جمعية "أبناء العرائش" تنظم أمسية فنية في مدريد احتفاءً بالذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال.    عامل الإقليم يفتتح أول خط جوي يربط مطار الناظور بالرباط ب 350 درهم    أوروبا التي تشبه قادتها    كأس الكونفدرالية: نهضة بركان يضمن الصدارة بتعادله مع لواندا سول بعدما حسم التأهل مسبقا    الوداد يقترب من ضم مهاجم الأهلي السابق    دخان سام يحيط بلوس أنجلوس.. والسلطات تدعو السكان للبقاء في منازلهم    نشرة إنذارية: موجة برد مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    "وحده الحب" فيلم يلقي الضوء على قضية الحدود برؤية سينمائية فريدة    جائزة "مغرب الفروسية" تحتفي بالفرسان والفارسات المغاربة المتألقين خلال سنة 2024    الإعلام الفرنسي يلوّح بكشف المستور.. ممتلكات نظام الكابرانات في الخارج على المحك    الدولة تطالب بتعويض 540 ألف درهم من طلبة الطب.. النقيب الجامعي يكشف أخطاء قانونية ومآخذ سياسية    توقعات أحوال الطقس يوم غد الإثنين    مدرب الجيش الملكي: التأهل مستحق والفريق يملك هامشا للتطور أكثر    حذف فيلم "نايضة" من "اليوتيوب" في ظروف غامضة    وزارة الصحة تتدخل بعد استمرار تفشي "بوحمرون"..    4الفريق الهولندي DCG يعزز الروابط الثقافية والرياضية مع الوطن الأم المغرب    الجامعة تعلن عن إلغاء السكتيوي معسكر مواليد 2000    قبل نهائي السوبر.. ليفاندوفسكي يحذر من ضربات ريال مدريد المفاجئة    ارتفاع حصيلة القتلى في لوس أنجلوس    الأردن يسمح بدخول السوريين بالخارج    28 قتيلا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    نظام أساسي جديد لأطر التجهيز والماء يضمن تحفيز توظيف المهندسين    مضيان يدعو لاعتماد الحرف العربي في تعلم الأمازيغية إلى جانب تيفيناغ    المغرب يخطط لتوسيع شبكة الطرق السريعة بنسبة 66% بحلول عام 2030    خمسة أعداء للبنكرياس .. كيف تضر العادات اليومية بصحتك؟    التطعيم ضد الإنفلونزا في يناير وفبراير .. هل فات الأوان؟    الحرب بالأقوال: بوعلام الجزائري وصنصال المغربي    المحلل الفرنسي ناثان ديفير: النظام الجزائري "كوكتيل متفجر" يجمع بين الاستبداد والفشل    جامعة الركبي تعقد جمعين عامين    نيويورك.. مشاركة متميزة للمغرب في معرض الفن والدبلوماسية    لقاء تواصلي لنجمي الكرة المغربية عزيز بودربالة وحسن ناظر مع شباب مدينة زاكورة    مقاربة إدارة بايدن في سورية بعد سقوط نظام الأسد    الرياض تحتضن مؤتمرا دوليا لبحث دعم مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد الأسد    مركز تفكير فرنسي: مسار الانتقال الطاقي بالمغرب يسير قدما مدعوما بإصلاحات استراتيجية ومنظومة مبتكرة    العثور على جثة شخص ستيني داخل وحدة فندقية بالحسيمة يستنفر السلطات الأمنية    حافلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية معرضة للاتلاف أمام مقر عمالة الجديدة    حادث مروّع في ستراسبورغ: اصطدام عربتي ترام يُصيب العشرات (فيديو)    جمعية بسطات تحتفل بالسنة الأمازيغية    توقيف تاجر مخدرات في سيدي إفني    "كوست ويف" يتجاوز البلوكاج بالجديدة... توفير ضمانات يحرر صافرتيْ إنذار    اختتام أشغال قمة التنمية الزراعة الإفريقية على خلفية التزام بزيادة إنتاج الصناعة الغذائية    دراسة تسلط الضوء على تحذير بشأن ارتفاع حرارة محيطات العالم    كمبالا: البواري يؤكد التزام المغرب بتطوير فلاحة قادرة على الصمود    أخطاء كنجهلوها.. أهم النصائح لتحقيق رؤية سليمة أثناء القيادة (فيديو)    الصمت يرافق ذكرى أول وفاة بسبب "كوفيد" في الصين    المغرب بين المكاسب الدبلوماسية ودعاية الكراهية الجزائرية    نفسانية التواكل    اعتداء عنيف على الفنان الشهير عبد المنعم عمايري في دمشق    الصناعة التقليدية تعرف تطورا إيجابيا بتحقيق نسبة نمو 3% خلال سنة 2024    مكناس.. الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة على نغمات فني أحواش وأحيدوس    طنجة... الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة وتكريم إعلاميين ومثقفين رواد (فيديو)    إنفوجرافيك l يتيح الدخول إلى 73 وجهة دون تأشيرة.. تصنيف جواز السفر المغربي خلال 2025    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزق المشروع الصهيوني
نشر في المساء يوم 21 - 12 - 2012

ليس للكيان الصهيوني مستقبل في المنطقة، وهو آيل -لا محالة- إلى زوال. كم سيأخذ ذلك من الوقت حتى يتحقق واقعا؟ لا أحد يعلم، لكنه قطعا حاصل في فترة ما في المستقبل.
