كان محمد الرايس شاهدا على ولادة القوات المسلحة الملكية وشارك كذلك في المحاولة الانقلابية لسنة 1972. قضى 18 سنة في معتقل تازمامارت بعدما ذاق مرارة السجن في معتقلات الاحتلال الفرنسي في وقت سابق. - قلت في الحلقة السابقة إن انقلاب 1971 كان مقررا أن يتم في الحاجب وليس في الصخيرات. في أي ظروف تم التحضير لتلك المحاولة الانقلابية؟ < كان منتظرا أن يصل الحسن الثاني إلى الحاجب عبر فاس، وكان يتوجب عليه أن يسير بسرعة مرورا بسبع عيون وعين الشقاق. لم يحطنا اعبابو علما بالمحاولة الانقلابية، وإنما طلب منا الاستعداد لمناورة عسكرية. كنا مزودين بأسلحة حقيقية. كان من المنتظر أن تعطى انطلاقة المناورة في الثانية بعد الظهر. وقد انتظرنا القائد الذي كان سيقود العملية قبل أن يأتي عميد ويخبرنا بأن العملية ألغيت. - لماذا ألغيت تلك المناورة؟ < لو تم القيام بالانقلاب في 14 ماي، لنجح بدون شك. تمت الاستعدادات بشكل جيد وكل الظروف كانت مواتية لنجاح العملية. كان الموكب الملكي سيمر عبر طريق وسط غابة، حيث كان من المفروض أن تعترض طريقه شاحنة عسكرية ستبتدئ الهجوم. ألغيت العملية في نهاية المطاف بأمر من المذبوح الذي التحق باعبابو وطلب منه سحب أعضاء الكوماندو بسرعة كبيرة. في الواقع، عندما علم الحسن الثاني أن موكبه سيمر عبر طريق ثانوية وبالتالي خطيرة، طلب من مروحيتين أن تقوما بعملية استكشاف ومسح للمنطقة قبل أن يغامر الموكب الملكي بسلك تلك الطريق، وهو أمر من شأنه أن يفشل العملية ويودي بحياة قادة الانقلاب. حدس الحسن الثاني أنقذه من موت محقق. - كنت على رأس كوماندو مكلف بمهاجمة الحسن الثاني. ما هي التعليمات التي أعطيت لك؟ < كنت أشرف على كوماندو مكون من 40 رجلا دون احتسابي أنا ومساعدي. لم تكن هناك أي معلومة عن أي انقلاب عسكري. كانت التعليمات تهم مناورة عسكرية سهلة وساذجة تقريبا في منطقة الحاجب قبل أن تلغى تك العملية في اللحظة الأخيرة. أخو اعبابو، الذي كان أكثر أناقة وثقافة، اعترف بعد ذلك بأنه اختار بمعية أخيه المكان الذي كان يجب أن ينطلق فيه الهجوم على الحسن الثاني. - وكيف تكونت فكرة انقلاب الصخيرات؟ < كان الطلبة أتموا للتو امتحاناتهم في مدرسة اهرومو العسكرية، والعطلة كانت على الأبواب. ذهب اعبابو الأصغر لرؤية مدير الدراسات في المدرسة ليعلمه بأن مؤامرة عسكرية جديدة يتم التحضير لها في منطقة بنسليمان. كان يجب أن يكون 25 كوماندو مسلحين ومستعدين للانطلاق في أي لحظة. كنت من جديد مسؤولا عن الكوماندو رقم 22. أتذكر أن اعبابو أتى بعد ظهر يوم جمعة لتفتيش الكوماندو المشاركين في العملية الجديدة. تفقد بالخصوص حالة الأسلحة والقنابل والتزود بها. وبعد ذلك، طلب من القيادة العليا أن تلتحق بالمناورة دون أن يعطي أي تفاصيل ذات علاقة بالانقلاب. سألنا إن كانت لدينا أسئلة، فرفعت يدي وقلت إنه لا يمكن القيام بمناورة في ظل جهل الأهداف. ابتسم وأجابني بأنه شخصيا يجهل أهداف تلك المؤامرة. «إنها قضية الجنرالات» رد علي بكل بساطة. وبالتالي صرنا مجبرين على التنفيذ دون أن نكون على علم مسبق بذلك. - هل كان اعبابو حقيقة يجهل كل شيء عن الانقلاب؟ < على العكس، كان رفقة أخيه والمذبوح أحد المهندسين الرئيسيين للانقلاب. تأخرنا في الانطلاق نحو بنسليمان. حل الليل على صعيد فاس-مكناس. توقفنا عند حانة في بوقنادل قرب القنيطرة، وهناك التقينا باعبابو مع العقيد عبد الله القادري (الحزب الوطني الديمقراطي) وثمانية كولونيلات آخرين. استدعي قادة الكوماندو لتناول وجبة العشاء وتلقي معلومات عن الانقلاب. أخبر اعبابو الضباط بمخططاته. كثير منهم رفضوا في البداية، لكنه هددهم بإعدامهم إن رفضوا مرافقته. - ماذا قال لقادة الكوماندو؟ < إن عملية بنسليمان ألغيت وإنه يتم التحضير لعملية جديدة في الصخيرات. وعند الوصول إلى عين المكان، اكتشفنا أننا أمام القصر الملكي. ووزراء وسفراء كانوا يلعبون الكولف. دخل الكوماندو عبر بابين منفصلين، أما اعبابو فكان يجب أن يحدد مكان الملك ويقوم بتكبيله. حاول ليوتنان من الدرك الملكي منع اعبابو من الدخول، لكن هذا الأخير صوب نحوه مسدسا، قبل أن يصاب هو نفسه على مستوى الكتف. ترجمة - محمد بوهريد