بالرباط.. أخنوش يترأس حفلا بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    العدوي تحذّر من استمرار وضع أنظمة التقاعد على حالها وتدعو إلى مواصلة إصلاحها قبل عجزها سنة 2028    3 آلاف شرطي يعتقلون رئيس كوريا الجنوبية المعزول    أشرف حكيمي يعلق لأول مرة على قضية إدارة والدته لأمواله    "الكاف" يضع المنتخب المغربي في القبعة الأولى الخاصة بقرعة كأس إفريقيا للمحليين    انتشار "بوحمرون" في 13 مؤسسة سجنية: تسجيل 79 إصابة و27 حالة شفاء    برئاسة مغربية.. انطلاق أشغال الدورة 24 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي    اختيار جامعة محمد السادس لقيادة قطب الاستدامة بمنتدى مستقبل المعادن بالرياض    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    نادي مولنبيك البلجيكي يتعاقد مع بنجديدة على سبيل الإعارة    العدوي تقدم عرضا أمام مجلسي البرلمان حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات    العثور على جثة ستيني داخل فندق بالحسيمة في ظروف غامضة    مديرية حموشي تفتتح مدرسة جديدة لتكوين حراس الأمن بمراكش    إضراب التنسيق النقابي يشل المنظومة الصحية..    فاروق لايف: التغيير بدأ قبل حملة التنمر وسأجعله مصدر إلهام للآخرين    "جبهة دعم فلسطين" تنظم يوما وطنيا للتنديد بالتطبيع ووقف الحرب    المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا تحقق أرقاما قياسية    "حافلات البرد" تنقذ المشردين من صقيع الشتاء عبر المدن الألمانية    دوري أبطال أفريقيا.. طاقم كيني لقيادة مواجهة الجيش الملكي وصن داونز    وفد من الجهاد الإسلامي يصل الدوحة    حالات الإصابة ب"بوحمرون" داخل السجون ترتفع والعدوى تطال الموظفين    اليوبي: الوضعية الوبائية "عادية" وفيروسات الموسم مألوفة لدى المغاربة    تسجيل 25 إصابة بداء بوحمرون في السجن المحلي طنجة    رسميا.. "الكاف" يعلن تأجيل بطولة "شان 2024"    أرسنال يفتقد خدمات مهاجمه البرازيلي خيسوس بسبب الاصابة    الاتحاد العام للصحفيين العرب يجدد دعمه للوحدة الترابية ولسيادة المغرب على كامل ترابه    للمرة الثانية.. تأجيل إعلان ترشيحات جوائز الأوسكار بسبب حرائق لوس أنجلس    مؤتمر إسلام آباد يدعم تعليم المرأة    استضافة الجزائر لتنظيم كردي في تندوف يدخلها في مواجهة مع تركيا وسوريا الجديدة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    تقرير يكشف أن 66 قضية أمام المحاكم تخص نساء ورجال التعليم خلال 2024    عاجل.. اندلاع حريق مهول في غابة جبل أغاندرو بجماعة عبد الغاية السواحل نواحي الحسيمة    العاهل الإسباني يؤكد على الطابع الخاص للعلاقات مع المغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الاتحاد العام للصحفيين العرب يؤكد مساندته للوحدة الترابية للمملكة ودعمه للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية    رفض نقابي لإلغاء صفقة ومطالب بالتحقيق في اختلالات بجامعة بني ملال    لا لتحجيم الحق في الإضراب!    لجنة الأوراق المالية الأمريكية ترفع دعوى ضد إيلون ماسك بسبب "تويتر"    طنجة: وفاة زوجين اختناقا بسبب تسرب غاز البوتان    تساؤلات تطال مدونة الأسرة بشأن رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    الناظور.. افتتاح الدورة الثانية لمهرجان "انيا" للثقافة الأمازيغية    زيارة لتعزيز قطاع الصناعة التقليدية بجهة سوس ماسة : خطوة نحو التنمية    الزنيتي ينضم إلى الوصل الإماراتي    التردد الحراري.. تقنية حديثة لعلاج أورام الغدة الدرقية تُعوض الاستئصال    عروض الشهب الاصطناعية تُضيء سماء أكادير احتفالاً برأس السنة الأمازيغية 2975 (الفيديو)    تفشي داء بوحمرون يحيي أجواء كورونا في محاكم طنجة    إسبانيا تفرض ضرائب قاسية على عقارات المغاربة    الدار البيضاء .. أمسية موسيقية احتفاء برأس السنة الأمازيغية الجديدة    المديرية العامة للضرائب تحدد سعر صرف المداخيل بالعملات الأجنبية برسم سنة 2024    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعلام حزب الله وحماس وصور غيفارا في مسيرة التضامن مع غزة
نشر في المساء يوم 05 - 01 - 2009

يسيرون.. يصرخون.. يبكون.. يغنون في انتظار شيء ما قد يأتي وقد لا يأتي، وكالة الأنباء الفرنسية تقول إنهم كانوا 35 ألفا.. الجزيرة تقول إنهم كانوا مليونين.. مسؤولو الأمن بالرباط يقولون إنهم 160 ألفا، العدل والإحسان تقول إنها أحضرت 100 ألف لوحدها، لكنهم في النهاية كانوا «فقط غاضبين».. إنها أجواء غضبة «المليون» مغربي.
