يندرج «الكادميوم»، الذي يشار إليه بالرمز العلمي «Cd»، تحت فئة المعادن أو المواد التي لها تأثير سام، إذ تؤكد جميع الأبحاث والدراسات أن هذا المعدن شديد السّمّية على الكائنات الحية جميعها، وليس له أي دور حيويّ. وتوضح الدراسات أن تعرّض الإنسان لجرعات بسيطة للغاية من هذا المعدن ولفترات طويلة من شأنه أن يُحدث -مع مرور الوقت- تسمما مُزمنا. ويعتبر «الكادميوم» من المعادن ذات السمّية العالية، ويرتبط ببعض القضايا التي لها علاقة بالإصابة بالتسمم، وخصوصا من خلال الغذاء. ويمكن لكميات قليلة منه أن تؤثر على الأوعية الدموية في الكليتين، ويُعتقد أن لهذا المعدن دورا في الإصابة بالسرطان العام في حيوانات التجارب، كما له ارتباطا وبائيا مع بعض أنواع السرطانات عند الإنسان. ويؤثر استنشاق هذا العنصر بمقادير كبيرة على الرئة ويسبب ضررا كبيرا قد يؤدي إلى الموت، كما يؤدي وجوده بكميات كبيرة في الأكل والشرب إلى التقيؤ والإسهال الشّديدَين. ووجدت الدراسات أنه لدى تغذية بعض حيوانات التجارب بجرعات تحتوي على «الكادميوم»، فإنه يسبب ارتفاعا ملحوظا في ضغط الدم وفقرا في عنصر الحديد في الدم وكذا الإصابة بأمراض الكبد وتلف في الأعصاب والمخّ.. لوحظ أن صغار هذه الحيوانات التي تعرّضت لهذا العنصر في فترة الحمل قد ظهرت عليها عوارضُ التصرف غير الطبيعي، كما كان لها تأثير على وزنها عند الولادة وكذلك على جهازها الهضميّ. وأوضحت دراسات أخرى، أجريت على حيوانات تجارب أيضا، أن لهذا المعدن ارتباطا بإنقاص القدرة على إنتاج الحيوانات المنوية عند الذكور، كما وجد له ارتباط امتصاصيّ عال في الجسم إذا كان الغذاء فقيرا من الكالسيوم أو البروتين أو الحديد، أو إذا احتوى الغذاء على نسبة عالية من الدهون. كما تؤدي زيادة تركيز الكادميوم في جسم الإنسان إلى أضرار كثيرة، منها الإصابة بالفشل الكلويّ، إذ يخزن الجسم الغالبية العظمى من «الكادميوم» في الكليتين وفي الكبد والأعضاء التناسلية أيضا.. وغالبا ما تحدث أمراض الكلى عندما تكون كميات «الكادميوم» في الكلى بتركيزات تصل إلى 200 جزء في المليون. ويتخلص الجسم من الكادميوم عادة ببطء، ويرتبط هذا التخلص بنوعية الغذاء..
ملابس ب 80 درهما مقابل السرطان والحساسية
يرتديها الكثيرون، عمال بناء وفلاحون وحرفيّون وحراس سيارات وعمال جمع الأزبال والصيادون، وحتى أصحاب الدراجات.. لأنها تقيهم من البلل والأمطار. لا يتعدى ثمنها 80 درهما وتعرَض بأشكال متعددة وبألوان كثيرة، منها الأخضر والبرتقالي والأزرق والأسود.. ومن المفروض أن تخضع هذه الأنواع من الملابس لتحاليل مخبرية تحدّد درجة تركز المعادن الثقيلة، التي تعرف بسُمّيتها الشديدة في حال تجاوزت المقادير المسموح بها في جسم الإنسان، وهناك 23 نوعا من المعادن الثقيلة في المجموع، منها معادن محددة في المعايير المغربية ولا يجب أن تتجاوز نسبة تركيزها سقفا محددا، وهي الزرنيخ (As) والكادميوم (Cd) والكروم (Cr) والزئبق (Hg) والرصاص (Bp) والأنتيمون (Sb). وحسب المعيار المطبق في ما يخص الملابس المقاومة للبلل، وهو المشار إليه بEN ISO11855»، فإنّ المعدل المسموح به لا يجب أن يتعدى 0.2 جزء من المليون بالنسبة إلى للزرنيخ (معيار غير مطبق في المغرب) و0.1 جزء من المليون بالنسبة إلى الرصاص، ثم 0.1 جزء من المليون بالنسبة إلى الكادميوم.. • نتائج التحاليل التي أجرتها «المساء» كشفت وجود تركيز شديد في مادة الكادميوم السامة، يصل إلى 0.275 جزء من المليون، ما يعني قرابة 3 أضعاف النسبة المسموح بها حسب المعيار المعتمد. • النتيجة النهائية: العينة المستوردة ليست مطابقة للمعايير على مستوى تركيز الكادميوم.
