خفضت محكمة الاستئناف بمكناس، منتصف الأسبوع الماضي، الحكم على «مول المكحلة» المتهم بارتكاب جريمة قتل باستعمال بندقية، من الإعدام إلى المؤبد في قضية اختلطت فيها رصاصات بندقية بالاعتداء على شرف العائلة، واغتصاب شقيقة. وفي تفاصيل الجريمة نقرأ أن أحد أعين السلطة التي لا تنام برتبة مقدم، قد لاحظ، في نهاية شهر ماي من سنة 2010، أن دماء تسيل من سيارة تحمل أرقاما خارجية كانت واقفة بنفوذه الترابي، وبالتحديد بقصبة حرضان بضواحي مكناس. ولم يتردد عون السلطة في ربط الاتصال بالرقم الأحمر لقائد المنطقة ليخبره بالشكوك التي تحوم حول هذه السيارة. وبقي مواكبا للمشهد خوفا من أن يتحمل مسؤولية ما ستنجم عنه من تغييرات غير متوقعة، وربط القائد الاتصال فورا برجال الدرك وتم تطويق السيارة. وبدأ التحقيق الذي شاركت فيه مختلف المصالح الأمنية بالمدينة. ولم يستبعد المحققون، كما هي عادتهم دائما في مثل هذه الحالات، أي احتمال، بما في ذلك أن يكون الأمر يتعلق بعمل إرهابي، أو بتصفية حسابات بين تجار المخدرات، وهي أسوأ الاحتمالات أثناء التحقيق في هذه الجرائم. لكن عملية «تشريح» للاتصالات الهاتفية للضحيتين، بينت أن المتهم في هذا الملف غير بعيد عن الجثتين. وتم اعتقاله بضيعة فلاحية بمنطقة أيت ولال بناحية مكناس. وبعد تضييق الخناق عليه، لم يجد بدا من الاعتراف بوقوفه وراء ارتكاب الجريمة. وقال، وهو يحكي عن ملابسات الجريمة، إنه قرر الانتقام لشرف العائلة، متهما أحد الضحيتين بربط علاقة غير شرعية مع زوجة شقيقه. أما الضحية الثاني، وهو صهر للعائلة، فقد اتهم بدوره باغتصاب شقيقته قبل أن يتزوج بها. وقرر رفقة أخيه أن يستدرجهما إلى الضيعة التي يعمل بها، ويقوما بقتلهما باستعمال بندقية صيد. وقبل ذلك وعدهما ببيعهما مواد وتجهيزات فلاحية بأبخس الأثمان، وقدم لهما قنينة نبيذ في انتظار وصول شقيقه، الذي تراجع في نهاية الأمر عن المشاركة في العملية، وأطفأ هاتفه النقال. ولم يتردد المتهم في إطلاق الرصاص من بندقية مشغله على صدر الضحية الأولى، والثانية على مستوى البطن، والثالثة على مستوى الظهر، وانهال على الضحية الأخرى بالمعول. وبعد الانتهاء من عملية الإجهاز عليهما، فتش جيوبهما، واستل منها مبلغا من المال، وعمد، دون خوف ولا تردد، إلى وضعهما في السيارة التي أقلتهما. ولم تقف الحكاية الصادمة عند هذا الحد، فقد اتصل العامل الزراعي بمشغله وأخبره بأنه تعرض لمحاولة سرقة أبقار العائلة من الضيعة، وبأنه اضطر لإطلاق النار عليهما دفاعا عن نفسه، وهدده بالتصفية في حال إقدامه على إفشاء السر، وانطلق بالسيارة وهي تحمل الجثتين، إلى قصبة حرضان، المكان الخالي والبعيد عن الأنظار. وعاد على متن سيارة شقيقه الذي سبقه إلى القصبة، وأعطاه إشارة التوقف بعدما قام بإلقاء نظرة شاملة على الفضاء. وفي معرض الكشف عن القضية وألغازها، انتحر الشقيق، ولم تفد محاولات المتهم للتراجع عن تصريحاته في إدانته ابتدائيا في محكمة الاستئناف بمكناس بالإعدام، وإدانة الثاني بشهرين سجنا موقوفة التنفيذ.