاجة إلى استلهام الدروس والعبر والتراكم الذي حققته 20 فبراير، والتراكم الذي تحقق عبر التاريخ للحركة اليسارية والتقدمية المغربية من أجل بناء قوة يمكنها تأمين نوع من التوازن السياسي. إذ هناك حزب قوي في الحكومة، لكن الأحزاب التي تواجهه ضعيفة من حيث المصداقية. لذا لا يمكن أن تكون معارضا قويا دون مصداقية، فالتوازن مطلوب لتحقيق الانتقال الديمقراطي، الذي لازال مؤجلا ومعلقا لأننا لم نحسم بعد إشكالية السلطة في المغرب بالمعنى الذي يجب أن تحسم فيه، كما هو متعارف عليه لدى كل الشعوب والمجتمعات.