قررت النيابة العامة في المحكمة الابتدائية لفاس، في وقت متأخر من مساء اليوم الأخير من سنة 2012، الاحتفاظ ب»الصحافي» المتهم بابتزاز برلمانيّ عن حزب الأصالة والمعاصرة رهن الاعتقال الاحتياطي. وأمضى الصحافي، وهو مدير لجريدة محلية، ليلة رأس السنة الجديدة في غرفة «الضيافة» في السجن المحلي «عين قادوس»، وهي الغرفة التي تحتفظ فيها إدارة السجن ب»ضيوف» الاعتقال الاحتياطي، قبل أن تعمد في الأيام الموالية إلى تفريقهم على أجنحة هذه المؤسسة السجنية. وقرر قاضي التحقيق تحديد تاريخ 15 يناير الجاري كموعد لمواصلة النظر في ملف القضية، والتي تحوّلتْ إلى قضية «رأي عامّ» في الجهة، وأصابت الكثير من الصحافيين بالذهول والصدمة.. وعلمت «المساء» أن حزب الأصالة والمعاصرة قد دخل على خط القضية ل»مساندة» عضوه في مجلس المستشارين، وأوفد محامين من هيئة الرباط للمرافعة في هذا الملف، الذي تعود وقائعه إلى نهاية الأسبوع الماضي، بعدما عمدت فرقة أمنية إلى استعمال تقنيات وُصفت بالدقيقة لضبط المتهم في حالة تلبس، وهو بصدد تلقي مبلغ أوّلي من البرلماني الذي اتهمته بالابتزاز. وقد صُورت أجزاء من المشهد في فندق مصنف حديث البناء في قلب مدينة فاس، وتم اعتقال «الصحافي» وهو يعمد إلى وضع كيس بلاستيكيّ يحتوي على ما يقارب 20 مليون سنتيم في سيارته، قبل أن يستعد لتوديع البرلماني، الذي نسّق العملية مع الشرطة القضائية، بتعليمات من النيابة العامة. وترتبط القضية بأراضٍ لبعض ذوي الحقوق في جماعة «عين الشقف»، القروية التابعة إداريا لعمالة مولاي يعقوب. واتهم «الصحافي» المعتقل البرلماني بالاستيلاء على جزء من تعويضات خصصتها شركة «هولسيم» لأعضاء قبيلة دوار الحلالفة في الجماعة. وقال البرلماني، في شكايته، إنه لم يُعر الإشاعات أدنى اهتمام في البداية، لكنّ أحد المقاولين في عالم البناء اتصل بالبرلمانيّ لاحقا ليخبره بإمكانية «عقد صلح» مع الصحافي، مقابل مبلغ مالي كبير، في أفق التنازل على شكاية قُدِّمت ضده إلى عامل إقليم مولاي يعقوب، تمهيدا لتقديم شكاية أخرى إلى وزارة العدل. وسجل البرلماني أهمّ مجريات الحوار المطوَّل، «الصادم» من حيث المعطيات التي تضمّنها.. ونفت وثيقة لعمالة مولاي يعقوب صحة الإشاعات. وقالت إن السلطات انتقلت بصفة مفاجئة إلى الدوار للتأكد من الاتهامات، والتقت 32 عضوا من أصل 48 من ذوي الحقوق، وصرّحوا بأن «ادعاءات» سلبهم مبالغ مالية غير مستحقة من قِبل البرلمانيّ غيرُ صحيحة، وهو نفسه النفي الذي حملته وثيقة موقَّعة مِن قبل جزء كبير من المستفيدين من هذه التعويضات.