ووري جثمان الشيخ عبد السلام ياسين الثرى، يوم أمس الجمعة، بمقبرة الشهداء بالرباط وسط إنزال أمني مكثف ومشاركة عشرات الآلاف من المشيعين الذين جاؤوا من داخل المغرب وخارجه. وعرفت الجنازة نوعا من التوتر عقب انتهاء صلاة الجمعة بعد أن فرضت السلطة على المشيعين المرور من مسار آخر غير مسار شارع محمد الخامس حيث يوجد مقر البرلمان، قبل أن يتدخل بعض كبار المسؤولين لإقناعهم بالسير عبر شارع مولاي الحسن وباب الرواح.
وكان لافتا أن محمد العبادي، الذي تردد أنه مرشحا لخلافة المرشد الراحل، هو من تولى إلقاء كلمة تأبينية أكد فيها أن الشيخ ياسين لم يعش لجماعة العدل والإحسان وحدها بل «عاش للأمة بأكملها، وكان يوقن بالخلافة وكان يخطط لمستقبل الإسلام ووضع اللبنة الأولى لمن يريد أن يشق الطريق»؛ وأضاف العبادي أن الله نزع من قلب الشيخ الخوف من المخلوقات، وكانت له جرأة وثبات استمدهما من روحانيته بعد أن كرس حياته للدعوة.. وكنت تراه أطراف الليل وآناء النهار يعيش حياة العبودية المطلقة».
إلى ذلك، أكد مسؤول أمني رفيع المستوى ل»المساء» أن السلطات تعاملت بإيجابية مع الحدث، مشيرا إلى أن التعزيزات الأمنية التي طوقت المكان هي «أمر طبيعي تفاديا لأي انزلاق قد يؤثر على مراسيم الجنازة»، فيما قال مصدر من الجماعة إن السلطات تدخلت من أجل تحويل مسار الجنازة الذي كان من المقرر أن يمر عبر شارع محمد الخامس، واصفا أعداد المشيعين للجنازة ب»الكم الهائل والهادر»، كما أكد أحد المنتسبين إلى الجماعة أن عددا كبيرا من الراغبين في المشاركة في مراسيم تشييع الجنازة لم يتمكنوا من الوصول في الوقت المحدد، إضافة إلى منع بعضهم في عدد من المدن.
وبدا لافتا غياب المسؤولين الحكوميين عن المشاركة في تشييع جثمان الشيخ عبد السلام ياسين باستثناء مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي قام بانتظار الموكب الجنائزي بالقرب من وزارة العدل قبل أن يلتحق بالحشود لتشييع الشيخ إلى مثواه الأخير، فيما غاب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لالتزامه بحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي الذي انطلق صباح الجمعة.
وحظيت الجنازة باهتمام إعلامي أجنبي، حيث حضرت عدة قنوات أجنبية تقاسمت التصوير مع عناصر أمنية لجأت إلى أسطح بعض الأبنية الإدارية المجاورة لمسجد السنة من أجل تصوير وقائع الجنازة ورصد الوجوه المشاركة فيها.
وحرصت اللجنة التنظيمية التابعة لجماعة العدل والإحسان على وضع جميع الترتيبات بمقبرة الشهداء التي تم فيها دفن جثمان الشيخ بعد أن منحت أفضلية تلاوة القرآن على قبره لأحد الوجوه التي تمثل الرعيل الأول المؤسس للجماعة والذي جلس بالقرب من القبر المفتوح في انتظار وصول جثمان الشيخ. كما قام عدد كبير من المشاركين في التشييع باستباق الموكب نحو المقبرة على أمل إلقاء نظرة أخيرة على الجثمان، غير أن اللجنة التنظيمية فرضت إجراءات مشددة من أجل ضمان نوع من النظام بالمقبرة التي رابط حولها عدد من العناصر الأمنية.