ليست هذه محض أمنية أو نزعة قدرية في التفكير، كما قد يُظن، وإنما هي حقيقة مؤجلة يولدها المشروع الصهيوني نفسه كمشروع إحلالي-استيطاني لجماعة دينية صغيرة في المنطقة والعالم. «الإسرائيليون»
أول من يعلم بأن بقاء كيانهم مستحيل، ويتصرفون على أساس توفير شروط حياة أطول.
أما كيف سينتهي: بحرب موجعة للكيان أم بهجرة معاكسة ليهود جاؤوا من أصقاع الدنيا بحثا عن الأمن ففقدوه أم بفقدان الرعاية الغربية (الأمريكية-الأوربية) بعد فقدان الغرب السيطرة على العالم والمنطقة (في حقبة صينية-روسية قادمة، مثلا) أم بالاختلال في التوازن الديمغرافي..؟ فذلك مما لا يمكن القطع بأيّها أرجح احتمالا، وإن كانت جميعها على الدرجة عينها من الإمكان.
ليس أمام «إسرائيل» وخوفها من الزوال، أو من الذوبان في المحيط، سوى الإمعان في عزلتها وانكفائها الطائفي، فذلك -وحده- يمدد بقاءها إلى حين، وهو عيْنُ ما رَسَت عليه سياساتها منذ سنوات عدة، وتحديدا منذ وضعت خاتمة لخيار التسوية فيها، الذين اعتقدوا منا -في ماضٍ قريب- أن التسوية تضعف للدولة الصهيونية بقاءً مشروعا أو معترفا به، وأن مصلحتها تقضي بأن تجنح إلى هذا الخيار كي تظفر بالشرعية من الضحية (الفلسطينيين، العرب)، لم يكونوا يفكرون ل»إسرائيل» ونيابة عنها فقط، وإنما هم كانوا يخوضون في وهم أنهم يلتمسون لها حلا لمأزق مشروعها، فيما هي لا ترى في ذلك الحل سوى التكريس المادي لذلك المأزق. وهذا هو، بالذات، ما يفسّر التحولات الثلاثة التي طرأت على المجتمع السياسي الصهيوني منذ سبعة عشر عاما: مقتل إسحق رابين ونهاية «حزب العمل» -من حيث إنهما مَنْ فرض تسوية «أوسلو» على الكيان- وإنهاء العمل ب«اتفاق أوسلو»، والصعود المدوّي لليمين الديني المتطرف.
إن التسوية التي مازال يتمسك بها أبو مازن وفريقه السياسي وباتت «حماس» لا تعترض عليها باسم المقاومة، إلى درجة مباركتها خطوة محمود عباس لطلب عضوية فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة، هي ما تخشاه «إسرائيل» وتتفادى الوقوع فيه مجددا، لأنها (أي التسوية) لا تَعْرض عليها سوى الذوبان في المحيط العربي لفلسطين، وهو يحكم على مشروعها بالزوال، ولا يَقلّ -عندها- خطرا عن زوال يحصل بالقوة العسكرية. من هذه العقيدة الراسخة في العقل الصهيوني تنهل نزعة معاداة «السلام» في المجتمع السياسي - والأهلي - «الإسرائيلي»، وهو ما لا يدركه المنادون ب«السلام» والتسوية والتفاوض من بني جلدتنا: فلسطينيين وعربا.
