قال مصدر دبلوماسيّ فرنسي رفيع المستوى إن تحسين علاقة بلاده مع الجزائر لن يكون على حساب علاقتها بالمغرب، الذي وصفه بالحليف الإستراتيجي في المنطقة. وأكد شارل فريز، السفير الفرنسي في المغرب، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية خلال ندوة نظمتها المدرسة العليا للتدبير «HEM» في الدارالبيضاء، أنّ لدى بلاده علاقة صعبة ومعقدة مع الجزائر بسبب الثقل التاريخي بين البلدين، بخلاف المغرب، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى زيارة الجزائر قبل المغرب. وانتقد السفير الفرنسي إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، قائلا إنه لا يعرف حدودا ما زالت مغلقة بين دولتين جارين في العالم، باستثناء كوريا الشمالية والجنوبية والحدود المغربية الجزائرية.. موضحا أن بلاده تحترم خيارات شعوب منطقة شمال إفريقيا وأنها حريصة على الدفاع عن الحريات الأساسية، التي تتمثل في حرية التعبير وحرية المرأة، وأنها لن تسمح لأيّ نظام كان باستعمال القوة ضد مواطنيه، في إشارة إلى الموقف الفرنسي من النظام السوري. وقال السفير الفرنسي إنّ المغرب وفرنسا يُصرّان على إبقاء العلاقات بينهما على الدرجة نفسها رغم وجود الإسلاميين في الحكم في المغرب واليسار في فرنسا، مضيفا أنّ هذا الحرص ظهر من خلال تمسّك الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند على أن يكون أول المستقبلين للملك محمد السادس في قصر «الإليزي». واعتبر السفير الفرنسي أنّ «فرنسا تمثل المحامي الأول للمغرب لدى الاتحاد الأوربي»، وأنها تدافع عن الموقف المغربي المتعلق بملف الصحراء في الأممالمتحدة، وأنّ موقف فرنسا داعم لمخطط الحكم الذاتي، الذي طرحه المغرب في 2007، والذي قال عنه إنه «يشكل قاعدة جدية وذات مصداقية لإيجاد حل متفاوَض عليه في إطار الأممالمتحدة». وأشار السفير الفرنسي إلى أن «المغرب يعتبر الحليف الإستراتيجي لفرنسا في المنطقة، وهو ما يتضح من خلال أزمة مالي والأزمة السورية وكذلك من خلال التعاون الثنائي بين البلدين لمحاربة الهجرة السرية والإرهاب»، مضيفا أن «فرنسا تعدّ الشريك الاقتصاديَّ الأول للمغرب، على اعتبار أنها أول مستورد من المملكة وأول مصدر لها من خلال 750 شركة فرنسية تعمل في المغرب، تساهم في خلق 120 ألف فرصة شغل للشباب المغاربة». وذكر السفير الفرنسي أن بلاده مستمرة في دعم مسلسل الإصلاحات التي عرفها المغرب ومكنته من أن يصبح نموذجا يُحتذى به في المنطقة، موضحا أن فرنسا ستعرض تجربتها الأمنية والتنظيمية على المغرب خلال تنظيمه كأس إفريقيا لسنة 2015. وقال السفير الفرنسي إن لدى بلاده والمغرب مصالح مشتركة للدفاع عنها في المنطقة، خاصة في ملف مالي، وكذا الدفاع عن سيادتها والوقوف أمام التطرف والإرهاب، معبّرا في الوقت ذاته عن شكره المغربَ على قراره بفتح الحدود أمام الطائرات الفرنسية خلال العملية العسكرية التي نفذتها قوات بلاده ضد المتطرفين في شمال مالي. ودعا السفير الفرنسي المسؤولين المغاربة والفرنسيين إلى الاستثمار وإقامة مشاريع اقتصادية في دول إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال التكامل الحاصل بين الطرفين، على اعتبار أن فرنسا يمكنها توفير التكنلوجيا والتقنيات، فيما يستطيع المغرب توفير اليد العاملة المؤهلة.