يرتقب أن تجد الحكومة نفسها، خلال الأيام المقبلة، مجبرة على أداء مبالغ كبيرة كذعائر عن التأخير في الأداء للمقاولات المستفيدة من بعض الصفقات العمومية. وحسب مصادر مطلعة ل»المساء»، فإن الظرفية المتأزمة التي تمر بها المالية العمومية جعلت الحكومة تتأخر عن أداء مستحقات عدد كبير من الشركات الخاصة، وهو ما سيجعلها مجبرة على أداء ذعائر عن التأخير تقدر ب10 في المائة من قيمة الأقساط الواجب أداؤها، تفعيلا لقانون آجال التسديد. وجاء قانون آجال التسديد ليحقق مجموعة من الأهداف، من بينها تحديد أجل التسديد في 60 يوما كحد أقصى، حين لا يكون أجل تسديد المبالغ المستحَقّة محددا بين الأطراف، وفي 90 يوما كحد أقصى من تاريخ استلام البضائع أو تنفيذ الخدمة في حال تحديد الأجل، إضافة إلى وضع نظام لمعاقبة التأخير من أجْل التعويض عن الفوائد البنكية التي يتحملها المموّنون. ومن المنتظر أن يُمكّن اعتماد هذا القانون، المدعم بسعر جزائي ردعي، من تقليص الضغط غير المحتمَل الذي تعاني منه المقاولات المغربية، كما سيكون بمثابة خزان أوكسجين بالنسبة إليها. غير أن فعالية تطبيق هذا القانون رهينة بمسؤولية مجمل الفاعلين، في القطاعين الخاص والعام على السواء. ويرى الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن على الإدارات والمقاولات ألا تتحايل على القانون عن طريق عرقلة التسليمات والمرفقات، وعلى الباطرونا أن تقوم بعملية التحسيس لدى المقاولات. ولهذه الغاية سينظم الاتحاد، قريبا في مقره الرئيسي، من خلال لجنة المقاولات الصغرى والمتوسطة، حلقة دراسية للتحسيس، ستتواصل فيما بعد في مختلف جهات المملكة، من خلال فروع الاتحاد الجهوية. وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب قد جعل من مشروع القانون حول آجال التسديد محورا هامّا لنشاطه منذ سنين عديدة، فهو الذي بادر بالقانون رقم 32 -10 الخاص بآجال التسديد، المكمّل للقانون رقم 15 - 95. وترى مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد، أنه بفضل اعتماده على سعر جزائي ردعي بنسبة 10 في المائة يعد قانون آجال التسديد عاملا أساسيا لحماية خزينة المقاولات وقدرتها التنافسية، فحينما كان المغرب لا يتوفر على قانون خاص بآجال التسديد، كانت العلاقة بين الزبناء والممونين تخضع لميزان القوة، ويكون لها تأثير قوي من شأنه القضاء على المقاولة أو كبح نشاط قطاع برمته، مشيرة إلى أن الحسابات الختامية للمقاولات المغربية تبين أن حساب الزبناء يمثل 120 إلى 180 يوما من رقم الأعمال، وقد يبلغ أحيانا 50 في المائة من حاسباتها، ونتيجة لهذا تكون السعة المالية للمقاولة مُحتكَرة من قِبل الرأسمال العامل على حساب تمويل الاستثمار، وبالتالي على حساب خلق مناصب الشغل والثروة. وتضيف بنصالح أنه، في ظل سياق انفتاح الاقتصاد المغربي، فإنّ هذا يُعرّض تنافسية المقاولات المغربية للخطر، خاصة منها المقاولات الصغرى والمتوسطة، مما ينجم عنه انحراف في آجال التسديد و»خنق» عدد متعاظم من المقاولات.