فجر المجلس الجهوي للحسابات بالرباط فضيحة من العيار الثقيل، حينما كشف في تقريره السنوي الأخير أن العديد من المشاريع المدرجة في إطار برنامج التأهيل الحضري بجهة الغرب الشراردة بني احسن، خاصة بمدينة القنيطرة، لحقتها خسائر بمليارات السنتيمات من المال العام، رغم حداثة إنجازها، وهو ما يستدعي فتح تحقيق قضائي عاجل في الموضوع، وتحريك مسطرة المتابعة في حق جميع المتورطين. وأثار المجلس مجموعة من الخروقات والتجاوزات الفظيعة، التي طالت مراحل إنجاز تلك المشاريع، إلى درجة أن عددا كبيرا منها تعرض للتلف والتدهور قبل التسلم النهائي لها، بسبب مخالفة قواعد الشفافية والمنافسة الحرة، وإنجاز دراسات عديمة الجدوى، والغش في الأشغال، وغياب الصيانة الدورية للمنشآت المنجزة، وعدم احترم المعايير المعمول بها. وقادت تحريات القضاة إلى الكشف عن وجود تباين خطير بين ما هو منجز على أرض الواقع وما هو منصوص عليه في دفتر الشروط الخاصة بإنجاز العديد من المشاريع، وعدم تطابق المواد والسلع المستعملة مع المواصفات والجودة المشار إليها في العقود المبرمة بين الأطراف المعنية، وهي الملاحظات التي تم تبليغها إلى كل من والي الجهة ورئيس مجلس الجهة، دون أن يتلقى القضاة أي إجابة منهما. وأوضح قضاة مجلس الحسابات أن أجزاء مهمة من الأشغال المنجزة في إطار هذا البرنامج، بلغت قيمتها 76,75 مليون درهم، تم تدميرها جراء تدخلات الأجهزة المكلفة بإنجاز شبكات الماء والكهرباء والهاتف، والتي حددها التقرير في شركة التهيئة العمران والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والوكالة المستقلة للماء والكهرباء والتطهير بالقنيطرة. كما رصد تقرير المفتشين عدم إنجاز 20 مشروعا على الأقل كانت مدرجة في البرنامج الرباعي للتأهيل الحضري، بقيمة 143 مليون درهم، أي ما يعادل 17 بالمائة من الغلاف المالي المخصص للبرنامج، حيث تم التخلي عن مجموعة من المشاريع المهيكلة، التي تمت برمجتها على وجه الخصوص في مدينة القنيطرة، بسبب غياب دراسات الجدوى من الناحية التقنية والمالية، وعدم كفاية الموارد المالية المخصصة لإنجازها. كما حدد التقرير العديد من المشاريع التي لم تعرف النور، منها مشروع بناء المركز الثقافي، والمجازر البلدية ومعهد الموسيقى.