-وظف عبد الإله بنكيران، أول أمس الاثنين، خلال الجلسة الشهرية في مجلس النواب، مجموعة من الإحصائيات للدفاع عن عدم وجود زيادات في الأسعار، حيث اعتمد أساسا على الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك الخاص بسنة 2012، والذي استقرّ في حدود 1.3 في المائة ليؤكد أن الأسعار لم تشهد زيادات قوية.. ما مدى صدقية هذه الإحصائيات؟ -أولا، لا بد من الإشارة إلى أن تدخل عبد الإله بنكيران في مجلس النواب يجب أن يخضع لقراءة سياسية أكثر منها اقتصادية.. فمن واجب رئيس الحكومة أن يُطمئن المواطنين وأن يدافع عن حكومته، ولو عن طريق «اللعب» بالإحصائيات، وبالتالي فتركيزه على الرقم الاستدلاليّ للأثمان عند الاستهلاك هو متعمَّد، خاصة أن طريقة احتساب هذا الرقم معقدة وتقنية وتعطي في الأخير نتائج يمكن أن تختلف عن الواقع المعاش.. وإذا عدنا إلى قفة المواد والخدمات المعتمَدة في احتساب هذا الرقم نجد أن خدمات الاتصالات شهدت خلال سنة 2012 انخفاضا قويا بلغ حوالي «ناقص 19» في المائة، وهذا هو الذي أثر على معدل تغيّر الرقم الاستدلالي العام وساهم في انخفاضه، رغم أن جل المواد الأخرى شهدت ارتفاعات ملموسة، خاصة منها المواد الفلاحية، وعلى رأسها الخضر، التي قفزت أسعارها بأكثر من 9%، وبالتالي يمكن القول إن رئيس الحكومة نهج أسلوب اللعب بالإحصائيات للتغطية على الزيادات في الأسعار، والتي يمكن التأكد منها مباشرة في الأسواق. - لكنّ هذه الإحصائيات صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، وتنشرها بشكل دوريّ؟ - بطبيعة الحال، وكما قلت سابقا فإنه يمكن اللعب بالإحصائيات، فالمنطق الإحصائيّ يمكن تشبيهه بوضع رأس شخص في الفرن ورجليه في الثلاجة، والنتيجة تكون أنّ درجة حرارة هذا الرجل تبقى معتدلة، وسبب هذا هو التأثير المتوازن للحرارة والبرودة.. وبالتالي، فالشيء نفسه قام به بنكيران للتغطية على الزيادات في الأسعار، حيث استغلّ الرقم الاستدلاليَّ للأثمان عند الاستهلاك، الذي يخضع للمقايسة بين جميع مكونات القفة المعتمَدة في احتسابه، للوصول إلى معدل مقبول، لا يعكس في الواقع حقيقة الأمور. - هل يعني هذا أنّ الحكومة تحاول أن تغطيّ على فشلها في ضبط الأسعار؟ -يجب تأكيد أنّ مسألة الأسعار غير مرتبطة بحكوماة بنكيران لوحدها.. فالحكومات السابقة عانت من أجل ضبط الأسعار. فالسوق المغربي يتميز بارتفاع قويّ لنشاط الوسطاء والسماسرة، وهذا يؤدي إلى تعدد الحلقات التي تنتقل عبرها السلع والمواد الاستهلاكية ويساهم، في الأخير، في ارتفاع أسعارها.. وإضافة إلى ذلك، فإنّ بعض القطاعات تعرف وجود ما يسمى التوافقات والاحتكار، خاصة قطاع البنوك والاتصالات، حيث إنه رغم أنّ هذين القطاعين محرّران، فإنّ البنوك تتوافق على معدلات الفائدة. *أستاذ الاقتصاد والتدبير