أعلن الحزب الشعبي الحاكم في مليلية المحتلة، أول أمس، أنه يعتزم التقدم بمقترح قانون في الغرفة الثانية للبرلمان الإسباني يقضي برفع قيمة التعويضات الممنوحة من قبل الحكومة للمغاربة المنحدرين من منطقة الريف الذين شاركوا في الحرب الأهلية الإسبانية، وذلك تماشيا مع قانون الذاكرة التاريخية الذي صادقت عليه غرفتا البرلمان في العام الماضي، لطي صفحة الحرب الأهلية ورد الاعتبار إلى الضحايا. وصف الناطق الرسمي المحلي باسم الحزب، دانييل كونيسا، مبادرة حزبه بأنها بمثابة «دعم سياسي» للحكومة المحلية، وقال إن المغاربة الذين قاتلوا في تلك الحرب يعانون من «حالة اللاعدالة التاريخية التي ينبغي وضع حد لها».. وقال الحزب، عبر نائبين منه في البرلمان الإسباني، إنه سيقترح على الحكومة الاشتراكية مراجعة وتحيين الحقوق الاجتماعية للمقاتلين الأمازيغ في الحرب الأهلية الإسبانية بما يتوافق مع قانون الذاكرة المشتركة. وصرح خوان خوصي إمبرودا، النائب عن الحزب الشعبي ورئيس الحكومة المحلية بمليلية المحتلة، أول أمس بأن حزبه سيطالب الحكومة بالرفع من التعويضات الممنوحة للمغاربة الذين قاتلوا إلى جانب الجنرال فرانكو في الحرب الأهلية بين 1936 و1939، وقال إن هؤلاء الأشخاص «تعرضوا للتهميش المنهجي من قبل مختلف الحكومات الإسبانية المتعاقبة، ويجب الاعتراف لهم بنفس الحقوق التي منحت للمقاتلين الآخرين»، في إشارة إلى المقاتلين الإسبان. وفي تعليقه على تلك المبادرة، قال عبد السلام بوطيب، رئيس «مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل»، إنه يثمن تلك الخطوة التي تدخل ضمن ما سماه «إصلاح خطأ تاريخي»، لكنه أضاف في تصريحات ل«المساء» أن مسألة التعويضات ليست هي الأساس بالنسبة إلى المركز الذي يشتغل على مختلف أبعاد هذا الملف الشائك، وأن المطلوب هو «إيجاد مقاربة شمولية للملف في جوانبه الحقوقية والسياسية». من جانب آخر، توصل مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل برسالة جوابية من رئيس الوزراء الإسباني خوصي لويس زباثيرو، ردا على الرسالة التي كان المركز قد وجهها إلى مختلف الأطراف في إسبانيا، وقال زباثيرو في الرسالة التي تلقت «المساء» نسخة منها: «مما لا شك فيه أن معرفة التاريخ تشكل دعامة أساسية لكل مستقبل زاهر وواعد، مما يجعلنا نثمن عاليا ما يقوم به مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، ولقد سجلنا بعثكم لرسالة إلى السيد القاضي غارسون بالثازار، وثق بى أنه انطلاقا من الاحترام الشديد لفصل السلط في إسبانيا وبناء على استقلالية السلطة القضائية، فإن الحكومة ستتابع الموضوع بكل ما يستحقه من اهتمام». وقرر المركز تنظيم أول ندوة دولية في هذا الموضوع، ستحتضنها مدينة تطوان أيام 26، 27 و28 فبراير و1 مارس المقبل، سيشارك فيها باحثون وخبراء من المغرب وإسبانيا. وقال بوطيب في هذا الخصوص إن اختيار مدينة تطوان لعقد هذه الندوة الدولية «وقع نتيجة لرمزية المدينة التي كان من ضمن المدن الشمالية المغربية التي انطلقت منها الحرب الأهلية الإسبانية»، وأضاف أن المركز بدأ في تلقي أولى الردود من المؤرخين والباحثين الإسبانيين بشأن المقاربة التي اعتمدها في التعاطي مع ملف مشاركة المغاربة في الحرب الأهلية، «الأمر الذي سيجعل الندوة مختبرا لدمج مختلف هذه المقاربات وفتح نقاش علمي بين المعنيين بالموضوع».