والمشكلة أن الحركة الوطنية الفلسطينية ساعدت الكيان الصهيوني، من دون أن تدرك، في حل جزء من مأزقه البنيوي بانتقالها من تبنّي «البرنامج المرحلي»، في عام 1974، إلى القبول بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967. لقد كان انتقالا من فكرة تحرير الوطن إلى فكرة إقامة الدولة، والحال إن لإقامة الدولة ثمنا فادحا هو التخلي عن معظم الأرض والوطن من أجل «الحصول» على بعض الأرض والوطن. ولقد يقال إن موازين القوى، المُختلة لفائدة العدو، أجبرت الثورة الفلسطينية على طلب القليل، ولكن ماذا لو كان ثمن «الحصول» على هذا القليل هو التخلي عن حق تاريخي للشعب والأمة؟ وبأي حق تسمح نخبة لنفسها -ولو كانت وطنية ومنتخبة- بأن تتخلى عما هو في حكم الحقوق التاريخية من أجل «إنقاذ ما يمكن إنقاذه»؟
سيقال أيضا، التماسا للعذر، إن الثورة لم تكن لتستطيع في الماضي، ولا هي تستطيع اليوم، تحرير وطنها بإمكاناتها الذاتية، نجيب بأن هذه حقيقة لا يترتب عنها، حكما، التفريط في حق تاريخي لمجرد عدم القدرة على استعادته. دعونا نفكر في مشهد آخر: ماذا لو أن منظمة التحرير ناضلت من أجل تغيير الطبيعة الصهيونية للنظام مثلما تناضل من أجل ذلك، اليوم، الحركة الوطنية الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948، من أجل المساواة والمواطنة الكاملة؟ سيقال إن ثمن ذلك هو تحوّل الفلسطينيين جميعا، في المثلث والجليل والنقب والضفة وغزة، إلى مواطنين في الدولة الصهيونية، وإسقاط مبدأ الاستقلال الوطني. هذا صحيح، ولكن الفلسطينيين جميعا سيتمسكون بأرضهم فلسطين من النهر إلى البحر من دون تفريط في شبر واحد منها؛ وإذا حكمهم اليهود اليوم، فسيحكمون هُم أنفسهم غدا حينما يختل التوازن الديمغرافي لمصلحتهم، وخاصة حينما يشددون على أولوية حق العودة الذي يعني حق الجميع في أرضه.
لا يعني الاستقلال الوطني وإقامة الدولة سوى أن شعب فلسطين يسلّم للصهيونية بالحق في اغتصاب القسم الأعظم من فلسطين. أما العودة، فلا تعني سوى تمسك الشعب بملكيته أرض فلسطين. وإذا لم يكن هذا الشعب يملك أن يحكم نفسه بنفسه، فإنه -على الأقل- يتمسك بوطنه جميعا ولو تحت الاحتلال إلى حين تنشأ الظروف التي تسمح له بإنهاء النظام الصهيوني الطائفي. ماذا فعلت الحركة الوطنية في جنوب إفريقيا سوى هذا في مواجهة نظام الميز العنصري وصولا إلى شطب الأبارتهايد من تاريخها قبل عقدين؟
إن تمسك قادة الكيان الصهيوني بالاعتراف ب«إسرائيل» دولة يهودية لا يترجم سوى الشعور بالخوف من أن يقود اختلاط اليهود بغيرهم إلى ذوبانهم في محيط ذلك الغير (الغوييم بلغتهم) الذي يتفوق عليهم ديمغرافيا. وإذا كان مثل ذلك النقاء الطائفي مطلوبا ليطمئن المشروع الصهيوني إلى بقائه في المستقبل، فإنه ينتزع له -في الوقت عينه- اعترافا بملكيته للقسم الأعظم من فلسطين الذي تُقيم عليه طائفته.
حينها لن يكون في وسع فلسطينيي ال48 -الذين لن يعودوا «مواطنين» في دولة «إسرائيل»- أن يطالبوا بوحدة أراضي «الدولتين» (48 و67)، إن صاروا أغلبية عددية في الكيان الصهيوني بعد جيلين أو ثلاثة أجيال.




عبد الإله بلقزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.