الساعة السادسة صباحا.. خيوط الضوء الأولى تشق سماء العاصمة الإدارية.. وسط المدينة مليء برجال الأمن ورجال التدخل السريع والمطافئ.. إنهم بالمئات هذا الصباح.. محطة القطار مليئة بالشباب الذين قضوا ليلتهم على الكراسي البلاستيكية في انتظار موعد العاشرة صباحا، وفي الطرف الآخر من وسط المدينة بالقرب من باب الأحد كان المئات من أتباع الشيخ عبد السلام ياسين، أول الوافدين إلى مكان المسيرة: «سنصلي لغزة.. سنصرخ لحماس»، يقول عبد العالي الذي جاء من بني ملال استجابة للأوامر الصارمة التي أصدرها مجلس إرشاد الجماعة إلى كل أتباعه في ربوع المملكة ب«وقف كل شيء والنزول إلى الرباط».
إنهم هناك يتناولون بعض الوجبات السريعة رفقة أبنائهم وعوائلهم، في مشاهد قريبة لما كان يحدث أيام «حرب الشواطئ» الشهيرة.. كل شخص يعرف مكانه جيدا.. كل امرأة وكل طفل وكل عجوز تحمل شعارا أو صورة أو لافتة.. إنهم كالجنود يقفون في صفوف متراصة.. الرجال في الأمام.. النساء في الخلف تحرسهن سلاسل بشرية رجالية.. الأطفال في الأمام والخلف.. اللافتات فتحت.. الأعلام رفعت.. والبقية تأتي.
حالة من الذهول والمفاجأة أصابت رجال أمن العاصمة قبيل وأثناء وبعد انطلاق المسيرة، الجميع كان مشدوها أمام هذا التجمع المنظم «المخيف»، وبسرعة البرق ضاعت كل الخطط الأمنية التي أعدها رجال الداخلية ل«ضبط ومراقبة المسيرة»، حيث سيضطر رجال الأمن السريين والعلنيين إلى التوقف عن تفتيش المسافرين بمحطة الرباط المدينة بعد أن اقتنعوا بأنهم لن يستطيعوا تفتيش كل هذه الجحافل البشرية.
أصوات الغضب
العاشرة صباحا بتوقيت الرباط.. ألوان شارع محمد الخامس الرسمية تختفي.. تحت أعلام حزب الله وحماس وتشي غيفارا، ومن على سطح عمارة السعادة لا يظهر غير لون واحد «الأسود» منسجما مع أصوات الغضب التي خرجت في ساعات الصباح الأولى من أفواه الأطفال والنساء والرجال والعجة: «غزة غزة رمز العزة»، «يا شهيد رتاح رتاح سنواصل الكفاح»، «الانتقام الانتقام يا كتائب القسام».. «سحقا سحقا بالأقدام للصهيون وميريكان».. إنها أصوات الغضب.
رجال الأمن يتفرجون ولا أحد يعرف ماذا يقولون على التولكي وولكي، لكن لن تتجاوز التقارير صورة المشهد العام: العدل والإحسان هي نصف المسيرة بنسائها ورجالها وأطفالها، والتقرير الحقيقي يجب أن يقول إن جماعة الشيخ ياسين أحضرت ما يقارب مائة ألف شخص، حسب مصادر من الجماعة، التقرير الحقيقي ينبغي أن يذكر أنه كان هناك عشرات الأطفال يلبسون أزياء كتائب القسام ويضعون أقنعة سوداء ويحملون رشاشات ومدافع بلاستيكية، كما أن التقرير ينبغي أن يقول «إنهم غاضبون».. «إنهم يحملون أعلام حزب الله».. «إنهم يحملون لافتات كتب عليها زيرو الحكومة المغربية»، «إنهم يرفعون صور حسن نصر الله وتشي غيفارا».. «وكلما وصلوا أمام البرلمان تزداد أصواتهم حدة»، هذا هو التقرير.
«أنا اسمي حمزة جيت مع بابا.. أنا غضبان لما يحدث في غزة»، إنه تصريح طفل يبلغ من العمر خمس سنوات، جاء رفقة والديه ليصرخ أيضا. إنه هناك بين أرجل المتظاهرين الكثيفة، يردد شعارات يحفظها وأخرى يحاول نطقها. يحس بتدافع قوي أمامه ووراءه، ويتمسك جيدا بجلباب والدته. احمرت وجنتاه الطفوليتان. يتعثر ويسقط أرضا ثم يقوم دون أن يبكي ويستمر في الصراخ بكلمات طفولية وبشعار كبير «زيرو الأنزمة العربية».. هكذا كان يردد حمزة، ويردد الآخرون الذين قاربوا المليون في حدود منتصف اليوم.
