ماذا يحدث في الطبقة السياسية المغربية. كنا نعلم أنها «تعاني» بكل ما لهذه الكلمة من معنى. لكن الوضع الآن تجاوز كل الحدود. في مقال سابق، شجبتُ التصريحات التي أدلى بها مولاي إسماعيل العلوي ضد أعضاء حزب الأصالة والمعاصرة، حزب فؤاد الهمة. اليوم، «المجاملات» المتبادلة ما بين حميد شباط، عمدة مدينة فاس، ومحمد بنجلون الأندلسي، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النقابة الاستقلالية.. كلمات عامية تغيب عنها الحشمة. فلتحكموا بأنفسكم. شباط يتحدث عن بنجلون: «أنا إن كنت سأتحالف مع أحد ما فسيكون مع أسد وليس مع ضبع مثل الأندلسي، إنه رجل مجنون وغبي وضعيف الشخصية، ويعيش في الأوهام وغير مستقر نفسيا». جواب الأندلسي: «شباط يتعاطى للشعوذة، بما أنه يعلم لما يصلح مخ الضبع... إنه كذاب كبير». وبخصوص العلاقة بين شباط وزومي، النائبة البرلمانية والنقابية المقربة من «عمدة فاس»، فإن الأندلسي لم يتردد في أن يصرح في شأنها بما يلي: «إن الأمر يتجاوز العشق، ما عليه سوى أن يتزوجها رغم أن زوجها انتحر لأنه لم يستطع تحمل العيش معها». هذا الأمر يصعب فهمه. مسؤولان كبيران في حزب لعب دورا حاسما في تاريخ بلادنا يتعاركان بابتذال مثل «السلاقط». الحزب الذي «يحكمه»، اليوم، عباس الفاسي، ليست له أي علاقة بالحزب الذي أسسه علال الفاسي، بوشتى الجامعي، عمر بنعبد الجليل، اليزيدي، فيلالي... اليوم، العباسيون والشباطيون والأندلسيون حولوا هذا الحزب إلى شيء يشبه المافيا. أحاديثهم، وتصريحاتهم، وتصرفاتهم يحسدهم عليها المافيوزيون الحقيقيون. ومما لا شك فيه أنه لو عاد الآباء المؤسسون لهذا الحزب إلى الحياة، فسيستنكرون ما أصبح عليه الحزب وسيلعنون قادته. الشباطيون والأندلسيون قرروا أن ينشروا غسيلهم الوسخ على الملأ. يجب أن يُشكروا على ذلك لأنهم مكنوا الجيل الجديد من اكتشاف الوجه الحقيقي للجزء الأكبر من قياديي «طبقتنا السياسية الغالية». وهكذا فقد ظهر للكل الرداءة الموجودة داخل بعض الأحزاب. هذه التصريحات، التي ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، توحي بأن الرداءة منتشرة كثيرا. شباط والأندلسي كانا لا يفترقان، ثم، قرر الصديقان التخلص من الأسد المسن الجريح أفيلال. بعد خلع هذا الأخير، جرت تحالفات جديدة. ,وأصدقاء الأمس يخوضان اليوم حربا دون رحمة ضد بعضهما البعض للاستيلاء على المنصب الذي أصبح شاغرا للكتابة العامة للاتحاد العام للشغالين. في هذه الملاكمة لا يتم التراجع أمام أي شيء: الضرب تحت الحزام، كشف اللثام عن الماضي، التطرق إلى الحياة الشخصية، مع عدم ادخار أي كلمات مبتذلة. وأثناء ذلك، فإن عباس الفاسي يلتزم الصمت ويترك شركاء الأمس يتعاركون أمام الملء. هل هو عاجز عن فعل شيء أم إنه لا يريد أن يقوم أحد بالبحث في أشيائه؟ الكل لديه المشاكل التي يجرها وراءه. الكل لديه اسراره التي يخفيها. ما يثير الدهشة أكثر هو صمت مجلس الرئاسة الذي يتولى مهامه الديوريون، أبو بكر قادري، غلاب، بوستة. إنهم حراس المعبد والضامنون المفترضون لأخلاقيات الحزب. إنه صمت مثقل بالمعاني. وأخيرا هناك صمت المخزن الذي تروق له هذه الوضعية، والسعيد برؤية الاستقلال يمزق نفسه ويتم ابتلاعه من طرف «صحاب الشكارة». لابد أن مؤسسي حزب الاستقلال يقرؤون الفاتحة على الحزب في قبورهم. أما بالنسبة إلى الناخبين فقد قالوا رأيهم.