ليس جون بورمان، الذي اختارته مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم في مراكش لأن يرأس لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الطويل خلال هذه الدورة، أقلّ نجومية من إمير كوستوريكا، الذي ترأس لجنة تحكيم المسابقة في العام الماضي، فاختياره يعكس حرص مؤسسة المهرجان على مواصلة دعوة كبار المخرجين العالميين إلى تحكيم مسابقتها الرسمية. تأثر بورمان بأعمال الفيلسوف كارل كوستاف يونك، الشيء الذي جعل كل فيلم من أفلامه يعكس افتتانه بكل ما هو أسطوريّ، وبالطبيعة ويغوص في أغوار علم النفس، من خلال تقديم شخصيات تبحث عن نفسها، مع مسحة من الحسّ الفلسفيّ الظاهر. أبدع في أفلامه الوثائقية التي أنجزها لفائدة قناة «بي بي سي»، قبل أن يخرج إلى النور باكورة أعماله، وأول أفلامه الروائية الطويلة «أنقذ من استطعت» عام 1965، ليتحف عشاق الفن السابع بعد ذلك بعدد من روائعه السينمائية، تتجاوز تفاهة العالم المادي وترفع الستار عن الأسرار الخفية وتحول الأموال إلى نور والمادة إلى ذكاء، ومنها «نقطة اللاعودة» عام (1967) و»ليو الأخير» عام (1969) و»خلاص» عام (1972) و«زاردوز» عام (1973) و«إكسكاليبور» عام (1981) و»غابة الزمرد» عام (1985) و»الأمل والمجد -حرب السبع سنوات» (1987) و«الجنرال» (1997) و»جحيم في الباسيفيك»(1968) والمؤلف من شخصين فقط هما (لي مارفن وتوشيرو مفيوني)، حيث دعا المخرج الإيرلندي إلى السلام. سجل الريبرتوار الفني والسينمائي العالمي حصول هذا المخرج المخضرم على عدد مهمّ من الجوائز، منها جائزتان لأحسن إخراج في مهرجان «كان» عن فيلميه «ليو الأخير» (1970) و»الجنرال» سنة 1998، كما حظيّ بخمسة ترشيحات للأوسكار (اثنين منها كمخرج وآخرين كمنتج وآخر ككاتب سيناريو). وأصدر مع والتر دونوهو 13 عددا من مجلة «Projections»، التي تتناول مواضيع متعلقة بمهنة الإخراج. حظي مخرج الروائع جون بورمان عام 2004 بالتكريم من قِبل الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (BAFTA) عن مسيرته الفنية الرائعة. ولد بورمان في شيبرتون عام 1933، وعشق السينما منذ نعومة أظافره، كما أن عطاءه الغزير في السينما يوازيه حنان وطيبة عرف بهما في حياته الشخصية، فهو أب لسبعة أبناء بالتبني، ووزع 5000 شجرة في إيرلندا، حيث قضى من عمره 40 عاما. عطاء بورمان الفني اللامحدود جعله يدرك جيدا من موقعه كمخرج سينمائي ورئيس سابق لأستوديوهات السينما في يرلندا، مدى صعوبة إنجاز فيلم جيد، هذا ما عبّر عنه في كلمة بمناسبة اختياره رئيسا للجنة تحكيم المسابقة، موجها التحية إلى كل الذين استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم طريقا إلى مراكش. وأضاف بورمان، المدير السابق للمعهد البريطاني للسينما، أن «الأهم في كل مهرجان ليس هو لجنة تحكيمه، بل الأفلام التي اختيرت للمشاركة في مسابقته الرسمية»، مشيرا إلى أنه ينتظر بشوق كبير مشاهدة الأفلام المتنافسة على جوائز مهرجان الفيلم الدولي في مراكش، خصوصا الأفلام الإفريقية.