عن دار «العين» بالقاهرة (2013) صدر للقاص المغربي أنيس الرافعي كتاب قصصي، تحت عنوان «أريج البستان في تصاريف العميان» . يقع المؤلف الجديد، الذي يعتبر عودة مظفرة للحكاية التقليدية و«مفاجأة» لكل من يدرج صاحبه ضمن تيار «التجريب»، في 116 صفحة من القطع الصغير، وتوشي غلافه لوحة تشكيلية تنتمي للتصوير الشعبي من توقيع الفنان «عبد اللطيف حباشي. تم تجنيس الكتاب ب «دليل حكائي متخيل»، وقد اعتمد في سداه ومعماره على بنية تراثية، إذ يضم خطبة ومقصدا وخاتمة ومسردا للشخصيات، حسب ترتيب ركوبها على مطية البراق، ينظمها «دليل للتطواف»، يتوزع على سبعة أبواب هي كالتالي : (باب القطط، باب الأكتع، باب الحال، باب السماق، باب الذباب، باب الوشم، وباب الآخرة). وعلى أعتاب كل باب نلفي «جدولا سحريا أو حجابا أو حرزا أو رقية لا يعلم سرها إلا واضعها». أما في باطن الأبواب المرفوعة إلى سماوات هي (الرفيعة والماعون والمزينة والزاهرة والمنيرة والخالصة والعجيبة)، فنعثر على حكايات معنونة ب«مينوش، سح الرمل، الإزار الأبيض، الرجل الذي صدم الموت بسيارته، ألبوم الحمى، تلبيس الكف، وميت العصر». فعلى ظهر «براق معاصر» يمكن للقارئ أن يسبح في مياه ملتبسة بين السرد والتصوير، وأن يخرج من ظلمة التاريخ إلى بصيرة الفنطازيا، ويتنزه على رسله بين أرجاء الحاضرة المراكشية، مشاركا صلادي وبورخيس وميخي وماجوريل والصاروخ وهتشكوك ودكتور الحشرات وأورويل والملك جالوق وغويتسولو وعيشة ريال وتشرشل ودولاكروا والحاج عمارة وكانيتي وآخرين حيواتهم المختلقة داخل فضاءات واقعية أو غرائبية هي «ربيبة المتاهة» وسليلة «الساحر المغربي»، إلى أن يصل إلى «ساحة جامع الفنا»، ليكتشف بأنه لم يكن سوى ذلك الرجل الغريب وسط رواد الحلقة، الذي لن يعرف أبدا أن العازف كان أعمى، وأن «الهجهوج» كان بلا أوتار، وأن الفرقة لم تكن موجودة أصلا!. «أريج البستان في تصاريف العميان» كدح سردي مختلف بنكهة مغربية حريفة، وهو الثامن ضمن مدونة القاص الكتابية بعد أضاميم (فضائح فوق كل الشبهات، أشياء تمر دون أن تحدث فعلا، السيد ريباخا، البرشمان، ثقل الفراشة فوق سطح الجرس، اعتقال الغابة في زجاجة، والشركة المغربية لنقل الأموات).