يجتمع خبراء ومؤرخون من المغرب وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وبريطانيا الأسبوع القادم بمدينة تطوان حول طاولة واحدة للبحث في تاريخ مشاركة مجندين مغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية، وتبادل وجهات النظر بخصوص العديد من القضايا التي بقيت غامضة في هذا الملف الذي عمر نحو سبعين عاما، وذلك في أول ملتقى من نوعه يحتضنه المغرب، بدعوة من مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، الذي يضم باحثين ومثقفين مغاربة. وأوضح مصدر من المركز في تصريحات ل»المساء» أنه من المقرر حضور القاضي الإسباني بالثازار غارثون، الذي أثار جدلا في إسبانيا في أكتوبر الماضي بفتحه أول تحقيق قضائي حول مفقودي الحرب الأهلية الإسبانية في عهد الجنرال فرانكو، متخطيا بذلك «ميثاق النسيان» وقانون العفو الصادر عام 1977 باسم المصالحة الوطنية، حتى لا يحدث شرخ جديد في البلاد بين اليمين واليسار. وقال المصدر إن الاتصالات بين المركز ومكتب القاضي الإسباني مستمرة من أجل ضمان مشاركته في هذا الملتقى الدولي، وإن الرد النهائي لغارثون بشأن الحضور من عدمه سيكون يوم الأربعاء المقبل. كما أنه من المقرر أن تحضر لورا غارسيا لوركا، شقيقة الشاعر الإسباني الشهير فيديريكو غارسيا لوركا، الذي قتل في الحرب الأهلية بغرناطة عام 1936، وذلك باسم الجمعية التي تحمل اسمه. كما سيحضر بعض مسؤولي الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في إسبانيا، بينما نقلت مصادر من المركز أن مسؤولي الحزب الشعبي المعارض رفضوا المشاركة، بسبب موقف اليمين التقليدي من إثارة مرحلة فرانكو. وفي اتصال برئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، عبد السلام بوطيب، قال ل»المساء» إن مهمة الملتقى هي تسليط الضوء على مرحلة منسية من تاريخ العلاقات المغربية-الإسبانية التي ظلت حبيسة الأدراج، وأكد بوطيب أن عددا من المؤرخين الإسبان سيشاركون فيه، بين بينهم خوان باندو الذي «سيكشف خبايا في ملف مشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية سوف تغير الكثير من الآراء الموجودة لدى الإسبان حاليا في الموضوع». وقال محمد العربي المساري، وزير الاتصال السابق وعضو لجنة الخبراء بالمركز، في تصريحات ل»المساء» إن الملتقى سيكون مهما جدا لكونه سيسلط الأضواء على مرحلة الحرب الأهلية الإسبانية، مضيفا أن المشاركين سيعمقون البحث حول العديد من النقاط التي ظلت غامضة طيلة سبعين عاما من تاريخ الحرب. ومن بين القضايا التي سيناقشها الملتقى، والتي هي محل خلاف بين المؤرخين والباحثين، عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم في الحرب من منطقة الريف وترحيلهم إلى إسبانيا، وهو ما يعرف ب»طابور للايمة»، حيث يقدر البعض عددهم بحوالي 10 آلاف، بينما يقول الإسبان إن الرقم مبالغ فيه وكذلك عدد المغاربة الذين شاركوا في تلك الحرب، والذي تقدره بعض الدراسات الإسبانية بحوالي 160 ألف مغربي.