تعيش شغيلة «كريسطال ستراس بمدينة سطات احتقانا كبيرا بعد قرار إغلاق إدارة الشركة الإيطالية المختصة في صناعة الثريا والبلور أبوابها في وجه العاملين بها بصفة مؤقتة، بعدما توقفت عن الإنتاج في انتظار قرار المحكمة التجارية بالدارالبيضاء التي أحيل عليها الملف للاختصاص. وبدأت أزمة شركة كريسطال تطفو على السطح، وفق مصدر نقابي، بعد اندلاع النزاع وتوالي خلافات إدارة الشركة مع الزبناء الكبار والموردين المنتشرين عبر العالم، والذين لجؤوا إلى مساطر الحجز التحفظي لضمان حقوقهم، وبعد تسرب أنباء عن لجوء هؤلاء المتعاملين مع الشركة إلى إجراءات الحجز التحفظي لدى المحكمة التجارية بالدارالبيضاء، وتسرب أنباء أخرى عن وقوع تلاعبات في أرقام ومعاملات الشركة وصلت إلى حد تهريب الأموال وتحويلها إلى حسابات بنكية خارج التراب الوطني والذي نتج عنه ارتفاع مديونية الشركة، حينذاك، يضيف المصدر النقابي، بدأ القلق يساور العمال، الذين يصل عددهم إلى 449 عاملا، حول مصير الشركة التي سارعت إدارتها إلى عقد سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي المكتب النقابي (ك د ش) بحضور مسؤولين عن وزارة التشغيل تم خلالها الإعلان عن نية الشركة وضع ملف التسوية القضائية لدى المحكمة التجارية بالدارالبيضاء أواخر يناير 2013 مع وقف الإنتاج بالمعمل وجدولة أداء أجور العمال، حيث التزمت الشركة، وفق المصدر ذات، بأداء شهر يناير ونصف الأجر بالنسبة لشهري فبراير ومارس في انتظار صدور قرار المحكمة التجارية حول التسوية القضائية، والتي بدأت أطوارها في 25 فبراير الماضي ودخول الملف للمداولة في مرحلة ثانية، وأضاف المصدر النقابي أن المكتب المحلي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل قد أودع شكايات لدى الوكيل العام للملك لدى استئنافية الدارالبيضاء ووكيل الملك لدى ابتدائية سطات ووالي جهة الشاوية ورديغة، وكذلك لدى مجموعة من الإدارات المعنية بما فيها الجمارك والضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حول خروقات إدارة الشركة، مضيفا أنه تم إعداد ملفات لكل العمال قصد تسليمها إلى محامي النقابة بالدارالبيضاء من أجل تحريك مسطرة الحجز التحفظي. ويرى أعضاء المكتب النقابي أن أسباب أزمة شركة كريسطال ستراس داخلية تتعلق بسوء التسيير والتدبير وليست لها علاقة بالمنافسة والأزمة الاقتصادية العالمية. من جهته، أوضح الرئيس المدير العام للشركة، فرانسيسكو فولوتولينا، أن ما وصلت إليه الشركة في الآونة الأخيرة مخيب للآمال بعدما كانت أول وحدة صناعية يتم إنشاؤها بالمنطقة الصناعية بسطات، ومضرب المثل في تطبيق التدبير العصري للمقاولة الاجتماعية (توفير التقاعد، التغطية الصحية، نقل المستخدمين، انتخاب مناديب العمال)، لكن المنافسة الشرسة من طرف شركات من مصر وتركيا والصين، وكذلك تأثير الأزمة العالمية وتداعيات الربيع العربي كانت لها نتائج سلبية على الشركة وأدائها، وأصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه العمال بالنظر إلى كتلة الأجور والتعويضات، ما استوجب إعادة النظر في الاستراتيجية المتبعة من خلال خفض عدد العمال وتأهيلهم وكذلك تنويع أنشطة الشركة بخلق وحدات صناعية أخرى تابعة للشركة الأم من أجل تنمية مداخيلها، وهي تدابير لم تلق التشجيع والاستجابة من طرف الإطار النقابي الذي شرع في خوض سلسلة من الإضرابات مطالبا بالزيادة في الأجور والتعويضات، وهو ما زاد وضعية الشركة تأزما رغم أنها بادرت ببعث رسائل فردية لكل العمال تشعرهم بالخطر وبضرورة الانخراط في إنقاذ الشركة ومساندتها في تجاوز الأزمة، لكن، يضيف فولوتولينا، كل الجهود المبذولة من طرف الشركة كانت دون جدوى، حيث عرف ملف الشركة منحى آخر بعد انتقاله إلى ردهات المحكمة التجارية بالدارالبيضاء في إطار التسوية القضائية على أمل إيجاد مخرج للأزمة وإعادة انطلاق الشركة من جديد. وأشار فولتولينا أيضا إلى أن بعض الزبناء من كندا على الخصوص دخلوا على الخط بمطالبتهم بتعويضات خيالية، واشتكى فولوتولينا من غياب دعم الدولة للشركة خاصة وأن دفتر التحملات كان ينص على تمتيعها بعدة امتيازات.