من المنتظر أن يُعرَض على أنظار العدالة 10 أشخاص اعتقلوا على خلفية المواجهات الدامية التي عرفتها منطقة سيدي يوسف يوم الجمعة والسبت الماضيين. وحسب معلومات حصلت عليها «المساء»، فإن الموقوفين ال10، والذين تتراوح أعمارهم بين 24 و35 سنة، سيمثلون أمام أنظار النيابة العامة في المحكمة الابتدائية لمراكش لاستكمال التحقيق معهم، بعد أن تم تحرير محاضر رسمية لهم. وقد قامت السلطات الأمنية بتمديد مدة الحراسة النظرية لتعميق البحث مع الموقوفين، الذين تم ترويج معلومة مفادها أن من بينهم أحدَ شخصا ينتمي إلى جماعة العدل والاحسان، التي نفت أن يكون أحد الموقوفين ينتمي إليها، مؤكدة أن المشاركة في مثل هذه الاحتجاجات يتطلب قرارا متوافَقاً عليه من قِبل مؤسسات الجماعة وتنزيله لدى الأعضاء. وقد عاد الهدوء إلى منطقة سيدي يوسف بنعلي وأخذت الحركة تدبّ شيئا فشيا رغم حضور قوات الأمن معززة بسياراتها ودراجاتها النارية، في الوقت الذي مازال الحذر هو سيد الموقف هناك. وقد عمدت قوات الأمن على إحصاء الخسائر المادية التي طالت المنطقة، حيث تم مخفر للشرطة في شارع لمصلى وسيارة تابعة للأمن ودراجة نارية، إضافة تخريب مؤسسات تعليمية وتكسير أبواب عدد من المحلات التجارية الموجودة ف منطقة سيدي يوسف بنعلي.. وأصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقريرا حول الأحداث التي شهدتها منطقة سيدي يوسف بنعلي منذ الجمعة الماضية، والتي أدت إلى اعتقال 30 شخصا، تم إطلاق سراح 20 منهم، بينما أصيب أزيد من 27 عنصرا من قوات حفظ الأمن، نقلوا إلى المستشفى وتلقوا العلاجات الضرورية بعد إصابتهم بجروح وكسور متفاوتة الخطورة. وأوضح تقرير الجمعية، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، أنه ابتداء من الساعة الثانية بعد الزوال انطلقت مسيرة حاشدة متوجهة إلى المجلس الجماعيّ والمقر الرئيسي للوكالة في شارع محمد السادس (شارع فرنسا سابقا) قصد الاحتجاج على هذه الأوضاع، خصوصا بعد «عدم تحرّك ممثلي المجلس الجماعيّ، داخل المجلس الإداري للوكالة لوضع حد لمعاناة السكان»، قبل أن يتم «تطويق» المسيرة قرب «باب احمر» من طرف قوات الأمن، إذ تم منع المسيرة من مواصلة مسارها، و»شرعت في تفريق المسيرة بالقوة والعنف»، ما نتجت عنه أصدامات ومواجهات حادة، انتقلت إلى الأزقة المحاذية، سواء في شارع المدارس أو في شارع المصلى وقرب بعض المؤسسات التعليمية، حيث انضمّ إليها عدد من تلاميذ المؤسسات، ما ساهم في تصاعد حدة الاحتجاج والمواجهات. وقد أشارت الجمعية إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والهراوات في التدخل الأمنيّ، ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات في صفوف المواطنين وبعض رجال الأمن، حيث تم نقلهم إلى مستشفيَي ابن طفيل وابن سيناء. واعتبر التقرير أن الاعتقالات التي تمت من قبل المصالح الأمنية اتسمت ب»العشوائية»، حيث «مسّت بعض المارة والراجلين، وتم إطلاق سراح معظم المعتقلين في اليوم الموالي، بعد تحرير محاضر لهم»، في حين تم الاحتفاظ ب10 معتقلين انتهت مدة الحراسة النظرية في حقهم يوم أول أمس الأحد، لتقوم النيابة العامة بتجديد الحراسة النظرية. وسجلت الجمعية وقوع بعض الخسائر، تمثلت في تهشيم بعض السيارات، كما سقطت بعض القنابل المسيلة للدموع في ثانوية وفي مركز للولادة.. مما أدى إلى تفاقم الوضع، الذي كان من سماته عجز العديد السكان من قضاء أغراضهم يوم السبت الماضي. وفي الوقت الذي يثار أن غلاء فواتير الماء والكهرباء هو السبب الرئيسي لهذه الاحتجاجات والأحداث، فإن الجمعية تشير إلى أن «ظروف التهميش والفقر وتدهور الأوضاع المعيشية للعديد من الفئات الاجتماعية في المدينة وانتشار مظاهر الفقر والبطالة والحيف والظلم وتردّي الخدمات الاجتماعية وتفاقم ظاهرة نهب المال العامّ والرشوة والعديد من الاختلالات في المدينة.. كل ذلك شكّل الأساس الحقيقيّ لهذه الأحداث».. وقد دعا الحقوقيون يدعو المسؤولين إلي فتح حوار جاد مع الساكنة وتلبية مطالبها المشروعة، خصوصا المتعلقة بغلاء أثمنة الماء والكهرباء، واتخاذ كل التدابير الكفيلة بتمتيع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ووضع حد لمختلف مظاهر الفقر والتهميش. كما أدان فرع حزب الطليعة «التدخل الأمني والقمعيّ» في حق المواطنين والمواطنات في سيدي يوسف بنعلي، داعين السلطات المحلية في المدينة، ومعها الوكالة المستقلة لتوزيع الماء و الكهرباء، إلى تحمّل مسؤولياتهما والتزاماتهما تجاه الساكنة.