تحريك المتابعة.. من يضمن حقّ المستهلكين
ينص الفصل ال221 من مدوّنة الجمارك على أن الشركاء والمتواطئين في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية تطبق عليهم، وفق شروط الحق العام، العقوبات نفسُها المطبقة على المرتكبين الرئيسيين للجنحة أو للمخالفة الجمركية (..) كما تطبق هذه العقوبات والتدابير الاحتياطية على الأشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين لهم مصلحة في الغش. وفي غير الحالات المنصوص عليها في القانون الجنائي يعتبر المتواطئون في ارتكاب الجنحة أو المخالفة الجمركية الأشخاص الذين قاموا، على علم، بالتحريض مباشرة على ارتكاب الغش أو سهلوا ارتكابه بأي وسيلة من الوسائل؛ أو اشتروا أو حازوا، ولو خارج الدائرة، بضائع ارتكب الغش بشأنها، أو ستروا تصرفات مرتكبي الغش أو حاولوا جعلهم في مأمن من العقاب. كما يعتبر شخصا ذاتيا أو معنويا له مصلحة في الغش، الذين قاموا، على علم، بتمويل عملية الغش؛ مالكو البضائع المرتكب الغش بشأنها.
لكنّ الممارسة أثبتت أن العقوبات المتخذة في حق المتورطين في مثل هذه الأفعال لا تتجاوز أداء الغرامات المحددة حسب مدونة الجمارك، علما أنه يكون لهذه الأفعال تأثير مباشر على الصحة العامة. وحسب المهتمين، فرغم أن إدارة الجمارك تقدم ملفات متكاملة إلى القضاء بشأن شركات ومستوردين ومعشرين متورطين في قضايا غش وتزوير وتدليس، فإن النيابة العامة لا تحرّك هذه الملفات، لتضيع معها حقوق المستهلكين، وهم الحلقة الأضعف في كل هذه السلسلة، وتكون فرصة لإعادة تكرار هذه الممارسات المخالفة للقانون.
محمد الزهراوي : حس المواطنة لدى المستوردين عنصر أساسي لضمان سلامة المنتجات
- كيف تفسر وجود منتجات غير مطابقة للمواصفات المعيارية والصحية في الأسواق الوطنية، علما أنها مواد مستورَدة من طرف مستوردين قانونيين؟.. هل يتعلق الأمر بتقصير أم بتواطؤ بعض الجهات من أجل إغراق الأسواق بهذه المنتجات (ملابس، أحذية، أواني منزلية، مواد تجميل)؟ يمكن إرجاع وجود سلع مُستورَدة في الأسواق المحلية غير مطابقة لمعايير السلامة والصحة إلى مجموعة من الأسباب، نلخصها أهمها أن المراقبة الصحية والمعيارية غير الممنهجة وغير الآلية لجميع الواردات، إذ إنّ المصالح المكلفة بهذا النوع من الرقابة، والتابعة لوزارتي الصناعة والتجارة والفلاحة، لا تُخضِع كل الواردات للرقابة، بل تتم هذه الرّقابةبشكل دوريّ وانتقائيّ لبعض السلع دون أخرى، حسب أهميتها وحساسيتها وخطورتها على المستهلك الوطني.. لهذا قد يستغل بعض المستوردين فترة الإعفاء من المختبر، والتي قد تمتد إلى أشهر، لاستيراد بعض المنتجات غير المطابقة تماما لمعايير السلامة المعمول بها دوليا ووطنيا، حيث يقتصر دور هذه المصالح على مراقبة سلعة ما عن طريق الفحص الوثائقيّ والعيني للسلع دون اللجوء إلى المختبر. أما السبب الثاني فيهمّ تقديم تصريحات جمركية مغلوطة عند الاستيراد، فلا يتم التصريح ببعض المنتجات الخاضعة للمراقبة المعيارية والصحية.. وما قد يسهل العملية هو أن نظام الفحص الجمركيّ عند الاستيراد لا يُخضِع جميع السلع للفحص العيني في أطار القبول بالمطابقة (L'admis pour conforme) الذي يهمّ أكثر من نصف السلع المُستورَدة. وهناك سبب آخر يتمثل في وجود سلع مُهرَّبة لا تمر بالضرورة عبر المكاتب الجمركية، كبعض السلع الواردة عبر الثغور المحتلة، كسبتة ومليلية، والحدود الشرقية والصحراء، رغم المجهودات الكبيرة والحثيثة التي ما انفكت إدارة الجمارك تقوم بها لضبط التهريب.. ومن شأن العمليات المنظمة والمنتظمة التي تقوم بها هذه الإدارة أن تضع حدا للتهريب أو تقلّل من آثاره وانعكاساته على صحة وسلامة المستهلك المحلي. - رغم الترسانة القانونية ووجود مواصفات قياسية ومعيارية وطنية، فقد ثتب أن العديد من هذه المنتجات تشكل خطرا على صحة المستهلك.. في رأيك، هل هناك ضرورة لإعادة النظر في المعايير المُعتمَدة وتشديد المواصفات القياسية التي تسمح بدخول بعض المنتجات التي تشهد إقبالا كبيرا؟ إن الرهان الحقيقي لدى سلطات المراقبة هو كيف تضمن في الوقت نفسه مراقبة حقيقية ونوعية للسلع الخاضعة للرقابة والمُحدَّدة على سبيل الحصر في لوائح معلومة ومدى مطابقتها وملاءمتها للقوانين ومعايير الصحة والسلامة المعمول بها دون المساس بالمصالح الاقتصادية للمستوردين كفاعلين اقتصاديين، وعدم ضرب القوة الشرائية للمستهلكين على حد سواء، ذلك أن المراقبة المخبرية ترفع من تكلفة البضائع المستوردة، فالمبالغة في المراقبة تقتل المراقبة، كما يقال.. تنتج عن المراقبة المخبرية للسلع، بالضرورة، زيادة مصاريف إضافية تتعلق بتكلفة التخزين في الموانئ ومطارات الشحن قبل التعشير النهائيّ للسلع، والذي قد تطول مدته أو تقصر حسب نوعية السلعة (من 3 أيام إلى أسبوعين).. ويؤدي هذه التكاليفَ (التخزين والمختبر) المستوردُ، وهي في الأخير تنعكس بالضرورة على الأثمنة النهائية للسلع. إن الدارس المهتم بمجموع المعايير الوطنية المعمول بها في ميدان مراقبة الواردات سيلاحظ أن تلك القوانين لا تختلف عما هو معمول به دوليا، مع الأخذ بعين الاعتبار، طبعا، الخصوصيات الوطنية، ونسرد هنا على سبيل المثال حالة السخانات الغازية المستورَدة من شرق أسيا، التي تسببت في الكثير من الحوادث المميتة، إذ لجأت السلطات الرقابية إلى إخضاع هذه الآلات للمراقبة المخبرية بشكل آليّ وكلي، مما قلل من هذه الحوادث، بدليل أننا لم نعد نقرأ في الصحف حالات مشابهة، كما كان قبل سنوات قليلة. وتعتبر تجربة المغرب فتية في هذا المجال، وبالتالي نجد أنّ اللوائح التي تتضمن المنتجات التي يجب أن تخضع للمعيارية وقوانين السلامة الصحية تُحيَّن كلما دعت الضرورة والمستجدات إلى ذلك. كما يجب تأكيد أنه مهْما تعددت وتنوعت واكتملت وسائل المراقبة ومَهْما وصلت حدتها وصرامتها وجديتها، فان وجود حس المواطنة لدى المستوردين هو الكفيل والضامن لوجود سلع ذات جودة عالية مطابقة لمعايير الصحة والسلامة. - تنص القوانين المعمول بها على تغريم المستوردين المخالفين وحجز السلع المخالفة للضوابط فقط.. ألا تعتقد أنّ الأمر يفترض إضافة العقوبة الحبسية كلما تعلق الأمر بتزوير وتحايل يهدد صحة وسلامة المواطن؟ لقد، أحاط المشرّع القوانين والتنظيمات المتعلقة بالسلامة الصحية والمعيارية بترسانة من الإجراءات القانونية الردعية، وهنا يجب التمييز بين مستويين، الأول، إذا تم ضبط السلع غير المطابقة أو المغشوشة في الحدود الجمركية عند الاستيراد فإن هذه المصالح تصدر الأمر بإتلاف هذه السلع أو إرجاعها إلى مصدرها على نفقة المستورد، الذي قد يكون على غير علم بعدم مطابقتها معاييرَ الصحة والسلامة. والثاني إذا تم ضبط هذه السلع معروضة للاستهلاك، فانه إضافة إلى مصادرتها من أجل إتلافها فإن مصالح قمع الغش أو مراقبة المعايير أو المصالح البيطرية تقوم بحجوزات وإنجاز محاضر وعرضها على النيابة العامة، التي تملك صلاحية المتابعة القضائية. وأخيرا، فانه يجدر التنبيه إلى أن مراقبة السلع المعروضة للاستهلاك معياريا وصحيا يجب ألا يقتصر على السلع المستوردة، بل يجب أن يمتدّ إلى السلع المصنوعة محليا وبالدرجة والحدة والصرامة نفسها لضمان حماية أكمل للمستهلك الوطني. معشر واستشاري في التجارة الدولية