لأول مرة، التقى الفلاحون المغاربة الناشطون في قطاع الفواكه والخضر، الجمعة المنصرم، نظراءهم الإسبان لتذويب جليد الخلافات القائمة بينهم، وبحث آفاق إقرار تعايش مشترك بينهم في السوق الأوربية، خاصة بعد اتهام الفلاحين الإسبان المغرب بالسعي إلى إغراق السوق الأوربية بمنتوجاته وخرق بنود اتفاقية التبادل الحر للمنتوجات الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوربي التي دخلت حيز التنفيذ في مستهل شهر أكتوبر المنصرم. ونفى الفلاحون المغاربة الاتهامات الموجهة إليهم وأكدوا أنهم يحترمون فصول الاتفاقية التي تربط الرباط وبروكسيل. وجاء في بيان أصدرته وزارة الفلاحة والصيد البحري في أعقاب الاجتماع أن «المغرب يلتزم بمقتضيات الاتفاق وسيظل كذلك»، مجددا التأكيد على أن «الاتفاقية تحدد إطارا ملائما لتعاون متوازن ومفيد لكلا الطرفين»، علما بأن الاتهامات الإسبانية همت بالأساس الطماطم المغربية، التي اتهمتها جمعية الفلاحين الإسبان في أواخر شهر نونبر الماضي بتكبيدهم خسائر وصفها بيان صحافي للجمعية ب«الفادحة». وأكد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، الذي ترأس الاجتماع، بمعية نظيره الإسباني، ميغيل أرياس كانييتي، أن هذا اللقاء يهدف إلى بناء «جسور تواصل دائمة بين الفاعلين في البلدين في أفق تسهيل تعايش مشترك بينهم في السوق الأوربية». وأعرب الفلاحون المغاربة، على لسان وزير الفلاحة والصيد البحري، عن «إرادتهم الحقيقية لبناء علاقات مستديمة مع نظرائهم الإسبان»، مع الإشارة إلى أن الوفد المغربي ضم ممثلين عن مجموع السلاسل الإنتاجية لقطاع الخضر والفواكه في المغرب. وشدد الوزير نفسه على أن اللقاء يعتبر «ثمرة للتعاون المؤسساتي الجيد بين المغرب وإسبانيا، وكذا مهنية ونضج مختلف الفاعلين في هذا القطاع في كلا البلدين». وفي محاولة لطمأنة الفلاحين الإسبان، جدد أخنوش التأكيد على «الاهتمام الكبير الذي يوليه المغرب لتطوير علاقاته مع الاتحاد الأوربي وتقوية تعاونه الثنائي مع إسبانيا»، وشدد على أن هذا التوجه «خيار إستراتيجي». وفي هذا السياق، دعا أخنوش كذلك الفلاحين المغاربة والإسبان إلى «إرساء أسس تعاون حقيقي على المديين المتوسط والبعيد»، وأكد على أن «التحولات الهامة» التي يعرفها المحيط الاقتصادي والاجتماعي في الوقت الراهن «تفرض على الطرفين معا المبادرة إلى بلورة مسلسل تشاور وحوار كفيل بتجاوز الصعوبات الظرفية التي يمكن أن تبرز إلى الوجود بين الفينة والأخرى». واعتاد الفلاحون الإسبان توجيه انتقادات للمغرب بين الحين والآخر إلى جانب اتهامات بالسعي إلى إغراق السوق الأوربية بمنتوجاته الفلاحية، كما يطالبون حكومة بلادهم، بين الفينة والأخرى، إلى التدخل لوقف نزيف الخسائر التي يتكبدونها في أسواق الاتحاد الأوربي بسبب المنتوجات المغربية. وكانت جمعيات الفلاحين الإسبان كذلك تعارض إبرام اتفاقية التبادل الحر للمنتوجات الفلاحية بين الرباط وبروكسيل، التي نشر نصها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوربي في فاتح أكتوبر الماضي إيذانا بدخولها حيز التنفيذ.