يستعد المسرح الوطني الجزائري لإخراج رواية «أصابع لوليتا» للكاتب الجزائري الكبير واسيني الأعرج، التي سيناقشها ورواياته الأخرى في جلسة حوارية أثناء مشاركته بمهرجان طيران الإمارات للآداب من 5 إلى 9 مارس المقبل بدبي. وصرح الروائي الجزائري أنه يجري حالياً الإعداد المسرحي لرواية «البيت الأندلسي» لصالح مسرح قسنطينةالجزائري، فيما تنتظر رواية «كتاب الأمير» التنفيذ والإنتاج المشترك بين فرنسا ومؤسسة الدولة الجزائرية بعد أن انتهى إنجاز السيناريو الخاص بها. كما ستُنتج «سيدة المقام» للسينما ورواية «القبر المفتوح» للتلفزيون. وحول «أصابع لوليتا»، قال واسيني الأعرج إنها «من رواياتي الأكثر حظاً، فقد تلقت اهتماماً نقديا وإعلامياً وأكاديمياً كبيراً. لم أخطئ عندما توقعت أن قسوة موضوع «أصابع لوليتا» سيقود نحوها قراء كثيرين من الفئات البسيطة لأن عالم الموضة يهم الكثيرين، ولكنني فوجئت بتوجه النقد المتخصص أيضاً نحوها وهو قليل في ثقافتنا العربية». ويرى الكاتب الجزائري الكبير أن رواياته كان لها حظ أكبر مع المسرح بسبب انهيار السينما الجزائرية في السنوات الأخيرة، خاصة بعد إفلاس المؤسسة الوطنية للإنتاج السينمائي، حيث لم يتبق سوى عدد محدود من الإنتاج العربي والعديد من الشراكات الإنتاجية مع الفرنسيين، مما صعب كثيراً تحويل النصوص الأدبية إلى شاشات السينما أو التليفزيون. ورحب الكاتب الجزائري بمشاركته في مهرجان طيران الإمارات للآداب، الذي يعطي امتداداً للكاتب العربي خارج وطنه ودائرته الضيقة، «فالعالم اليوم أصبح قرية صغيرة ونحتاج أن نمسه ونشمه ونقترب منه ونحس به، لأن العزلة تعني الموت النهائي والاندثار، وفكرة البلد الواحد في الأدب أصبحت لا تعني شيئاً. قراءاتنا المختلفة للأدب العالمي تجعلنا نسافر عبر العالم من خلال النصوص الأدبية لدرجة اكتشاف عوالم لولا الأدب ما كنا اكتشفناها». وقال الروائي الجزائري إن «مثل هذه اللقاءات تقلل من المسافات الوهمية التي تفصل القارات. المشاركة في هذا المهرجان تجعل كل هذه الآداب تلتقي في مساحات الإنسانية، وهو ما يقويها ويدفعها إلى الإمام. الأدب إذا خسر إنسانيته خسر جزءًا كبيراً من مبررات وجوده الأساسية». كما أكد على ضرورة ألا تظل رؤى الكتاب المغاربة محصورة على الفترة الاستعمارية التي مُنعت فيها الكتابة بالعربية في الجزائر خاصة، حيث أصبحت اللغة العربية الآن حقيقة واقعة يكتب بها جيل كامل.فجيل المهاجرين الأوائل، حسب قول واسيني الأعرج ، تعلم العربية في الدول العربية أمثال رضا حوحو، الذي أقام بالسعودية وكتب رواية «غادة أم القرى»، والكاتبين اللذين أقاما في تونس -الطاهر وطار وروايته «اللاز» وعبد الحميد بن هدوقة وروايته «ريح الجنوب». ويضيف الروائي الجزائري أن «اللغة العربية بالنسبة لجيلي الذي يعرف أكثر من لغة، هي تعبير عن هوية وليس عن عداوة للغات الأخرى. معي جيل بكامله يكتب ويبدع بهذه اللغة، منهم مرزاق بقطاش وخلاص الجيلالي والحبيب السائح وأحلام مستغانمي، بغض النظر عن الفوارق الموجودة بين كل هؤلاء في الخيارات الكتابية». كما يثني الروائي الجزائري على جيل اليوم من الكتاب الشباب أمثال فضيلة الفاروق التي تكتب بأسلوب مميز وتحتل المرأة المساحة الأكثر اتساعا في رواياتها، ومحمد قاسمي الذي أعطى للغة العربية في الرواية الجزائرية دفعاً قوياً، وعمارة الخوص الذي يشكل تجربة خاصة، إذ يكتب بالعربية والإيطالية. ويؤكد الكاتب الجزائري على أن المشكلة لا تكمن اليوم في كتابة الأجيال الشابة بالدول المغاربية للغة العربية، بل تتلخص في صعوبات التوزيع والترويج للكتاب، التي أصبحت تحد من انتشار الكثير من التجارب الأدبية، ليس في الجزائر فحسب، بل في المنطقة العربية بأكملها. ولا يحبذ الروائي الجزائري المتميز إسداء النصائح الكتابية للأجيال الشابة، بل يرى أن الكاتب المميز «يولد كبيراً أو يكبر سريعاً، ولكن من حيث المبدأ ومن قبيل الضرورة، على الإنسان أن يتقن لغته ليس فقط بالمعنى النحوي، ولكن أن يمنحها من عنده قسطاً من النور والحرية، وألا يقتلها بحدها في زاوية الضيق والتقليد والموت المنظم». الكاتب، في رأيه، يحتاج إلى ثقة كبيرة واجتهاد مميز، وعليه «أن يبقى في حالة إنصات لما يدور حوله من أحداث اجتماعية وسياسية وروائية، وأن ينخرط في ذلك كله من منطلقاته الفنية، أي أن هناك عالماً كلما توغل فيه، شعر بصغره وأن ما يقوله هو قطرة فقط في بعدها الإنساني.على الكاتب أن يكون خيّراً وإنسانيا لأن الكتابة عندما تفقد إنسانيتها تموت وتصبح مجرد كلمات ولغة هاربة».