«يجب أن نعمل لكي تنفتح هذه المعارض أكثر على العموم لكي توصل الرسالة»، هكذا قال الكاتب العام لوزارة الثقافة في ختاام زيارة افتتاح قام بها رفقة مسؤولين آخرين من الوزارة لمعرض «قنطرة» بمتحف البطحاء بفاس مساء يوم الجمعة الماضي. المعرض، الذي ضم تحفا أثرية تؤرخ لحوار وتواصل ثقافي وحضاري بين شعوب ضفتي المتوسط في هذا المتحف بالمدينة العتيقة بفاس، يرتقب أن يستمر إلى حدود 31 مارس المقبل، وفيه ستسلم فاس مشعل مشروع «قنطرة» لمدن مغربية أخرى كالرباط ومراكش وطنجة. ومشروع «قنطرة»، الذي يحمل شعار «التراث المتوسطي، تقاطع الشرق والغرب»، هو مشروع مشترك بين الاتحاد الأوربي ومعهد العالم العربي بفرنسا ومديريات الآثار والتراث في كل من المغرب والجزائر ولبنان وتونس وإسبانيا ومصر وسوريا. ويرمي هذا المشروع، الذي افتتح معارضه الأثرية بالتوازي في كل هذه البلدان وأطلق موقعه الإلكتروني على الأنترنيت وأصدر كتابا في حوالي 240 صفحة، إلى تجاوز النظرة التي تكرس «التعارضات التقليدية» ما بين العالمين الإسلامي والمسيحي وتجاوز الاختلافات بين الشرق والغرب. ويقول مهندسو هذا المشروع إنه يهدف إلى التأكيد على أن التاريخ السياسي والإمبراطوريات الرومانية البيزنطية والتوسع الإسلامي والحروب الصليبية والاستعادة الإسبانية والإمبراطويرية العثمانية لم تحد من حوار «الأشكال وانتقال الأدوات وانتشار الأفكار والمعارف». وتوضح التحف المعروضة حركية في المنطقة. فتحفة يمكنها أن تكون قد ظهرت في أوربا، لكنها وجدت في مصر أو سوريا. وأخرى يمكنها أن تبدع في المغرب، لكنها وجدت في إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا. وطبقا لأحمد الطاهري، عالم آثار ومنسق المشروع في المغرب، فإن تاريخ التوقيع على المشروع يعود إلى سنة 2004، لكن العمل عن إخراجه إلى حيز الوجود استغرق ما يقرب من 3 سنوات. ويقول الطاهري، في الشروحات التي قدمها إلى الوفد الرسمي الذي حضر أشغال الافتتاح، إن الحرب في هذه المنطقة ساهمت بدورها في اللقاء والتواصل بين شعوب المنطقة. ويتضمن الموقع الإلكتروني لمشروع «قنطرة» حديثا كثيرا حول مواضيع وقطاعات يرى مهندسو المشروع من باحثي الآثار والفن في المنطقة المتوسطية أنها تجسد التواصل التاريخي بين شعوب ضفتي المتوسط. وتم اللجوء إلى أشرطة فيديو، في الموقع الإلكتروني ذاته، لإبراز هذا المنحى. كما أن الموقع يتضمن، حسب الطاهري، حوالي 4000 صورة لتحف وآثار تبرز عمق هذا التواصل الحضاري في المنطقة. ويرجح الطاهري اعتماد «قنطرة أخرى» بعد استكمال تنظيم «القنطرة الأولى»، ومن خلالها سيلجأ مهندسو هذه القناطر إلى استحضار «تواصل» الموروثات الثقافية والروحية، كالطبخ واللباس والفنون الشعبية، للمنطقة المتوسطية.