لكن الشعار الذي ميز مسيرة يوم أمس كان بدون منازع حذاء منتظر الزايدي، حيث شوهد المئات من الشباب والنساء والرجال يرفعون مئات الأحذية إلى الأعلى، مرفوقة بشعار «إسرائيل تحت الصباط».. إنه صباح الأحذية التي احترف المغاربة في صنعها ومنحوها أشكالا وأحجاما مختلفة، فمنهم من وضعه على وجه أولمرت، ومنهم من جعله في شكل سهم وفي شكل قنبلة وفي شكل صاروخ، وكان أكثر الإبداعات إثارة في صنع حذاء الزايدي هو ذلك الحذاء الضخم الذي حمله أكثر من ستة شبان وطافوا به كل المسيرة.
تصفيق للشهداء
الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا، ترتفع الأصوات لتكسر صمت الأحد الرباطي، وسيتطور الأمر حين سيقوم كل المتظاهرين بالتصفيق في نفس الوقت في لحظة غير متوقعة وغير مبرمجة سلفا.. الجميع يصفق والشعارات توقفت لا صوت غير صوت الأيادي حين تلتقي ببعضها.. الجميع يصفق في مشهد رهيب: توقف الجميع عن المسير.. توقفت الشعارات.. توقفت الموسيقى.. و»صفق الجميع للشهداء».
تمر الدقائق، وتختلط الأصوات وترتعش الأجساد، قبل أن يتوقف جزء من المسيرة أمام طفل صغير في ربيعه السابع صعد إلى سطح أحد الأكشاك ووضع على وجهه قناعا على شكل قرد كتب عليه «حسني مبارك» ثم انتزع حذاءه ووضع مكانه قوائم حيوان مفترس وكتب عليها «قوائم حسني مبارك»، بعد ذلك فتح حقيبته الصغيرة وأخرج منها دبدوبا جميلا من الصوف لونه بألوان العلم الأمريكي، قبل أن يقرر الصراخ في وجه كل الحشود «أنا غاضب.. أنا غاضب.. أنا غاضب».
«إنها أكبر مسيرات جماعة العدل والإحسان»، التصريح للطيفة قاصد، أمينة القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان بالرباط، وأضافت: «إنها مسيرة قطرية حيث كانت هناك أوامر صارمة لإلغاء جميع لقاءات الجماعة والنزول إلى مسيرة الرباط»، وبالفعل فقد نفذ أتباع الشيخ الأوامر بكل انضباط، وخلقوا الحدث بطريقة احتجاجهم المنظمة والصارمة، كما فاجؤوا الجميع بعددهم الكبير الذي اكتسح نصف المسيرة.
الرفاق أيضا حضروا بكثرة في مسيرة الأحد، وأثاروا إعجاب المواطنين بطرق احتجاجهم وبصورهم وبقيثاراتهم. ومن سطح عمارة السعادة يظهر ثقب أحمر فاقع وسط المسيرة، كل اليساريين هنا بكل أطيافهم، حملوا معهم صور الانتفاضات وأعلام المطرقة والمنجل السوفياتية، وصور الثائر الكوبي تشي غيفارا، وخريطة أمريكا اللاتينية، ولوحة الشهيد أبو علي مصطفى، وقصائد محمود درويش وأغاني مارسيل خليفة، كل ذلك مرفوق بنفس الغضب الذي تقاسمه صبيحة الأحد ما يقارب مليون مغربي.
السماء أيضا ستغضب يوم الأحد وستقذف بعض المطر في حدود منتصف النهار.. هل سيختبئ هؤلاء؟ هل سيهربون من المطر؟ هل سيخافون من المرض حين يختلط ماء السماء بعرق الأجساد؟ هل يتوقف كل شيء الآن؟ هل سيقفل رجال الأمن دفاترهم وهواتفهم ليرتاحوا من كل هذا الغضب؟ «للأسف» كانت تلك أسئلة بوليسية بدون معنى.. لم يتحرك أحد من مكانه.. لم يفكر أحد في المظلات.. لم يخف أحد من المرض.. وها هم يستمرون في سيرهم إلى المنتهى.
المثير في مسيرة الأحد هو أن الجميع استطاع أن يترك لباسه السياسي في البيت ليلبسوا جميعا عباية الغضب الشعبي المزينة بالكوفية الفلسطينية.. لم يوقعوا أسماء منظماتهم وأحزابهم وجماعاتهم على اللافتات، لأن الوقت لا يسمح بالتعارف وإبراز العضلات «إنه يوم الغضب»، كما قالت إحدى مناضلات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لكنهم في المقابل حملوا معهم غضبهم وحزنهم إلى الشارع، وبقايا صور زعماء وأسماء وشهداء.. «لقد توحدوا في النهاية».
يسيرون.. يصرخون.. يبكون.. يغنون وكلهم غضب. يسيرون.. يصرخون.. يبكون.. يغنون في انتظار شيء ما قد يأتي وقد لا يأتي، وكالة الأنباء الفرنسية تقول إنهم كانوا 35 ألفا.. الجزيرة تقول إنهم كانوا مليونين.. مسؤولي الأمن بالرباط يقولون إنهم 160 ألفا، العدل والإحسان تقول إنها أحضرت 100 ألف، لكنهم في النهاية كانوا «فقط غاضبين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.